إحدى الحرف القديمة التي لا تزال تلقى رواجاً في السوق من قبل المولعين بالجمال والأصالة، الخشب المطعم بالصدف، العارفون به يستطيعون أن يميزوا دقة واحتراف الفنان الذي قام بنقشه وما أذا كان أصليا من الصدف وما هو مجرد تقليد، وكثيراً ما نجد هذا النوع من التحف في المزادات التي تهتم بالقديم الراقي، ويباع بأسعار تصل إلى مبالغ طائلة، خاصة إذا ما كانت صناعة يدوية، أما اغلب من يقبل عليها فهم التجار وهواة جمع الانتيكات الفاخرة.
صاحب احد المزادات محمد رحومي يتحدث لنا عن هذا الموضوع فيقول:
يوجد في الأسواق حالياً بعض القطع الحديثة من الخشب المطعم بالصدف، وله من يطلبه علماً انه يباع بأسعار زهيدة قياساً بالموجود من التحف، وهو تقليد للفن الأصلي زيادة على ذلك أن الآلة قد تدخلت في صناعته، وبدلاً من حفر الخشب باليد ولصق الصدف داخله يلصق الصدف على السطح، كما أن هناك قطعاً جاهزة بالرسومات المطلوبة يمكن ان تلصق على الخشب، وهي لا تحتوي بالتأكيد على صدف حقيقي، بل مجرد تقليد لصدف من البلاستيك.
عطا سمير حرفي بارع تعلم مهنة الحفر من نجار سوري يقول: ليس كل الخشب مناسباً للتطعيم بالصدف وفي هذا النوع يستخدم الخشب الثمين ومن ضمن أنواعه خشب (التك) ومن ميزاته انه يكون دهنياً ومقاوماً للجفاف، والأفضل منه هو (الابنوس) الذي يمتاز بندرته وغلاء ثمنه.
أما الأشياء التي يطعم بها الخشب إضافة إلى الصدف الذي يستخرج من البحار، ترس السلحفاة والعظام والعاج الذي منعت التجارة فيه حالياً. وعن أصل هذا الفن يتحدث لنا احد هواة جمع الانتيكات وهو الحاج ابومازن فيقول:
يعد حرفيو الشام من أشهر الحرفيين في براعتهم ودقتهم في هذا الفن، والأخشاب التي يستعملها الحرفي السوري هي أخشاب الحور والجوز والزيتون والشربين والميص العرعر والدردار والصندل والصنوبر والسرو، ويصنعون منها المناضد والصناديق والعلب والخزائن والاصونة، ولقد لاقت هذه رواجاً كبيراً في أمريكا وأوروبا في وأواخر القرن التاسع عشر، وتسمى هذه الصناعة (دامسكينة) نسبة إلى دمشق المدينة التي عرفت بها، ولقد تراجعت هذه المهنة مع بداية القرن الذي مضى فعدت من مخلفات الأذواق القديمة وانتقل الطلب إلى الجديد السائد حينذاك.
اليوم ومع عودة الكلاسيك وغلاء سعر الانتيكات وندرة توفر الأصلي منها استغل الحرفيون مهاراتهم لتوفير قطع غاية في الروعة والإبداع ليس في سوريا وحدها وإنما في بيروت ومصر وبعض الدول العربية التي ازدهر فيها هذا النوع من التجارة.
بغداد/ مها عادل العزي