هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني، ينتهي نسبه إلى أنس بن مالك عالم المدينة. ولد بقزوين في حدود سنة 605 للهجرة، وتوفي سنة 682 هـ، اشتغل بالقضاء مدة، ولكن عمله لم يلهه عن التأليف في الحقول العلمية، فقدم أعظم نظرياته في الرصد الجوي.
كان “القزويني” كثير التأمل في خلق الله، موصياٌ بذلك مسترشدا بالقرآن الذى حثنا على النظر في مصنوعات وبدائع خلقه وليس التحديق والنظر فقط بل التفكير في حكمتها وتصاريفها، ليزداد الإنسان يقيناً، ويقر بأن التأمل أساسهُ خبرة بالعلوم والرياضيات بعد تهذيب الأخلاق والنفس، لتنفتح البصيرة ويري الإنسان العجائب التى لا يستطيع تفسيرها.
كان للقزويني العديد من الإسهامات العلمية في الجغرافيا والتاريخ الطبيعي، وشغف بعلوم الطبيعة والحياة لكن أعظم أعماله شأناً هي نظرياته في علم الرصد الجوي، ومن أشهر مؤلفاته كتابه المعروف “عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات” الذي وصف فيه السماء وما تحوي من كواكب وأجرام وبروج، وتكلم عن الأرض وتضاريسها، وعن الرياح والبحار والأحياء، والنبات والحيوان والجماد.
ويقول القزويني في الفلك : “لننظر إلى الكواكب وكثرتها، واختلاف ألوانها، فإن بعضها يميل إلى الحمرة، وبعضها يميل إلى البياض، وبعضها إلى لون الرصاص. ثم إلى سير الشمس في فلكها مدة سنة، وطلوعها وغروبها كل يوم لاختلاف الليل والنهار، ومعرفة الأوقات. ثم إلى جرم القمر وكيفية اكتسابه النور من الشمس، ثم إلى امتلائه وانمحاقه، ثم إلى كسوف الشمس وخسوف القمر، ثم إلى ما بين السماء والأرض من الشهب والغيوم والرعد والصواعق والأمطار والثلوج والرياح المختلفة المهاب..”
وفي علم الأرصاد الجوية يقول :”لنتأمل السحاب الكثيف، كيف اجتمع في جو صاف، وكيف حمل الماء وكيف تتلاعب به الرياح وتسوقه وترسله قطرات… فلو صب صباً لفسد الزرع بخدشه الأرض. ثم إلى اختلاف الرياح فإن منها ما يسوق السحب، ومنها ما يعصرها ومنها ما يقتلع الأشجار، ومنها ما يروي الزرع والثمار، ومنها ما يجففها…”.
وفي كتاب “عجائز المخلوقات” يتحدث القزويني عن الزوبعة فيقول :”هي الريح التي تدور على نفسها شبه منارة وأكثر، تولدها من رياح ترجع من الطبقة الباردة، فتصادف سحاباً تذروه الرياح المختلفة، فيحدث من دوران الغيم تدوير الرياح، فتنزل على تلك الهيأة، وربما يكون مسلك صدورها مدوراً فيبقى هبوبها كذلك مدوراً كما نشاهد في الشعر المجعد، فإن جمودته قد تكون لأعوجاج المسام وربما يكون سبب الزوبعة ريحين مختلفي الهبوب، فإنهما إذا تلاقيا تمنع أحداهما الأخرى من الهبوب، فتحدث بسبب ذلك ريح مستديرة تشبه منارة، وربما وقعت قطعة من الغيم وسط الزوبعة، فتذروها في الهواء، فترى شبه تنين يدور في الجو”.
من أشهر مؤلفات القزويني كتابه الشهير “عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات” وكتابه “آثار البلاد وأخبار العباد” الذي ضمّنه ثلاث مقدمات عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى، وخواص البلاد، وتأثير البيئة على السكان والنبات والحيوان، كما عرض لأقاليم الأرض المعروفة آنذاك، وخصائص كل منها، ويضم هذا الكتاب أخبار الأمم وتراجم العلماء والأدباء والسلاطين، وأوصاف الزوابع، والتنين الطائر أو نافورة الماء وغير ذلك