ذكرت صحيفة ” الصانداي تايمز” البريطانية أن فريقا من الأطباء في الكلية الملكية بلندن، توصل إلى اكتشاف مادة يطلق عليها اسم “الريسفراتول” في قشر العنب، وأن في إمكان هذه المادة أن تتحول إلى جزئ مضاد للشيخوخة بمجرد دخولها إلى الجسم، مما يعني أنها قد تكون بمثابة “إكسير الشباب” أمل البشرية القديم والذي لا ينتهي !
جاء هذا الاكتشاف بمحض المصادفة، عندما كان أطباء الكلية الملكية يجرون اختبارات معملية على نوع من العنب الفرنسي، لمعرفة السر وراء الصحة الجيدة التي يتمتع بها الفرنسيون، على الرغم من أنهم أكثر شعوب العالم استهلاكا للكحوليات واللحوم الحمراء، ومن المعروف أن الفرنسيين تقل لديهم معدلات الإصابة بالأمراض الناجمة عن هذه الأغذية الضارة مثل السرطانات، فضلا عن أن المتوسط العمري في البلاد يتجاوز 80 عاما، وهو من أعلى المعدلات الأوروبية والعالمية.
ويتوقع الأطباء أن يكون العقار المستخرج من مادة “الريسفراتول” هو نجم العقاقير في القرن الحادي والعشرين، مؤكدين أنه سوف يزيح عقار “الفياجرا” الأشهر عن عرشه في غضون عشرة أعوام على أقصى تقدير، خاصة أن هذه المادة السحرية تفعل مفعول “الفياجرا” في نفس الوقت، ومن دون أي أثار جانبية على القلب.
يقول الفريق البحثي إن الدراسات التي أجريت على المادة الجديدة المستخرجة من أحد أنواع العنف الفرنسي الذي ينمو في جنوب البلاد، تتمتع بخصائص فريدة من نوعها قد تجعلها “اكتشاف” القرن الحالي بكل المقاييس، فهي تؤخر أعراض الشيخوخة بمساعدة خلايا الجسم على تجديد نفسها بنفسها في زمن قياسي، عن طريق دعم الخلايا بنوع معين من البروتينات والأحماض الأمينية، تشبه الموجودة في مادة “الخميرة” لكنها أقوى فعالية منها بعشرات المرات، فضلا عن أن “الريسفراتول” تقاوم بعض أنواع السرطان ومنها سرطان المعدة والقولون والأمعاء، كما أنها تساعد الجسم على إحراق الدهون بمعدلات عالية، فتعمل على تقليل نسبة الكوليسترول الضار في الدم، وتجعل الشخص رشيقا بما لا يشكل مجهودا على القلب خلال الأنشطة اليومية.
ويؤكد المحرر العلمي لمجلة (لانست) الطبية أن هذه البحوث حول المادة الجديدة سوف تفتح المجال لانتاج عقاقير مستحدثة، الهدف منها علاج بما يسمى ” أمراض الحضارة” الناتجة عن التلوث والتدخين وسواها والتي تقلل من متوسطات الأعمار على مستوى العالم كله، معتبرا أن هذه العقاقير الجديدة وعلى رأسها “الريسفراتول” ستكون الدعامة الأساسية لصناعة الدواء العالمية خلال العقد المقبل.
ومن جهته يقول الدكتر مارك تراسي استاذ العلاج بالتغذية في كلية طب جامعة هارفاد بالولايات المتحد، إن استخراج ” الريسفراتول” من العنب يؤكد أن الغذاء منجم لا يستهان به للعقاقير يحتاج إلى مزيد من الاستكشاف، وأن موجة “العلاج البديل” سوف تجتاح العالم مرة أخرى، خاصة بعد تأكد البشرية تماما من أن العلاجات الكيماوية وصلت إلى ما يشبه الطريق المسدود.
تعمل مادة “الريسفراتول” – بشكل أساسي – على تنشيط مجموعة من البروتينات في الجسم معروفة باسم “السرتوينات” ومهمة هذه الأخيرة هي تنظيم عملية تجديد وإصلاح الخلايا، وهو ما يعني تأخير عمل الشيخوخة وتلافي أعراضها بشكل يصفه الأطباء بأنه “غير متوقع”.
ولكن الأطباء يؤكدون أن الوصف الدعائي لبعض العقاقير مثل “الفياجرا” و “الميلاتونين” باعتبارها نوعا من “الحبة السحرية” وصف غير دقيق، فلا يمكن اعتبار هذه المادة المكتشفة ( الريسفراتول) من قبيل الحبوب السحرية، فهذا التعبير التجاري لا أساس له علميا، وينبغى على الشخص الذي سيلجأ إلى تعاطي هذه المادة أن يأخذ في حسبانه أنها لن تكون دواء فعالا مضادا للشيخوخة أو السرطان، إلا إذا عاش هذا الشخص أسلوب حياة صحي أثناء وبعد العلاج، ومن ذلك ضرورة الابتعاد عن الكحوليات والتدخين وسواها من العادات السيئة بل القاتلة.
