أظهر بحث أجراه الدكتور “محسن علي جنيدي” – أخصائي الباطنة والسكري بمستشفى “الرقعي” بدولة الكويت- حول الطريقة المناسبة “للحمية”، أن الأساس العلمي لم يكن السبيل الأمثل لاختيار “الحمية” المناسبة للفرد، وذلك لأن الكثير من الأنظمة الغذائية ليس لها أساس علمي، ولأن الفرد يمكن أن يكتسب وزنه بسرعة ويخسره بسرعة أيضاً، فهناك الكثير من الأفراد جربوا أساليب مختلفة من الحمية، ولم يلتزموا بأسلوب حياة يساعد على التخلص من البدانة، ولذلك فشلوا في الوصول إلى الجسم الرشيق والصحي.
وقال د.جنيدي إن “الحمية” الأفضل لك هي التي تستطيع أن تلتزم بها ومن ثم لا يهم “الأساس العلمي” كثيرا ، وذلك بعدما ثبت فشل العديد من الأفراد الذي يتجهون لاتخاذ أساليب مختلفة من “الحمية” للتخلص من الوزن الزائد، ولا يستطيعون الوصول إلى النتائج المرجوة، وذلك نتيجة لعدم قدرتهم على الاستمرار مع الأسلوب الذي اختاروه بأنفسهم.
والبحث عن الجسم الصحي حلم يداعب النساء والرجال على السواء، وخاصة في المنطقة العربية التي تزايدت فيها أعداد المصابين بالبدانة والتي تؤدي إلى مخاطر كبيرة على الصحة العامة لما ينتج عنها من أمراض خطيرة، ووسط هذا الكم الكبير من “الحميات” الغذائية المختلفة والأدوية المنتشرة تتملك الحيرة الأشخاص عندما يتبعون أساليب “رجيم” تتيح لهم الوصول إلى جسم مثالي، وتتعدد الأسئلة لديهم حول مواصفات هذا “الرجيم” ومدى فاعليته وتأثيره على الصحة.
أشار د . جنيدي إلى وجود أنواع كثيرة من “الحمية” تقدمها وسائل الإعلام، ولكنها في الغالب تفتقد الأسلوب العلمي الذي يهتم بأسلوب الحياة لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة، ورغم أنها قد تؤدي إلى نتائج في البداية إلى أن تلك النتائج لا تستمر طويلاً، ففي “الحميات” السريعة فإن الوزن الذي يتم خسارته هو عادة مزيج من الماء والعضلات وقليلا من الشحم والأسوأ من ذلك أن خسارة الوزن يتبعها زيادة بعد إيقاف “الحمية”، والكثير من الناس يلاحقون الحميات الجديدة المبتدعة أو “الموضة”، ويدخلون في ما يسمى متلازمة “اليويو” من نقص الوزن ثم استعادته سريعاً بعد توقف الحمية.
وهناك حقيقة يجب أن يعرفها كل إنسان يريد أن يتبع حمية وهي – وفق بحث د . جنيدي – أن خسارة الوزن هي معادلة بسيطة جداً، وهي كمية السعرات الحرارية المتناولة الداخلة للجسم ناقص السعرات الحرارية المستهلكة تساوي خسارة الوزن أو زيادته أو المحافظة عليه.
وبالتالي لا يستطيع أي نظام غذائي أو دواء أو مكمل غذائي تغيير هذه المعادلة، فإنقاص الوزن مرتبط بتناول سعرات حرارية أقل و الإكثار من النشاط والحركة، أما أساليب الحمية التي انتشرت مؤخرا في وسائل الإعلام من إعلانات عن “كريمات للنحافة” وما شابه ذلك فهي مضلله ولاتفيد على المدي البعيد وغالبا ما تعود إلى نقطة الصفر فى أسرع وقت.
