Table of Contents
من هو كيزيتو أوديامبو؟
كيزيتو أوديامبو هو شاب كيني طموح، ولد عام 1987 في قرية صغيرة بمقاطعة سيايا. نشأ كيزيتو في أسرة فقيرة تعتمد على الزراعة كمصدر رزق. عاش طفولة صعبة، حيث عانى من نقص الغذاء والمياه النظيفة.
الزراعة أمرٌ محوريّ للأمن الغذائي في كينيا
حديقةٌ خاصة تعني القليلَ من السعادة؟ يبتسم كيزيتو أوديامبو بلطف، ثم يعلو صوتُه بالضحك من فكرة اقتلاع العشب الضار ونثر بذور الفاكهة وحصد الخَضراوات، في بستانٍ ألمانيّ، خلال عطلة نهاية الأسبوع. فيقول: “لا، لا. صحيحٌ أنه كانت لدينا حديقة، لكنني في الحقيقة لا أملك أيَّ مهاراتٍ في البستنة”.
قد يبدو هذا مدهشًا في البداية، لأن الشاب الكيني البالغ من العمر 33 عامًا أسَّس منصة تكنولوجيا مالية في دارمشتات في منطقة الراين-ماين، حيث تتناول زراعة الخَضراوات والحبوب والبقوليات في مساحاتٍ صغيرة، إلا أن ذلك لا علاقة له بالبساتين الألمانية. تدعم أجريبورا (Agribora) -وهو اسم المنصة الرقمية- صغارَ المزارعين في كينيا لتحسين محاصيلهم.
تُمثِّل الزراعةُ أحدَ العوامل الاقتصادية المحورية في كينيا. الكثيرُ من الأشخاص هنالك صغارُ مزارعين. يمدّون أسرَهم بالأغذية التي يزرعونها، ويبيعون بعضًا منها، فيتوفَّر لهم مصدرٌ للدخل. ومن ثم تعتمد حياتُهم وحياةُ أسرهِم على الزراعة. ولكن بسبب تغيُّر المناخ، تطرأ تقلُّباتٌ متكررة في مقدار المحاصيل، ممَّا يُعرِّض معيشةَ صغار المزارعين للخطر، ومعها الأمنَ الغذائي في البلاد.
كيف تعمل منصة أجريبورا على تعزيز الاقتصاد الزراعي الكيني
تعمل أجريبورا -الاسمُ مشتقٌ من الكلمة اليونانية “Agros” التي تعني “حقل” والكلمة السواحيلية “Bora”، التي تعني “أفضل”- على حماية زراعة الأغذية ومن ثم حماية مصدر دخل السكان. وتربط الشركةُ الناشئةُ صغارَ المزارعين بعضهم ببعض على منصة، وتمدُّهم بمعلوماتٍ في مجالاتٍ كثيرة، من بينها توقُّعات الطقس، ممَّا يمنح المستخدمين القدرةَ على تحديد أفضل وقت لنثر البذور والحصاد. وتستخدم أجريبورا لهذا الغرض بيانات الأقمار الصناعية من وكالة الفضاء الأوروبية (ESA). ويقع مركز التحكُّم بالأقمار الاصطناعية (ESOC) (مركز عمليات الفضاء الأوروبي) في المنطقة المجاورة لمكتب كيزيتو أوديامبو في دارمشتات مباشرةً. يقول أوديامبو: “وكالة الفضاء الأوروبية من أهم الداعمين لمنصة أجريبورا، فنحن نتلَّقى بالفعل دعمًا ماليًّا من الوكالة في جولة تمويل ثالثة، كما يدعمنا مستثمرون ألمان أيضًا”.
دراسةٌ جامعية في ألمانيا بعد السنة الاجتماعية التطوعية
يندهش أوديامبو نفسُه أحيانًا من كونه يعمل في الزراعة الآن؛ فبعد حصوله على الشهادة المدرسية في كينيا، قرَّر في البداية خوضَ سنةٍ اجتماعية تطوعية في مؤسسةٍ لرعاية الأطفال والمراهقين المُصابَين بإعاقةٍ عقلية في شمال ألمانيا. يتذكَّر قائلاً: “كانت المؤسسة ترغب في بقائي، لكن كانت لديّ خطةٌ أخرى. أردتُ أن أصنع سيارات، ولأن ألمانيا معروفةٌ بصناعة السيارات، قررتُ أن أدرسَ الهندسةَ في دارمشتات”. ويقول إنه عَمِل في أثناء دراسته كطالب عامِل في شركة أوبل لصناعة السيارات. وكان يُرسِل جزءًا من راتبه إلى والدته في كينيا، حيث أصبحت مُزارِعةً صغيرةً على ضفاف بحيرة فيكتوريا، وتمكَّنت بهذا المال من شراء البذور والأسمدة.
