خلصت دراسة العلاج بالإشعاع.. دواء قد يجلب الداء أجراها باحثون في “مستشفى جنيف الجامعي” بسويسرا مؤخراً، إلى ارتفاع احتمالات الإصابة بسرطان القولون عند الرجال الذين يخضعون لعلاج سرطان البروستاتا بالإشعاع، وقال الفريق البحثي الذي أعد الدراسة “إن احتمالات الاصابة بسرطان ثان بسبب العلاج بالاشعاع ضئيلة لكن يتعين متابعتها بعناية”.
وأستندت نتائج الدراسة على تحليل بيانات 1134 رجلاً مصابين بسرطان البروستاتا بين عامي 1980 و1998 عاشوا لمدة خمسة أعوام على الأقل عقب التشخيص وخضع 246 مريضاً منهم لعلاج خارجي بالإشعاع.
وخلال فترة المتابعة أصيب 19 مريضاً من المجموعة بسرطان المستقيم، ولكن لم تزد مخاطر الإصابة بسرطان المستقيم بين الرجال الذين لم يخضعوا للعلاج بالإشعاع مقارنة بالعدد الإجمالي، وكانت أعلى عن المتوسط المعتاد بين الرجال الذين خضعوا للعلاج الاشعاعي.
جاء ذلك فيما تؤكد الدراسات الطبية أن الإفراط في استخدام المسح التشخيصي بالأشعة المقطعية الحاسوبية (سي تي)، ينجم عنها مخاطر مصدرها الأشعة السينية القوية، وعلى الرغم من أن هذا الفحص لا يسبب ألماً عدا بعض الضيق للثبات على السرير وكذلك بعض الحرقان فى بداية حقن الصبغة (وهي تساعد على إظهار الأوعية الدموية وتحديد أوضح للتورمات والأورام)، إلا أن من الممكن حدوث بعض المضاعفات نتيجة حقن الصبغة الوريدية فى بعض المرضى الحساسين “للأيودينو”، وفى حالة ضرورة عمل الفحص يمكن أخذ مضادات حساسية ومثبطات لجهاز المناعة قبل إجراء الأشعة.
الإشعاع عدو قاتل
“الفحص بالأشعة” ليس بالصديق الحميم كما يعتقد الكثيرون، ولكنه عدو متمكن قاتل كما يقول الأكاديمي الأمريكي “أرك هول” في كتابه “الإشعاع والحياة” الذي يشرح خلاله مخاطر الأشعة على جسم الإنسان بالتركيز على الإشعاعات الذرية التي تعد العدو الأول للبيئة والحياة.
وتشير الدراسات إلى وجود مخاطر محتملة على الجنين عند فحص المرأة الحامل “بالأشعة السينية”، ولذلك ينصح الأطباء بأخذ الحيطة عند إجراء أي فحص باستخدام “الأشعة السينية” أثناء فترة الحمل خصوصاً في الثلاثة شهور الأولى للحمل، وذلك لأن الجنين في طور التخلق والنمو وتكاثر الخلايا وتطورها بشكل سريع مما يجعلها أكثر حساسية وأكثر عرضة لأضرار ومخاطر الأشعة.
وتؤدي التأثيرات الإشعاعية إلى تغيرات إحيائية (بيولوجية) في خلايا الجسم، خصوصاً إذا كان التعرض للأشعة متقدماً في السنً، فإذا ما حصلت هذه التغيرات الإحيائية بشكل واسع في خلايا الجسم فقد تظهر على شكل تأثيرات جسدية مبكرة على الشخص المتعرض “للأشعة السينية”.
ومن أمثلة هذه التأثيرات الحروق الإشعاعية (مرض الحمامى) التي تظهر على الجلد، وتساقط الشعر، وهذه التأثيرات تظهر بعد فترة وجيزة نسبياً “من أسبوع إلى عدة أسابيع” بعد التعرض الشديد للأشعة.