والطريق الصحيح في إنقاص الوزن يبدأ بالتأكد من أن الحمية التي يتبعها الفرد موضوعة من قبل خبراء التغذية وليست نتيجة اجتهادات شخصية ودعاية اعلانية حتى تكون مناسبة وتؤدي لنقص وزن بطيء ومستمر، بحيث تتيح ممارسة الرياضة واحتساء كميات وافرة من الماء وتناول أغذية متنوعة من جميع المجموعات الغذائية (النشويات، الكربوهيدرات) وألا تقتصر على نوع واحد من الأطعمة –مع مراعاة التقليل من كميات الطعام- ، كما تسمح بتناول وجبات خفيفة بين الوجبات الرئيسية، بالإضافة إلى عدم اعتمادها على المكملات الغذائية.
وينصح المتخصصون بأن يختار الفرد نظاما غذائيا لا يشعره بالجوع ويسمح له بتناول طعاما غنيا بالماء والألياف مثل الشوربة والفواكه والخضار، وهذه الأطعمة تملأ المعدة وتخفف من الشعور بالنهم وبالتالي تساعد في الالتزام أكثر بالحمية، والعكس صحيح في الحميات الخالية منها.
بالإضافة إلى ذلك فإن الماء والألياف تشعر الفرد بالشبع وامتلاء المعدة، كما تعطي سعرات حرارية قليلة في نفس الوقت، وإذا تمت إضافة اللحوم الصافية مثل الدجاج والسمك أو البروتينات النباتية إلى النظام الغذائي تخفف الشعور بالجوع وتشعر الفرد بالطاقة لساعات طويلة.
ينصح الدكتور ” جنيدي” بأن يضع الشخص لنفسه خطة للتغذية بعد استشارة خبير التغذية، فما يفيد بعض الناس قد لا يناسب الآخرين، فالموضوع يتلخص في مدى قدرة الفرد على إتباع طريقة الحمية التي يستطيع الاستمرار فيها دون الإخلال بها.
وللوصول إلى تلك الخطة المناسبة للحمية، يجب الإجابة على الأسئلة التي طرحها البحث الخاص بالدكتور “جنيدي” قبل الالتزام بأي حمية أو نظام غذائي حتى يتأكد الفرد من ملائمتها له وأنها تؤتي بنتائج ايجابية فعالة فى أسرع وقت دون العودة مرة أخري للزيادة فى الوزن وهي كالتالي:
إذا كانت الحمية المفترضة تشجع على تناول ست وجبات باليوم بالرغم من قدرة الفرد على تناول وجبتين فقط فى اليوم، فإن نجاح هذه الحمية لن تستمر بغض النظر عن الجانب الصحي فيها، فلابد من الإجابة على السؤال حول كون الحمية مناسبة فى السفر أو لدي تناول الطعام خارج المنزل، وهل يمكن لأي شخص من العائلة اتباعها أم أنها مقتصرة على شخص بعينه، وما إذا كانت تحتاج الى طبخ وتحضير خاص، والأهم من ذلك هو قدرة الفرد على الالتزام بالأوقات المخصصة للوجبات الرئيسية والوجبات الخفيفة .
بعض الحميات تشجع على الكثير من الرياضة والأخرى تكتفي بالحركة والنشاط، فإذا كان الشخص يعيش حياة مرفهة فإن ممارسة الرياضة لساعات في النادي سوف تكون ذات فائدة واضحة، ولكن ربما لن يستمر طويلاً؛ ولذلك عليه اختيار النظام الذي يحتوي على الرياضة أو الجهد الذي يناسب شخصيته، ويمكن أن يقوم بها بشكل منتظم، ويمكن أن يزيدها ببطء والأفضل أن يكون النشاط الفيزيائي أمرا يستمتع به ويحبه حتى لو كان عملاً بالحديقة أو مشياً أو حتى تنظيف المنزل، ولا يشترط أن تكون الرياضة نظامية أو تحتاج إلى معدات خاصة ولكن أي شيء يزيد من حركة الجسم بشكل عام.