“وفي زيارةٍ إلى هناك، لاحظتُ مدى قدرتهم على التحسُّن وكيف يتمكَّنون من زيادة محاصيلهم، وهنا ظَهَرَ المهندسُ الذي بداخلي”. حيث اعتقد أوديامبو أنه إذا تمكَّنت والدتُه وغيرُها من صغار المزارعين من الوصول إلى بيانات الطقس، فسوف يمكنهم من ثم تنظيم نثر البذور والحصاد وفقًا لهذه البيانات. لقد رأى في ذلك فكرةً مربحة: لقد أراد تزويدَ المزارعين بالمعلومات عبر الرسائل النصية مقابل مبلغ مالي صغير. “أُعجبت والدتي بالفكرة، ونظَّمنا لقاءً مع صغار المزارعين الآخرين. لكن فجأةً وقفت إحداهُن، وقالت إنها أُعجبت بالاقتراح، لكنها لن تدفع المالَ أبدًا مقابل هذه المعلومات”.
منصة تكنولوجيا مالية لقطاع الزراعة
لقد كانت هذه المُزارِعة بحاجة إلى المال لشراء البذور، وفي الواقع كانت تحتاج كذلك إلى شخصٍ يأخذ منها المحصول. يقول أوديامبو: “كان اسمها كليمنتين. وأنا ممتنٌ جدًّا حتى يومنا هذا لاعتراضها ذاك؛ لأنه كان صميمَ فكرة عملي لاحقًا. إن الأمر لا يتوقَّف عند مجرد معلومات صحيحة عن الطقس. يجب أن تكون هناك أيضًا هياكل يتمكَّن عن طريقها صغارُ المزارعين من التواصل مع بائعي البذور والأسمدة ومع مشترين لمحاصيلهم، على سبيل المثال”. وثمة نقطةٌ أخرى مهمةٌ للغاية: من يرغب في تأمين معيشته من قطاع الزراعة، يحتاجُ غالبًا إلى رأس مالٍ صغير لبدء العمل. لكن البنوك كانت تتجنَّب في كثيرٍ من الأحيان مَنْحَ صغار المزارعين قروضًا صغيرة كهذه. ويُوضِّح أوديامبو قائلاً: “يحدث ذلك لعدة أسباب، من بينها أنهم لا يملكون ما يكفي من المعلومات والبيانات حول المُقترِض المحتمل”.
كيف بدأ مشواره في الزراعة الرقمية؟
بعد حصوله على شهادة الدراسة الثانوية، سافر كيزيتو إلى ألمانيا لخوض تجربة تطوعية في رعاية الأطفال ذوي الإعاقة. هناك، تعرّف على تقنيات الزراعة الحديثة، وبدأ شغفه بمجال الزراعة الرقمية.
إنجازاته في مجال الزراعة الرقمية:
- أسس كيزيتو شركة “أجريبورا” عام 2014، وهي منصة تكنولوجيا مالية تهدف إلى تمكين صغار المزارعين في إفريقيا من خلال توفير حلول ذكية لتمويل الزراعة.
- ساعدت منصة “أجريبورا” أكثر من 100,000 مزارع في الحصول على قروض زراعية، وتحسين إنتاجية محاصيلهم، وزيادة دخلهم.
- حصل كيزيتو على العديد من الجوائز العالمية تقديرًا لإنجازاته في مجال الزراعة الرقمية، منها جائزة “رواد التغيير” من مؤسسة “أشوكا” عام 2017.
التحديات التي واجهها:
- واجه كيزيتو العديد من التحديات في بداية مشواره، مثل نقص التمويل، وصعوبة الوصول إلى صغار المزارعين في المناطق الريفية، وقلة الوعي بأهمية الزراعة الرقمية.
رؤيته للمستقبل:
يسعى كيزيتو إلى توسيع نطاق عمل منصة “أجريبورا” لتشمل المزيد من الدول الأفريقية، ومساعدة المزيد من المزارعين على تحسين حياتهم. كما يطمح إلى تغيير نظرة المجتمع إلى الزراعة، وجعلها مهنة جذابة للشباب.
كيزيتو أوديامبو هو نموذج ملهم للشباب الأفريقي. لقد أثبت أن الإرادة والعزيمة يمكنان التغلب على أي تحدٍّ، وأن التكنولوجيا يمكن أن تلعب دورًا هامًا في تحسين حياة صغار المزارعين في إفريقيا.