كشفت دراسة مصرية حديثة أجريت بكلية طب “القصر العيني” بالقاهرة أن الإصابة بالذبحة الصدرية وجلطات القلب في فصل الشتاء تزداد طرديا مع برودة الجو، نتيجة قلة الفترة التي يتعرض فيها الإنسان للضوء، مما يجعل الجسم يفرز المزيد من هرمون “الميلاتونين” وهو الهرمون الذي يسبب حالة من الخمول والكسل، لذا يكون المرء في الشتاء في حاجة مستمرة إلى قدر إضافي من النوم، وربما يعاني الجسم من الإفتقار المستمر إلى الطاقة والقوة ومن عدم القدرة على التركيز وفقدان الحيوية بوجه عام.
Table of Contents
الأطباء يحذرونك من أمراض الشتاء
وعلق الدكتور “محمود حسنين” – أستاذ أمراض القلب بكلية الطب جامعة الإسكندرية – على الدراسة قائلاًُ: “إن احتمالات الإصابة بالذبحة الصدرية وجلطات القلب قد تتزايد مع برودة الجو، نتيجة تقلص الشرايين في الشتاء، مع زيادة لزوجة الدم، وقلة الرغبة في الحركة، وطول فترة الإنكماش تحت البطاطين بحثاً عن الدفء”.
ونصح الدكتور “حسنين” باحتساء المزيد من السوائل، والمشي، والحرص على التطعيم باللقاح الواقي من فيروس “الأنفلونزا” ابتداءاً من شهر سبتمبر من كل عام، حتى يتمكن الجسم من حشد الأجسام المضاده للفيروس مع بداية الشتاء.
من جانب آخر رصدت دراسة طبية جديدة أن عدد المصابين بالأزمات القلبية يزيد كثيراً خلال أشهر الشتاء، ولم يستطع الأطباء حتى الآن تأكيد سبب الارتباط بين موسم البرد وزيادة أزمات القلب، لكنهم أشاروا إلى احتمال ارتباط ذلك بحالة الضعف الصحي العام الذي يصيب الإنسان عقب الإصابة بنزلات البرد وخاصة الأزمات القلبية قد تحدث في الغالب خلال الأسبوعين التاليين للإصابة بالبرد.
في نفس السياق أشارت دراسة أجرتها جامعة “كارديف” البريطانية، إلى أن برودة القدمين يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بنزلات البرد العادية، واستندت الدراسة إلى نتيجة تؤكد أن خمول الدورة الدموية يتسبب في خفض قدرة الجسم على مقاومة الجراثيم والفيروسات، فيما انتهت الدراسة التي أجريت على180 طالباً إلى أن الأوعية الدموية بالأنف تنقبض عندما تنخفض حرارة الجسم، مما يسهل هجمات نزلات البرد.
وترجع خطورة الشتاء وبرودة الجو إلى أسباب أخرى كزيادة نشاط فيروس “الأنفلونزا” والذي يتكوّن بدوره من ثلاثة أنواع، وكل نوع ينفصل إلى فصائل، لكل منها درجات واختلافات وراثية وأخطرها النوع “A” الذي يسبِّب الوفاة، غير أنه فيروس مخادع قادر على تغيير جيناته الوراثية كل عام، مما يستحيل معه إعطاء لقاح أو مصل مضاد لهذا الفيروس الذي يستطيع تغيير كل جيناته الوراثية خلال 4 سنوات، فيستحيل على جسم الإنسان التعرف عليه ومقاومته.
وتؤكد الإحصائيات أن “الأنفلونزا” تسبب 90% من الوفيات بين المصابين الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكرى والقلب والكلى وأمراض الدم المزمنة، وكبار السن ومرضى حساسية الصدر والأنف، وقد تحدث تغيرات الأحماض الأمينية بالفيروس في فصلى الخريف والشتاء، كما يحدث تغير كامل في تركيب الجزيئين (هـ) و (ن) في خلايا الفيروس، ما يساعد على انتشاره في أنحاء العالم.
وتحول فيروس “الأنفلونزا” إلى وباء عالمي عامى 1957م و 1968م، ولكن ليس بنفس الدرجة الموجودة حالياً، لوجود المضادات الحيوية للبكتريا المصاحبة له، ومع كل ذلك يستحيل تحضير لقاح لهذا المرض والقضاء على خطورته بسبب التغيرات التي تحدث في جيناته.
