البروفيسور التونسي (سامي الرتيمي).. سفير ميثاق المناخ الأوروبي.. والساعي للربط بين الجهود الأوروبية بنظيرتها في حوض المتوسط
بدأت مسيرة البروفيسور (سامي الرتيمي) من تونس، حيث درس في المدارس العمومية وفي الجامعات المحلية قبل أن يختار الهجرة إلى سويسرا، ومنها إلى عديد الأرجاء بحثا عن التحصيل العلمي والاستزادة المعرفية. تم اختياره مؤخراً كأحد سفراء ميثاق المناخ الأوروبي من قبل المفوضية الأوروبية. ويشغل (الرتيمي) حالياً منصب مدير التجديد والتكنولوجيا بالمعهد العالمي للمياه والبيئة والصحة في جنيف، وهو باحث ومستشار علمي بالمدرسة متعددة التقنيات في لوزان بسويسرا، ألف بعض الكتب العلمية ونشر عديد الدراسات في مجال الاختصاص وتم اختياره سفيرا لميثاق المناخ الأوروبي.
لم تمنعه المسافات عن تحقيق الذات والاستزادة المعرفية، فانتقل في مستهل تجربته الجامعية إلى محافظة قابس، ثم إلى بنزرت الواقعة شمال تونس، ومنها انتقل إلى سويسرا. حصل على درجة الأستاذية في علوم الحياة والأرض من كلية العلوم بقابس، وماجستير في التحاليل الكيميائية من كلية العلوم ببنزرت، ثم ماجستير علوم البيئة ودكتوراه في العلوم البيولوجية من الكلية ذاتها، قبل أن يتحصل على دكتوراه أخرى في الهندسة الكيميائية بلوزان السويسرية.
تتويجات دولية
وقد حصل على العديد من التتويجات الدولية المرموقة منها: درع العلوم من الأكاديمية الروسية للعلوم 2018، جائزة التجديد التكنولوجي في العلوم التطبيقية من سويسرا.
قال البروفيسور الرتيمي (للجزيرة نت) “اختيار سفير المناخ عادة ما يعتمد على خبرة المترشح في مجال المناخ، ودرايته بالوضعية الحالية والتحديات التي يجب خوضها لمجابهة تحولات المناخ“.
يرى أن دور سفراء الميثاق الأوروبي للمناخ فعلي وليس شرفيا، وأن المشروع الذي على أساسه تم تكليفه بهذه الخطة يشمل نقاطا رئيسة، مثل العمل على إشراك أكبر عدد ممكن من مؤسسات الدولة، وتحفيز القطاع الخاص للانخراط في مختلف التظاهرات والتحركات الميدانية، إضافة إلى السعي نحو إدراج وتفعيل محاور دراسية للناشئة تتمركز حول التغيرات المناخية بداية بالمحيط الضيق وصولا إلى النظرة الكونية. ويبين الرتيمي أن جوهر هذا المشروع هو تفعيل العمل باتفاق باريس على الصعيد الوطني، الإقليمي والقاري.
وأوضح البروفيسور الرتيمي أن تفعيل اتفاق باريس يتم عبر مجموعة من الخطوات مثل: العمل مع المؤسسات المانحة لتقليص الاستثمار في المفاعلات التي تعتمد على الفحم وإيقاف إنشائها, والتدخل لدى الشركات الكبرى للتخلي على التقنيات الملوثة, والعمل مع مكونات المجتمع المدني والحكومات لعدم دعم الوقود الأحفوري, والاعتماد على التطور الرقمي لتقليص التنقل والحد من مزيد الانبعاثات وترشيد السفر, وتحفير الإقبال على الطاقات النظيفة والصديقة للبيئة كالهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية والتنقل الحضري باستعمال الدراجات والألواح الكهربائية، وهذا المسار يقتضي انخراط البلديات والوزارات في كل الدول.
فترة مدة الاعتماد
وحولفترة الاعتماد، أشار الرتيمي إلى أنها تمتد من 3-5 سنوات حسب نشاط السفير، موضحا أنه بالنسبة إليه فقد قدم مخططا يدوم 5 سنوات، وهي مدة سيتولى خلالها ممارسة أعماله البحثية والجامعية وممارسة نشاط السفير.
الاشتغال على قضية المياه
وتبقى قضية المياه من بين أبرز القضايا التي يشتغل عليها البروفيسور الرتيمي سواء بصفته باحثا أو مديرا للتجديد والتكنولوجيا بالمعهد العالمي للمياه والبيئة والصحة بجنيف.
ويؤكد الرتيمي ضرورة التنويه إلى أن كل مكونات المحيط متلازمة وتتأثر ببعضها البعض، فندرة المياه التي تلاحظ اليوم هي عبارة عن تراكمات التغير المناخي منذ سنوات.
فالغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض والتغيرات المناخية المعاشة تؤثر بشكل مباشر في الدورة الطبيعية للمياه التي تنتج التساقطات. فلا التبخر يسير بنسق طبيعي، ولا تكاثف السحب يحدث في الظروف العادية.
كل هذا ينتج عنه أمطار طوفانية، خارجة على الفصول المعلومة ومهددة للمحاصيل الزراعية، فالأمطار الصيفية في حوض المتوسط يمكن أن تتلف عديد المحاصيل الموسمية، وتحد من زراعة محاصيل أخرى تستوجب الأمطار الخريفية أو الشتوية التي قد لا تأتي بحكم حدوث أمطار صيفية.
التغيرات المناخية والموراد المالية
وتؤثر التغيرات المناخية بشكل كبير على الموارد المائية مما يهدد الأمن الغذائي وصحة الإنسان، وفي هذا الإطار يؤكد الدكتور الرتيمي أن الحلول المقترحة عديدة من بينها الزراعة المنزلية والزراعة على طوابق من نفس الأرض واستعمال تقنيات الري الحديثة المعتمدة على تقنيات النانو. ولكن يبقى تفعيل هذه الطرق، ونشرها في عدة دول، رهين الانخراط المجتمعي والمردودية على الفلاح والعامل.
ويضيف البروفيسور أن بعض الأبحاث، التي قام بها لمعالجة المياه الملوثة الناجمة عن صناعات النسيج مثلا، حاول من خلالها الوصول بها لدرجة معالجة تسمح باستعمال هذه المياه لري بعض المحاصيل الحساسة جدا لوجود معادن أو ملوثات.
والنتيجة كانت جيدة حيث يقول “تابعنا بدقة الأعراض الناتجة عن استعمال المياه المعالجة بالتحفيز الضوئي منذ مرحلة زراعة البذور حتى اكتمال نمو النباتات. ولم نلاحظ أعراض تسمم أو نقص تغذية على النباتات وكان محصولها في مستوى المعدلات العادية“.
وفي الأخير: إن واحدة من أهم المسؤوليات التي يرفعها البروفيسور (الرتيمي), على عاتقه، كسفير لميثاق المناخ، هي ربط المجهودات الأوروبية بنظيرتها في دول حوض البحر الأبيض المتوسط، ومن ضمنها بعض الدول العربية. والأمل قائم في أن تتضافر الجهود وأن يحدث التنسيق المحكم بين مختلف الأقطار من أجل الدفع بقضايا المناخ وجعلها من ضمن الأولويات، والعمل على الحد من الإخلالات انتصارا للبيئة السليمة والعيش المشترك الآمن.