عمل بمهنة الآباء والأجداد في سن مبكرة، فوجد نفسه مولودا فوق دولاب الفخار وداخل حوض الطين الأسواني، فشب علي حب هذه الصناعة العريقة وأصبحت كالدم الذي يجري في عروقه، ورغم ما واجهته المهنة من صعوبات كادت تفتك بها، وتجعلها في طي النسيان، إلا أنه ما زال متمسكا بها لذلك أنشأ وشقيقه جمعية لحمايتها وحل مشكلاتها، هو «أسامة درويش علي» -41 عاما- الذي عمل بمهنة صناعة الفخار وعمره 6 سنوات..
يروي ذكريات الطفولة، مشيرًا إلي أنه كان يخرج من مدرسته متجهًا إلي ورشة والده بمنطقة عمرو بن العاص بمصر القديمة وكان يقلد والده في الجلوس علي دولاب الفخار يحاكيه في تجهيز الطين قبل تشكيله، حتي أتقن المهنة هذا إلي جانب حصوله علي شهادة دبلوم التجارة، ودراسته بالمعهد العالي للموسيقي العربية بالهرم.. وعندما بلغ سن 22 عاما احترف المهنة وأصبح فيها فردا منتجا، وأخذت ورشة والده يتسع نشاطها حتي أصبحت مصنعا وذلك بمساعدة أشقائه الثلاثة خلفا لوالدهم الذي ظل يعمل بالمهنة حتي 68 عاما ثم وافته المنية، وذلك طبقا لما ذكرته صحيفة روز اليوسف المصرية.
أسامة معتاد علي المشاركة بمنتجات ورشته بالمعارض السنوية والتي تقام بأرض المعارض بمدينة نصر كل عام، فضلا عن معارض وزارة الثقافة، كذلك يسعي لتسويق المنتجات الفخارية للخارج وبالتحديد إلي دول إيطاليا وإنجلترا، وألمانيا، وفرنسا، وهولندا، وبولندا، والجزائر. ويعاني أسامة وجميع أبناء مهنته من سماسرة الفخار الذين يصدرون منتجات الفخار لأنهم يأخذونها بأسعار زهيدة جدا رغم أنهم يصدرونها بأعلي الأسعار، ويوضح أن أسعار المواد الخام ارتفعت كثيرا في الآونة الأخيرة فضلا عن تكاليف المشال والنقل فمثلا سعر الطن الواحد من الطين الأسواني بعد نقله من مكانه إلي الكسارة وطحنه إلي أن يعجن يتكلف نحو 225 جنيهًا بعد أن كانت تكلفته 80 جنيها.
يتمني أسامة أن تتبني الدولة إقامة معرض دائم طوال العام لمنتجات الفخار بمنطقة مصر القديمة والأماكن السياحية حتي يتسني لأبناء المهنة التعامل مباشرة مع المسئولين عن التصدير دون وسطاء أو سماسرة مؤكدًا ضرورة اهتمام وزارة الثقافة في المساهمة بعمل الدعاية اللازمة لهذه المعارض.
ونبه أسامة علي أن «مهنة الفخار» تعرضت مؤخرًا للعديد من الأزمات منها هدم عشرات الورش بمنطقة بطن البقرة بمصر القديمة وذلك في إطار خطط التطوير من قبل المحافظة لإنشاء قرية للفخار مما دفع بعض أبناء المهنة إلي تغيير النشاط إلي مهن أخري كذلك وفاة البعض الآخر من أصحاب الورش والمصانع ولم يتسلم الورثة ورشهم الجديدة حتي الآن فضلا عن أن هذه الورش غير مكتملة المرافق.
ويتساءل أسامة: كيف يتم نقلنا إلي منطقة «شق الثعبان» بعد أن ارتبطت الفسطاط بمهنة الفخار؟ ولهذه الأسباب فكر أسامة مع أشقائه في إنشاء جمعية «الفسطاط لمصنعي الفخار والخزف» عام 2001 وذلك بهدف الحفاظ علي التراث وصناعة الفخار.. وجاهدوا في عدم خروج المهنة من منطقة مصر القديمة والفسطاط، وكان من المقرر تنفيذ مشروع قرية الفخار من قبل المحافظة عام 2006، لكن إلي الآن لم يحدث شيء، لكن الجمعية نجحت في عمل خطة تهدف إلي نقل المهن الدخيلة علي مهنة الفخار مثل الكسارات والجيارة والمحاجر إلي «شق الثعبان» وبالفعل هذا ما تم بالتعاون مع وزارة البيئة والتعاون الدولي ومحافظة القاهرة بعدما تأكدوا من أهمية هذه الخطة وفائدتها الجمة في الحفاظ علي هذا التراث الثمين.
هبة سالم