ورث مهنته في تشطيب المعمار عن والده واستقي خبرته من شقيقيه في سن مبكرة فجاء بصحبة أسرته من أقاصي الصعيد إلي قاهرة المعز ليبدأ مشواره الحافل بالإنجازات مستغلاً موهبته الفنية وسرعة أنامله الذهبية.
ومهارته في تحويل الجدران الصماء إلي تحفة فنية واضعاً بصمته في قصور الملوك والنبلاء وأشهر المنشآت الأدبية والرياضية في مصر والعالم العربي: إنه الحاج فاروق محمد محمود أبو نوارة 60 عاماً والذي عمل كمبيض معماري منذ أن كان عمره 14 عاماً بعد أن ترك دراسته بالأزهر حلم والده بسبب شغفه باللعب.
فخرج إلي سوق العمل بصحبة شقيقيه محمود وأحمد لتعلم المهنة علي أصولها وكانت أول مشاركة له في استاد بني سويف الرياضي ثم قصر ثقافة بني سويف وظل يعمل في القاهرة حتي سن 18 عاماً ثم سافر مع شقيقه أحمد إلي الأردن عام 1969م وظل بها عاماً واحداً وخلاله شارك في تشطيب عدة عمليات مثل حمام سباحة بقصر الملك حسين والذي يقع في منطقة الحمر بعمان وكان طول الحمام حوالي 8 أمتار وارتفاعه 6 أمتار وعلي شكل تاج الملك حسين ولقد تم ترصيع حوافه بالزجاج الملون والمصابيح كما زينت أرضيته وجوانبه بالخردة الفسيفساء أم السلالم فكانت في منطقتي الأذنين والجبهة من التاج ولقد استغرق العمل به شهراً واحداً فقط بعدها شارك الحاج فاروق في تشطيب البرلمان الأردني بمنطقة العبدلي وتم عمل جدرانه من الزجاج الأجنبي والستائر أما الأرضية فكانت علي شكل نجمة سليمانية مرسومة بالرخام الملون والبانوهات.
أما الواجهة فهي عبارة عن نوافذ مصنوعة من مادة الجبس والكراميت الألماني والإيطالي ولقد استغرق تشطيب البرلمان حوالي 3 شهور ثم حدثت بعض المشاكل بين طاقم العمل المصري والإشراف الهندسي القبرصي والذي كان يرغب في نقل عطاء عملية تشطيب ثلاجة المملكة من العمال المصريين إلي لبنانيين لكن الحاج فاروق وشقيقه أحمد أقسما علي أن يفوزا بهذه العملية ووقتها أبدعا تشطيب ثلاجة المملكة وبخامات أجنبية غير معروفة في السوق المصرية وقتها.
الثلاجة مكونة من 50 غرفة علي ارتفاعات ومساحات مختلفة وتم دهن الطبقة الأولي من جدرانها بمادة البلك تلتها طبقة من أعود خشب المارونيه ثم طبقة من الفيلين ثم طبق من البلك مرة أخري وطبقة من سلك شبك بعدها دهنت الجدران بالمارشا وهي مادة معالجة كيمائياً ثم مواد مضادة للبرودة، ودرجات الحرارة المنخفضة وهي الطبقة النهائية ولقد استغرق العمل في ثلاجة المملكة 6 شهور وبالفعل أوفيا بوعودهما بالفوز بالصفقة.
أتت الرياح بما لا تشتهي السفن فلقد حدثت اشتباكات بين الشرطة الأردنية والفدائيين الفلسطينيين، فاضطر الحاج فاروق إلي الرجوع لمصر بصحبة شقيقه أحمد مرة أخري. وتصادف وقتها جنازة الرئيس جمال عبد الناصر ثم سافر أبو نوارة إلي رأس التراب بالبيضاء بليبيا، وعمل بها فترة 6 شهور ثم عاد إلي القاهرة ثم إلي ليبيا بمدينة بني غازي وهناك شارك في عمل هناجر المعسكرات الحربية ثم انتقل إلي منطقة أبو هديمة بعدها عاد إلي بني غازي وظل بها فترة 7 سنوات تزوج خلالها وأنجب ابنه الأول علي ثم سافر أبناؤه الستة تباعاً.
ثم عاد إلي القاهرة وظل بها عاماً ومنها سافر إلي الطائف بالسعودية عام 1987 م وشارك هناك في تشطيب عدة قصور مثل قصر الملك خالد بالخالدية وقصر العمة زوجته، قصر الأمير نايف والملك فهد، الأمير عبد الله بالحاوية، قصر الأمين أحمد بالسداد، بعدها شارك في تشطيب النادي الأدبي والذي يقع بجوار قصر الملك فهد بجدة.
وكان أول عملية لحسابه وفي عام 1985م عاد إلي مصر واستقر بها فترة 6 سنوات ثم سافر إلي السعودية مرة أخري وعمل بها عدة مشاريع عبارة عن أبنية عمرانية ما بين الطائف والدمام حتي عام 1999م ثم رجع إلي أرض الوطن واستقر بها إلي الآن وتفرغ لتشطيب شقق أبنائه وأثناء هذه الرحلة الطويلة تخرج العديد والعديد من تلاميذ المهنة علي يديه وأصبحوا الآن من كبار المقاولين ويشير الحاج فاروق إلي أن صنايعي التشطيب المعماري الماهر لابد أن يكون سريع الحركة بسبب دقة المواد المستخدمة والتي تتطلب السرعة وإلا تفسد ولا تؤدي الغرض المطلوب.
هبة سالم