«البارانورمال» مصطلح يجمع كل الظواهر الغريبة والخارقة كالتخاطر والسحر والاتصال بالجان وتحضير الأرواح . وبما أن هذه الأمور حقائق مؤكدة – في عرف البعض – تظهر بين الحين والآخر اختراعات غريبة تحاول التعامل معها والتواصل من خلالها .. ومن أغرب الاختراعات التي ظهرت في العام المنصرم هاتف جوال قدمه المخترع الألماني سامرياس فوج يدعي قدرته على الاتصال بعالم الأموات ودنيا الأرواح . وهو في الحقيقة (هاتفان) يظل الأول مع صاحبه «الحي» والثاني يضعه في تابوت «أي ميت» يأخذه معه إلى حيث … «يتواجدون» ..
والغريب أن هذا الاختراع لقي إقبالا حقيقيا وباع في أول شهرين 14 ألف جهاز في ألمانيا وحدها، وعلى أي حال فكرة هذا «الجوال» لا تعد جديدة ولا فريدة من نوعها ؛ فمحاولة اختراع تلفون يتصل بالأموات جربت سابقا من قبل مخترعين معروفين بسمعتهم الحسنة . فالمخترع الأمريكي توماس اديسون مثلا (الذي سجل باسمه ألف اختراع من بينها مسجل الصوت والمصباح الكهربائي) كان يؤمن بإمكانية الاتصال بالأموات وحاول ابتكار جهاز يتصل بهم دون اللجوء ل «جلسات تحضير الأرواح» أو «وسيط» يخدع الحضور ويتلاعب بمشاعرهم !!!
ومن جهة أخرى ابتكرت شركة يابانية تدعى سوليد أليانز – في يوليو الماضي – راداراً شخصياً محمولاً يكشف الأشباح ويتتبع الأرواح (ويصرخ «بيب بيب» حين يمر بقربه جني غريب) .. وهذا الاختراع ذكرني على الفور بفيلم كوميدي يدعى صائدو الأشباح (أو Ghostbusters) تدور قصته حول ثلاثة أصدقاء ينشئون مؤسسة متخصصة لاصطياد الأشباح وتخليص البيوت منها .. ولانجاز هذه المهمة الغريبة يستعملون أجهزة خاصة – مثل سيارة مجهزة بقفص مغناطيسي لحجز الأشباح، وبنادق كهربائية تطلق صواعق قاتلة، ورادارات خاصة تتتبع حركة الأرواح داخل المنزل !!
وكعادة اليابانيين في استغلال كل هوس جديد حاولت شركة سوني (بعد نجاح الفيلم) تسويق كاميرا محمولة لتصوير الأشباح المزعومة ؛ فقد لاحظت أن معظم الزبائن – حين يلتقطون صورة لقريب او صديق – يلتقطون معها شبحا غريبا أو طيفا بعيدا يشاركه نفس الصورة .. وبصرف النظر عن التفسير الحقيقي لهذه الظاهرة يعتقد معظم الناس (وهذا ما وجدت فيه سوني فرصة للكسب) أنها صور أشباح حقيقية وأرواح بشرية استطاعت الكاميرا – بطريقة ما – صيدها واحتجازها .. غير أن سوني تراجعت لاحقا عن المشروع خوفا على سمعتها أولا – ولعجز النماذج الأولية عن التقاط «الأشباح» ثانيا …
… أما الاختراع الذي لم أفهم طريقة عمله فعلا فيهدف إلى قياس مشاعر الأمم و«مستوى الضمير» حول العالم .. وهو عبارة عن صناديق إلكترونية سوداء موزعة في دول مختلفة – لا يعرف أحد بالتحديد كيف تعمل – .. ومع هذا يمكن القول إنها تشبه «صندوق الطائرة الأسود» من حيث تسجيلها لردود فعل الشعوب المختلفة على المآسي والأحداث العنيفة كتفجيرات سبتمبر وصور التعذيب في سجن أبو غريب .. وهذه الصناديق تتصل بصندوق رئيسي كبير (في جامعة أدنبرة في اسكتلندا) يحلل البيانات الواردة إليه من أنحاء الأرض ويقيس مشاعر الأمم ومستوى الضمير لديها عاما بعد عام (ومن يرغب بفك طلاسم هذا الاختراع سيجده في الانترنت بواسطة هذه الجملة : «Global Consciousness Project») .
… بقي أن أشير إلى حقيقة مهمة وطريفة بخصوص اختراعات البارانورمال ؛ وهي أن معظم مخترعيها لايؤمنون بنجاحها ولا بالظواهر الخارقة التي صنعت من أجلها .. فالمسألة (وما فيها) مجرد محاولة للربح والكسب واستغلال مادي لمعتقدات غير مادية … وكاميرا سوني مجرد نموذج !
فهد عامر الأحمدي