غير أن نتائج الأبحاث التي أجريت في الكلية الملكية البريطانية على “الريسفراتول” تعطي أملا حقيقيا للبريطانيين على وجه الخصوص، خاصة في ظل التحذيرات الطبية من تدني معدلات الخصوبة ومتوسطات الأعمار في بريطانيا بنسبة 27% تقريبا عن نظيراتها من البلدان الأوروبية، وهناك توقعات متشائمة في هذا الصدد تحذر من “انقراض” البريطانيين في غضون القرون الثلاثة المقبلة !
وفي هذا السياق يقول الأطباء البريطانيون إن الإنجليز الذين يعانون من “أمراض الرفاهية” ربما يجدون في تلك المادة المكتشفة ملاذا لهم، وإن كان البعض يشكك في هذا الأمر على اعتبار أن فريق المتطوعين الذين أجرى عليهم البحث يكونوا خاضعين لأنظمة غذائية معينة، ولكن الأطباء يؤكدون أن إتباع نظام غذائي ليس أمرا مستحيلا، وأن على متعاطي “الريسفراتول” أن يتناول أكبر كمية من المواد المضادة للأكسدة، لمساعدة العقار الجديد على تحقيق النتائج الجيدة بنسبة 90% على الأقل.
يشير د . رالف اونيست رئيس الفريق البحثي إلى أن فريق الأطباء التابع للكلية الملكية أجرى تجاربه على الحيوانات الثديية في البداية، وعندما تم التأكد من عدم وجود أعراض جانبية “للريسفراتول” أجريت التجارب على مجموعة من 50 متطوعا لمدة زادت عن ثلاثة شهور، وتم إخضاع هؤلاء المتطوعين لنظام غذائي صارم يحتوي على الأسماك والخضروات وهو النظام المسمى ” أوميجا 3″ أو غذاء شعوب البحر المتوسط، فضلا عن تناول المتطوعين أغذية ومشروبات مضادة للأكسدة مثل الثوم والشاي الأخضر وغيرهما.
وتبين بعد 3 أشهر أن 42 شخصا من المتطوعين الخمسين الذين تناولوا مادة “الريسفراتول” يوميا بمعدل 130 جراما في كل وجبة، قد زادت مناعتهم ضد الأمراض بنسبة وصلت إلى 85 % ، كما تبين بالفحص المجهري لخلايا هؤلاء المتطوعين أن هذه الخلايا أصبحت متجددة بشكل ” غير متوقع” وأن حيوية الجسم عامة ارتفعت بشكل ملحوظ.
وعلى الفور أجريت تجارب مماثلة بجامعة “ليستر” البريطانية حول المادة نفسها، عندما لوحظ أنها ذات تأثير فعال في مقاومة سرطان القولون على وجه الخصوص، ويقول الباحثون إن قدرة هذه المادة على تجديد الخلايا في الجسم البشري، تجعلها دواء ناجعا لسرطان الجهاز الهضمي عامة والقولون تحديدا، حيث ثبت أن “الريسفراتول” تقاوم الأورام السرطانية في القولون بنسبة تصل إلى 74 %، وأن الممكن الوصول بهذه النسبة إلى 85 % تقريبا بمزيد من الأبحاث والدراسات خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد خبراء صناعة الدواء أن العقار الجديد سيكون أكثر فعالية ومصداقية من ” الميلاتونين” ذلك العقار الأمريكي الذي ظهر منذ بضعة أعوام باعتباره ” إكسير الشباب” ثم تبين أنها مجرد دعاية تجارية محضة، فمن المتوقع حال إنتاج عقار من مادة “الريسفراتول” أن يباع بأسعار زهيدة مقارنة بـ ” الميلاتونين” و “الفياجرا” ليكون الملاذ الأخير للبشرية الحالمة بالشباب الدائم.
وإلى ذلك يكشف الأطباء البريطانيون عن ميزة كبيرة أخرى في مادة ” الريسفراتول” وهي أنها قد تكون علاجا جديدا للإدمان وخاصة إدمان الكحوليات والمخدرات إلى حد ما، فهي تحتوي على خاصية تكسير مواد ” الإسيتالدهايد” وهي مركبات سامة تظهر في الدم نتيجة لتعاطي الكحول، ,إن كانت هذه النتجية ما زالت خاضعة للبحث والدراسة حتى الآن.
سلوى الزيات