وهناك تأثير جسماني آخر من المحتمل أن يظهر بعد سنوات عديدة من التعرض للأشعة وهو مرض السرطان، وإن كان احتمال الإصابة بهذا المرض ضئيل جداً، ولكن إذا أخذنا أعداد المرضى ككل الذين يتعرضون “للأشعة السينية” سنوياً فإن هذا الاحتمال الضئيل سيزداد، كما يزداد بزيادة الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها.
و”للأشعة السينية” تأثيرات وراثية أيضا، وهي تلك التأثيرات التي تحدث نتيجة تلف الخلايا التناسلية في الخصيتين والمبيضين عند تعرضها لحزمة مكثفة من هذه الأشعة، وفي هذه الحالة يمكن أن ينتقل التلف إلى ذرية الشخص المتعرض للأشعة ومن ثم إلى الأجيال التالية بالوراثة، ولا يظهر هذا النوع من التأثيرات عادة على الأشخاص المتعرضين للأشعة إلا في حالة حدوث العقم.
ومن ناحية أخرى هناك مخاوف من النمو السرطاني في خلايا الثدي لدى النساء اللواتي يتعرضن للعلاج بالإشعاع من سرطان الغدد الليمفاوية، حيث أكد الباحثون على ضرورة متابعة السيدات اللائي تمت معالجتهن من مرض السرطان بسبب المخاوف من أن يكون العلاج قد تسبب في إصابتهن بنوع آخر من المرض.
وتشير نتائج الدراسات إلى أن النساء اللائي عولجن بالإشعاع من سرطان الغدد اللمفاوية تزيد احتمالات إصابتهن بسرطان الثدي في مراحل متأخرة من أعمارهن.
العلاج بالإشعاع.. دواء قد يجلب الداء!
ينقسم العلاج والفحص بالأشعة إلى عدة أنواع ومن أشهرها تلك الأشعة التشخيصية التي تستخدم لتصوير أجزاء الجسم المختلفة كالأطراف، كأشعة الصدر العادية، وتصوير الجمجمة، وتصوير الكسور، وهذه تعطي صورة عادية على فيلم أشعة، حسب حجم الجزء المراد تصويره ونوع الأشعة المستخدم هو الأشعة السينية، أو “الأشعة المؤينة”.
وهناك “أجهزة التنظير” وهذه أيضاً تستخدم الأشعة “السينية” أو أشعة “إكس” وعادة ما يعطى المريض صبغة ملونة تؤخذ عن طريق الفم لفحص الجهاز الهضمي أو تعطى عن طريق الوريد لتصوير الكلى والجهاز البولي أو لتصوير الأوردة، وهذا النوع من الأشعة يستخدم في تصوير المثانة والجهاز البولي بحقن المادة الملونة مباشرة في المثانة أو المجاري البولية، كذلك بالإمكان تصوير الرحم وقنوات الرحم وذلك لتشخيص أسباب العقم عند النساء.
ويستخدم جهاز تصوير الثدي وهو جهاز خاص لاكتشاف وتشخيص أورام الثدي والاكتشاف المبكر للأورام وبالإمكان أخذ عينات من هذه الأورام عند الحاجة بمساعدة هذه الأجهزة، وهناك اتجاه في كثير من الدول المتقدمة إلى استخدام هذا النوع من الأشعة كإجراء وقائي روتيني للنساء في الأعمال المتوسطة وذلك للمساعدة في الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي.
أما جهاز “الأشعة المقطعية بالكمبيوتر” فيستخدم لتصوير الأجزاء المختلفة من الجسم كالرأس، العنق، الصدر، البطن والحوض أو العمود الفقري وحتى الأجزاء المتناهية الصغر في الجسم كالغدة النخامية والغدة فوق الكلوية يمكن تصويرها بسهولة بالغة، كما أن هذا النوع من الأشعة يمكن استخدامه في تصوير الرأس والصدر أو البطن في حالات الحوادث عند الكشف عن مكانية وجود نزيف داخلي أو اصابات مباشرة للأعضاء داخل البطن أو الصدر.