بعض الحميات الغذائية تستبدل الطعام بالشراب في بعض الوجبات والبعض يفضل الطعام، وكذلك الأمر فإن النظام الغذائي الذي يتطلب أطعمة غير اعتيادية أو تحضيراً قد يستفيد منه بعض الناس الذين لديهم الوقت الكافي أو المال اللازم ولكن الآخرين وربما الأغلبية لن يتحملوها، فلابد من التأكد أن أطعمة الحمية لذيذة وسهلة التحضير وموفرة للوقت ومناسبة للمستوي الاقتصادي للفرد.
وتحتوي بعض الحميات على قائمة طويلة من الأغذية الممنوعة وقليلة هي الاستثناءات، والاستجابة لهذا الأمر مختلفة، فبعض المرضى يحرض الشعور بالحرمان لديهم الشعور بالنهم الزائد والأكل، ولكن البعض قد يشعر بتحسن إذا حذفت “الأغذية المحفزة”.
يجب أن تحرق الكثير من السعرات الحرارية لإنقاص الشحوم، حيث أن نصف كغ من الشحم يعادل 3500 “كالوري”، ولذلك يجب الانتباه أن الفقدان السريع للوزن في بداية الحميات الغذائية عادة ما يكون على حساب السوائل أو الماء في الجسم في الأغلب وليس الشحوم, كما في الحميات منخفضة الكربوهيدرات بشدة لان الجسم ينتج الماء عندما يضطر لاستعمال مصادر الطاقة الأخرى.
وينصح خبراء التغذية بالفقدان البطيء الثابت للوزن حتى يكون آمنا وصحيا دون أن يعرض الفرد لمخاطر صحية جسيمه، ويكون ذلك بمعدل نصف كيلو أسبوعياً والطريقة المثلي لتحقيق ذلك بانقاص ما مقداره 500 كالوري فى اليوم من خلال حميتك المعتادة والتمارين الرياضية.
النظام الغذائي الأفضل هو الذي لا يجعل الفرد يشعر بأنه يتبع حمية؛ لأن هذا يُشعر الشخص “بالاضطهاد” وقد يخلق وسواس الطعام ويزيد النهم، فالحمية تساعد على كسر العادات الغذائية السيئة التي يمارسها الشخص مثل تناول الطعام عند مشاهدة التلفاز لساعات طوال أو أثناء الطبخ أو تناول المتبقي من وجبة طفلك، فيجب التخلص تدريجيا من تلك العادات بالحرص على أن يتداخل هذا النظام الجديد في نظام حياة الفرد ببطء حتى يكون جزءا منها.
بعض أنظمة الحميات تستدعي تغيرات مهمة والأخرى تحرض على تغيرات صغيرة متدرجة، وكلما كانت التغيرات المطلوبة اكثر كان من الصعب إتباعها، ولذلك يفضل البحث عن النظام الغذائي الذي يغير العادات الغذائية لدى الفرد تدريجياً، وكذلك زيادة نشاطه بالتدريج إلا إذا كان من هواة البحث عن التحدي الحقيقي.
الحميات الصحية لا تحتاج استعمال المكملات الغذائية ما عدا الفيتامينات ولا يوجد دليل على الحاجة للمكملات، فأية حمية أو نظام غذائي تحتاج إلى مكملات أو مشروبات أو حبوب خاصة قد لا تكون الحمية الصحيحة التي يجب إتباعها، ويفضل الابتعاد عنها.
بعض الناس يفضل الحمية التي تتطلب أغذية خاصة والبعض يفضل المرونة في وضع الخيارات الغذائية، فيجب التأكد من أن الحمية تسمح بالأغذية الكافية والسعرات اللازمة للحاجة اليومية المتناسبة مع وزن الجسم وجنس وعمر الفرد، وكمية الجهد الذي يبذله، وهناك معادلات خاصة يجريها أخصائي التغذية لحساب ذلك للوصول إلى الجسم المثالي في نهاية المطاف.
إسلام نبيل