ومن جانبها أنشأت “منظمة الصحة العالمية” شبكة دولية لمسح فصائل فيروس الأنفلونزا حيث يقوم العلماء والأطباء من الشبكة، بفحص عينات من الحلق والأنف لدى الأشخاص الذين يشتبه في إصابتهم بالفيروس وزرعها في مزارع الأنسجة للتعرف على فصائله وتصنيف سلالاته، ثم توجّه تعليمات ونصائح للشركات التي تصنع اللقاح سنوياً عن الأنواع الجديدة من الفيروس.
أجرى الخبراء في “جمعية القلب الأميركية” دراسة حول وسائل وقائية لمنع حدوث ذبحة صدرية، وتوصلوا إلى أن النشاط الحركي يعمل على تخفيف آثار وعواقب هذه الذبحة، كما أنها قد تقي من الوفاة وتقلل من فرص الإصابة بذبحة صدرية جديدة، وأوضح الباحثون أن ممارسة التمارين الرياضية بعد الذبحة الصدرية الأولى تؤثر في فرص النجاة من الموت نتيجة حدوث ذبحة صدرية ثانية.
وأظهرت الدراسات أن المرضى الذين اعتادوا مزاولة النشاط الحركي قبل الإصابة بالذبحة الصدرية واستمروا بممارسة المعدل نفسه بعد الإصابة، كانوا أقل عرضة للموت نتيجة ذبحة صدرية ثانية بنسبة 60% أو الإصابة بها بنسبة 70%.
الأطباء يحذرونك من أمراض الشتاء
أما إذا زاد المريض من معدل ممراسته للتمارين الرياضية بعد الإصابة بالذبحة الصدرية الأولى، فإن فرصة النجاة تزداد بحيث تكون نسبة الوفاة نتيجة الذبحة الصدرية الثانية أقل بنسبة 89% وفرص حدوث الذبحة الجديدة أقل بنسبة 78%. وبالتالي فإن ممارسة الرياضة تضاعف من فرصة النجاة، وهذا ما أكدته “باربارة بلمونت” مديرة مركز التأهيل لأمراض القلب في ولاية دالاس الأميركية.
وأوضحت الدراسة أن طبيعة الحياة قبل الإصابة بالذبحة الصدرية لها تأثير في سرعة التأهيل والتماثل للشفاء بعد الإصابة، فالشخص الذي أمضى حياته في الخمول سوف يحتاج لوقت أطول للشفاء من الذي أمضى حياته في المشي والنشاط الحركي.
وحددت الدراسة مستويات النشاط للمشاركين بعد الإصابة بالذبحة الصدرية الأولى، وتمت متابعة كيفية قضاؤهم أوقات الفراغ لمدة تتراوح بين سنتين إلى سبع سنوات، وقورن ذلك بحدوث الوفاة نتيجة الذبحة الصدرية، وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين اعتادوا على مستوى عال من النشاط الحركي حتى وإن قلصوا هذا النشاط بعد الإصابة بالذبحة الصدرية، كانوا أقل عرضة للموت بسبب الذبحة الصدرية بنسبة 51% مقارنة بالذين اعتادوا عدم الحركة، علماً أن نتائج الدراسات لم تتأثر بعرق أو جنس المريض.
ولذلك يُنصح أن يكون النشاط البدني الرياضي جزءاً رئيسياً من برامج الوقاية من أمراض القلب للجميع، على أن تكون مزاولة النشاط الرياضي تحت الإشراف الطبي.
الأطباء يحذرونك من أمراض الشتاء
ولعل من أفضل التمارين الرياضية لمرضى القلب هو “المشي” أو استخدام “الدراجات الثابتة” وذلك لأنها تحتاج لبذل جهد معقول موزع على فترة طويلة، وهذا يقوي الجسم دون إجهاد القلب، بالإضافة لفائدته المهمة في خفض معدلات “الكولسترول”، ومن أنواع الأنشطة الرياضية ذات الفائدة لمرضى القلب نذكر تمارين “الأيروبيك” والتمارين “الهوائية” وهي مهمة لزيادة قوة الجسم، وكذلك التمرينات الخاصة بالجزء العلوي من الجسم “حركة اليدين والجزء العلوي من الجسم” وذلك لأنها ذات تأثير مهم في تدريب عضلة القلب على تحمل زيادة الجهد.
ولكن الأطباء يؤكدون أن النشاط البدني هو أحد العوامل المهمة للنجاة من أمراض القلب وليس جميعها، فالالتزام بتناول الدواء خصوصاً لدى مرض السكري، والتغذية السليمة والامتناع عن التدخين كلها عوامل مهمة في حماية الجسم من أمراض القلب وعواقبها.