وفي كثير من حالات التصوير “بالأشعة المقطعية” وخاصة في حالات تصوير البطن والحوض يحتاج المريض لأخذ المادة الملونة عن طريق الفم بالاضافة الى حقنة ملونة تعطى للمريض عن طريق الوريد، وهذه التي تسمى “الأشعة المقطعية باستخدام الصبغة، هذا النوع من الأجهزة بامكانه تصوير مقاطع من الجسم يصل سمكها إلى 1ملم، وهو السبب الذي يجعل بالامكان تصوير أجزاء صغيرة من الجسم مثل الأذن الداخلية والغدة النخامية التي لا يتجاوز حجمها 1سم.
وتطورت أجهزة “التصوير المقطعي بالكمبيوتر” تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة وتم تطوير الأجهزة المقطعية الحلزونية والتي أصبحت أكثر دقة بالإضافة إلى التقليل من كمية الأشعة التي يتعرض لها المريض، وذلك بسبب السرعة الفائقة التي يتم بها الفحص.
وهناك التصوير بالموجات فوق الصوتية، وهذا النوع من التصوير الطبي يستخدم موجات فوق صوتية يتم توجيهها إلى داخل الجسم، وترتد الموجات الصوتية بدرجات متفاوتة ويتم إلتقاطها وتسجيلها بواسطة أجهزة بالغة الحساسية ومن ثم تحويلها إلى صور تمثل الجزء الذي ارتدت منه الموجات الصوتية.
ويتم تصوير الأوردة والشرايين والأشعة التداخلية، من خلال ما يسمى “بالقسطرة” وهو أسلوب معروف لدى الكثيرين، حيث يتم إدخال “قسطرة” داخل الشريان أو الوريد المراد فحصه وباستخدام صبغة ملونة يتم حقنها داخل الشريان أو الوريد ومن ثم الحصول على صور ملونة للأوردة والشرايين، وبالإمكان تصوير أوردة وشرايين الرأس والعنق كذلك بالإمكان تصوير جميع الأوردة والشرايين في الصدر، البطن، الحوض وكذلك شرايين الأطراف العليا أو السفلى، وأثناء إجراء هذا النوع من الفحوص التشخيصية يمكن لطبيب الأشعة إجراء بعض الخطوات العلاجية مثل توسيع الشرايين المتضيقة أو المسدودة كما يمكن في بعض الحالات تثبيت قساطر من نوع خاص للإبقاء على الشرايين أو الأوردة الضيقة مفتوحة.
وتطورت “الأشعة التداخلية” التي كان المقصود منها إجراء بعض الفحوصات التشخيصية ومن ثم إجراء بعض الخطوات العلاجية لبعض الحالات دون الحاجة الى تدخل جراحي أو اجراء عمليات جراحية، بحيث يمكن تصوير الشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب وتشخيص أمراضها المختلفة وتوسيع الشرايين عند الحاجة إلى ذلك.
وأخيراً هناك التصوير “بالرنين المغناطيسي” وهو أسلوب لا يستخدم الأشعة السينية أو المؤينة، وإنما يستخدم مجال مغناطيسي يوضع فيه المريض يمكن الحصول على صور في غاية الوضوح ويتميز أنه بالإمكان الحصول على صور للجزء المراد تصويره في أي اتجاه سواء رأسي أو أفقي أو محوري، وقد تطور هذا النوع من التصوير الإشعاعي في السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً وصار بالإمكان الحصول على أدق التفاصيل للجزء المراد فحصه.
ومن أهم فحوصات “الرنين المغناطيسي” تصوير المخ والجهاز العصبي والحبل الشوكي بالاضافة إلى تشخيص أمراض العمود الفقري والانزلاق الغضروفي، كما يستخدم أيضاً في تصوير المفاصل والجهاز العضلي بشكل عام وخاصة إصابات الملاعب والحوادث، وبشكل عام يمكن استخدام هذا الجهاز في تصوير جميع أجزاء الجسم الأخرى، الصدر، البطن، الحوض، كما يمكن باستخدام تقنيات معينة في هذا الجهاز تصوير الأوردة والشرايين دون اللجوء إلى القسطرة.
خالد موسى