في اليوم العالمي للترجمة.. من هو “أنيس عبيد” أشهر مترجمي الأفلام الأجنبية ومخترع أول آلة لطباعة الترجمة بمصر
“أنيس عبيد”, (1909–1988) مهندس مصري حاصل على درجة الماجستير من فرنسا, اشتهر بأعماله في ترجمة الأفلام إلى اللغة العربية, يعتبر “روميو وجوليت”, أول فيلم قام بترجمته في أربعينيات القرن الماضي. من أوائل من قاموا بدمج الترجمة على 16مم في العالم وانفرد بذلك على مدى 40 سنة. ذاع صيته حتى أصبح أشهر مترجمي الأفلام بالوطن العربي.
أسس “عبيد”, معامل “أنيس عبيد”, لتترجم عدداً مهولاً من الأفلام الأجنبية من بينها أغلب أعمال هوليود.
قامت معامل أنيس عبيد بالقاهرة بترجمة جميع أفلام هوليوود بدايةً من فيلم لص بغداد والطيب والشرس والقبيح، وأصبحت معامل أنيس عبيد هي الأشهر والأوسع انتشارا في مصر والعالم العربي في مجال ترجمة الأفلام.
مؤسس ذاكرة السينما أنيس عبيد
حصل “انيس عبيد” عن جدارة واستحقاق على لقب “المؤسس الأول للذاكرة السينمائية الأجنبية” لأجيال عربية عدّة.
تقول الكاتبة حميدة أبو هميلة: “لم نكن نسأل من هو، لفرط ما كان اسمه بديهيا مع أغلب المواد غير الناطقة بالعربية التي تعرضها الشاشات. كان الأمر مربكا جدا حينما نحاول أن نربط بين ترجمة الأفلام وبين كلمة “معامل”، فما علاقة الترجمة بالمختبرات؟! الحيرة جعلت أسئلة الصبا الساذجة تتوقف سريعا، لنعلم لاحقا كم كنّا مقصرين في حق البحث عن أصل جملة “طُبعت الترجمة في معامل أنيس عبيد بالقاهرة”. تلك العبارة التي تثير أسمى معاني الامتنان لرجل كان مخترعا وصانعا مهيبا، وحالما أيضا ومبادرا شجاعا. وعلى الرغم من أنه توفي في عام 1988 ولكنه قصته ما تزال مستمرة”.
مخترع أول آلة لطباعة الترجمة بمصر
أنيس عبيد، الذي درس الهندسة بمصر، بدأ نشاطه عن طريق آلة صنعها بنفسه، باعتباره مهندسا في الأساس، قام من خلالها بطبع الترجمة على الشريط السينمائي، وكان من أوائل من دمجوا الترجمة على فيلم 16 مللي بالعالم، وهي تقنية لم يكن معمولا بها فيما قبل بالمنطقة، فقد كان السائد أن يُترجم الفيلم على شريط منفصل يتم تحريكه يدويا، وهو أمر كان يعيق المشاهدة، بحسب ما ذكره عمر طاهر في كتابه، وأخذ أنيس عبيد على عاتقه أن يُدخل الترجمة إلى دور العرض المصرية على اعتبار أن العربية كانت اللغة الأولى للبلاد.
في عام 1944 عُرض أول فيلم مترجم من الإنجليزية إلى العربية خرج من معامل أنيس عبيد، وكان فيلم “روميو وجوليت”، وحقق نجاحا كبيرا حينها، واستقبله الجمهور بترحاب كبير، حيث ظهرت الترجمة للمرة الأولى في دور العرض المصرية أسفل الشاشة بشكل سلس لا يفصل المشاهد عن المتابعة، وتدريجيا بدأ في إنجاز أعمال أكثر، ثم توسّع بشكل ضخم في أوائل الستينيات من القرن الماضي، وكان يترجم كل الأعمال الأجنبية التي يعرضها التلفزيون المصري بمعامله.
الآلة التي ابتكرها أنيس عبيد، وكانت بطلا أساسيا معه في صنع تاريخه كرائد لترجمة الأفلام في مصر، ما تزال موجودة حتى الآن، وتواصل السيدة عزة عبيد كلامها “كانت آلة ضخمة مقارنة بالأدوات المستخدمة هذه الأيام، ونحتفظ بها في مخازن معاملنا مثلما هي”.
تؤكد عزة عبيد، التي تعمل في إدارة شركة أفلام أنيس عبيد مع أشقائها، أن والدها ظل يعمل حتى وفاته بتقنيات الترجمة التقليدية من خلال أدوات صعبة بالفعل وبها مشقة ومراحل كثيرة، حيث ظهرت الثورة الكبرى في عالم طباعة الترجمة على المواد المصورة عام 1996، حينما بدأت طباعة الترجمة باستخدام الليزر، أي بعد وفاته بـثماني سنوات، لافتة إلى أن الأمر بات أسهل كثيرا.
أنيس عبيد “ولد عام 1909 وتوفي عن عمر 79 عاما” اسم له ثقله، ودخل البيوت المصرية والعربية من أكثر الأبواب رسوخا وفنا، وبلا ضجيج، ومع ذلك تبدو المعلومات عنه شحيحة للغاية، ولا يتبين الناس شكله لندرة صوره المتداولة، حيث كان الراحل يفضل أن يعمل فقط، ولم يكن حب الظهور ضمن حساباته، وهو أمر تشرحه السيدة عزة “أبي لم يكن يحب الأضواء، كان يفضّل أن يظهر عمله إلى العلن، فيما هو لا يفضّل الظهور، ونحن أيضا نشأنا على هذه الأفكار، فعائلتنا تختار الانهماك والاجتهاد خلف الأضواء، وهو أمر مستمر حتى مع كل هوس السوشيال ميديا في الوقت الحالي”.