المجلةبنك المعلومات

أدب الخيال العلمي .. حركة ناشئة وأمل جديد

أدب الخيال العلمي .. حركة ناشئة وأمل جديد

 

بقلم : د. مجدى سعيد

ظهرت مبادرات شبابية عديدة رصدنا بعضها في مقالات سابقة، وكانت مبادرة تأسيس “الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي” عام 2011، وهو العام الذي شهد في بدايته وفاة رائد هذا الأدب في مصر الأستاذ نهاد شريف، هي أحد مظاهر هذا الزخم.

جاءت مبادرة تأسيس الجمعية (كأول جمعية مسجلة تؤسس في هذا الفرع الأدبي) من قبل الأستاذ الدكتور حسام الزمبيلي أستاذ طب وجراحة العيون، والكاتب المتخصص في الثقافة العلمية وأدب الخيال العلمي، وقد ضمت الجمعية بين أعضائها عددا من الشباب والمخضرمين من كتاب ونقاد وناشرين في هذا المجال، وقد أصدرت الجمعية حتى الآن أربعة كتب في إطار سلسلة شمس الغد، تحت عناوين “القادمون” و”العائدون”، و”الثائرون” و”المنتصرون”، تضم الكتب مجموعات قصصية وكتابات نقدية وترجمات لإبداعات أدب الخيال العلمي.

الزائر لصفحة الجمعية على الفيسبوك والتي تأسست في أبريل عام 2011 وعلى الرغم من  قلة عدد أعضائها، يلاحظ عليها نشاطا وافرا سواء في الإعلان عن أنشطة الجمعية من صالونات متخصصة إلى مسابقة أدب الخيال العلمي، إلى تكريم إسم الراحل نهاد شريف، إلى الرصد والاحتفاء بالأعمال الفردية التي تصدر في هذا المجال، والأمر اللافت أنه في ظل الموجة العالية للاهتمام بالأدب بشكل عام في مصر كتابة ونشرا هناك عدد لا بأس به من أعمال الخيال العلمي نشرت خلال الثلاث سنوات الأخيرة.

لكن لا شك أن أدب الخيال العلمي في مصر سابق على تأسيس الجمعية، ففي كتابه المنشور عام 1997 بعنوان “الدور الحيوي لأدب الخيال العلمي في ثقافتنا العلمية” قدم الأستاذ نهاد شريف حصرا بكتاب الخيال العلمي من المتخصصين والمجربين كما صنفهم، فمن المتخصصين في الخيال العلمي للأطفال رءوف وصفي ود. حسام العقاد، أما للكبار فإضافة للأستاذ نهاد شريف، هناك صلاح معاطي، وأميمة خفاجي وصلاح عبد المعطي ومن أصحاب الكتابات النقدية يوسف الشاروني ود. نبيل راغب، الأستاذ نهاد شريف مثلا قدم حتى تاريخ نشر الكتاب 15 عملا أدبيا ما بين رواية ومسرحية ومجموعات قصصية، إضافة إلى 4 دراسات و42 عمل إذاعي وفيلم سينمائي وحيد أخرجه كمال الشيخ عام 1986 عن روايته “قاهر الزمن”، ولكن بلا شك فإن تاريخ وكم وكيف الإنتاج في مجال أدب الخيال العلمي إبداعا أو نقدا ضئيل للغاية مقارنة بنظيره على المستوى العالمي.

أدب الخيال العلمي الحديث عرفه العالم (قبل أن يطلق عليه العالم هذا الاسم) من خلال أبوين هما: جول فيرن الفرنسي (1828 – 1905) وهربرت جورج ويلز الإنجليزي (1866 – 1945)، أما الإسم فقد ابتكره الأمريكي هوكو جيرنزباك عام 1926، وذاع هذا اللون الأدبي في أمريكا منذ أوائل الثلاثينيات من خلال 40 مجلة متخصصة من أشهرها مجلة قصص قصيرة مذهلة Amazing short stories، وأدب الخيال العلمي كما نستخلصه من كتاب “المرجع في روايات الخيال العلمي” هو ذلك اللون من الأدب الذي يكون الإراب في الإدراك والوعي هو الهدف والموضوع الرئيسي فيه، أما فروع أدب الخيال العلمي فيرصد منها كتاب المرجع روايات السفر عبر الزمن، وروايات الغزاة من الفضاء الخارجي، وروايات المغامرات الفضائية، وأدب الخيال العلمي في وصف الكوارث وما بعدها، والروايات عن المجتمعات والمدن الفاسدة، وروايات وصف المدينة الفاضلة، والمذهب النسائي ونوع الفرد في الخيال العلمي، والخيال العلمي والنقد الساخر، والمجتمعات المستقبلية وما بعد الإنسان، وأخيرا الخيال العلمي في مجال الثقافات المتعددة.

لا شك أن الخيال العلمي سواء أجاء في صورة أدب مكتوب أو فنون تشكيلية أو إذاعية أو مسرحية أو سينمائية أو غيرها، هو مكون أساسي لما يعرف بالتوعية العلمية Science Outreach والتوعية العلمية بدورها تعد جزءا لا يتجزأ من منظومة العلوم والتكنولوجيا في أي مكان في عالمنا المعاصر، وهي المنظومة التي تضم التعليم العلمي بمستوياته المختلفة، والبحث والنشر العلمي الأكاديمي، وتطبيقات العلوم في مجالات الحياة، إضافة إلى كل مكونات التواصل والتوعية العلمية من إعلام وثقافة وفنون وخيال علمي إضافة إلى وسائل وأنشطة التنشئة العلمية، كل ذلك في إطار البيئات الخاصة بكل بلد باحتياجاتها ومشكلاتها وإنسانها وأحوالها، ومما لا شك فيه أن تنمية وتطوير والنهوض بمكونات تلك المنظومة وتفاعلاتها فيما بينها وتفاعلاتها مع بيئتها هو مما يصنع نهضة الشعوب على أساس من العلم والمعرفة والوعي العلمي، وإذا كان الأمل في أن تكون هناك مدخلات تنموية ونهضوية في تلك المنظومة في ظل نظم الاستبداد والفساد تكاد تكون معدومة حتى وإن توافرت للبلدان التي تحكمها الموارد البشرية الرائعة التي تتوافر لبلد مثل مصر، والبنية التحتية التي تؤهلها لكي تنهض بالعلوم والتكنولوجيا فالأمل كل الأمل في مثل تلك المبادرات الأهلية في أن تبث بعضا من روح الحياة والإيجابية والفاعلية في مكونات تلك المنظومة، مع طول الأمل والمثابرة في العمل.

طالعوا صفحة الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي على الفيسبوك:

بعض المصادر الهامة حول أدب الخيال العلمي:

  • نهاد شريف، الدور الحيوي لأدب الخيال العلمي في ثقافتنا العلمية، القاهرة، المكتبة الأكاديمية، سلسلة كراسات مستقبلية، 1997.
  • م.كيث بوكر وآن ماري توماس، المرجع في روايات الخيال العلمي، ترجمة عاطف يوسف محمد، القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2010.
  • شوقي بدر، للعرب خيالهم العلمي..أنطولوجيا قصص الخيال العلمي العربية، القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، سلسلة الثقافة العلمية، 2013.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى