المجلةبنك المعلومات

“السواك”.. الكنز المفقود

أكد الدكتور مشاري العتيبي – أخصائي طب الأسنان – أن شجرة “الأراك” المشهورة باسم (السواك) تعتبر “كنزا مفقودا” يحتاج إلى رعاية وطنية، مطالبا الجهات المسئولة في قطاعي الزراعة والصحة بالمملكة بالبحث عن خطط واستراتيجيات مستقبلية “لدراسة مدى إمكانية الاستفادة بشكل صحي واقتصادي من مثل هذه الأشجار”.

وأشار د . العتيبي إلى أنه من الناحية الزراعية يمكن استزراع شجرة “الأراك” بتوفير الظروف البيئية المناسبة لزراعتها وفي المكان المناسب لذلك، ومن الناحية الصحية سيمكن الباحثون من دراسة الفوائد المؤكدة لهذه الشجرة ليس فقط في مجال صحة الفم والأسنان، ولكن تتعدى فوائدها لكافة أعضاء الجسم الأخرى.

وفي بحث خاص عن فوائد السواك أوضح د . العتيبي أن شجرة “الأراك” تتبع لفصيلة “الأراكية”, وهي شجرة تنمو دائما في الأماكن الحارة والاستوائية وتكثر في أودية الصحاري وفي العديد من مناطق المملكة مثل عسير وجازان والقنفذة وغيرها من المناطق الساحلية الحارة.

وينتشر شجر “الأراك” انتشارا واسعا في الهند ونيبال وماليزيا وباكستان وإيران والعراق ومصر وموريتانيا والسودان وأثيوبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب غرب أفريقيا.

السواك في “كبسولات” 

أوضح البحث الذي أعده الدكتور “مشاري العتيبي” أن هناك إمكانية لتحويل “الأراك” إلى مصدر طبيعي لعلاج أمراض الأسنان، وأن تستخرج منها أدوية على شكل كبسولات أو حقن، وبالاعتماد على نتائج الأبحاث العلمية التي اهتمت بهذه الشجرة يقول د . العتيبي: إنني أعتقد أن أشجار الأراك يمكن أن تصبح مصدرا طبيعيا من أهم مصادر إنتاج المستحضرات الطبية الخاصة بصحة الفم والأسنان ولكن هذا يحتاج إلى الاعتماد على سلسلة طويلة من الأبحاث العلمية.

ولكن للأسف الشديد – يضيف الباحث – فإنك تجد في هذه الأيام في الأسواق المحلية العديد من معاجين الأسنان والمنتجات الأخرى والتي استخدمت خلاصة أعواد الأراك كعنصر أساسي لمكوناتها دون أن تعتمد على تجارب علمية ومخبرية قبل تسويقها, وذلك لشعبية هذه الشجرة بين الناس.

ودعا الباحث كافة شركات الأدوية المحلية والعالمية للاستفادة من الأبحاث التي قام بها للتعرف على المزيد من أسرار هذه الشجرة, وإفادة البشرية جمعاء، حيث توصلت الدراسات التي قام بها الباحث السعودي إلى نتائج وحقائق حول شجرة “الأراك” توضح عظمة الدين الإسلامي وصدق الرسول الكريم فيما قاله حولها.

وأكد “العتيبي” أن هناك العديد من الأسرار والحقائق التي سوف تظهر مع استمرار البحث العلمي الدقيق، قائلا : خلال بحثي عن الأحاديث النبوية الشريفة التي أوردت السواك، قرأت أكثر من عشرين حديثا نبوياً شريفا يوصي باستخدامه ويبين فوائده الجمة.

يعتبر استعمال السواك من السنن التي حث عليها الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) كما ثبت عنه في قوله:(عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ) وذكر منها: السواك، ورغب على الالتزام بالسواك فقال عليه الصلاة والسلام: (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)، وبين الرسول الكريم فضل السواك فقال (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)

وكان النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم- يحب السواك, وكان يستاك مفطراً وصائماً, ويستاك عند الانتباه من النوم وعند الوضوء وعند الصلاة وعند دخول المنزل, وكان يستاك بعود الأراك, وكان حريصاً على هذه السنة حتى وفاته.

ويستحب استعمال السواك عند الصلاة وقراءة القرآن الكريم، وعند تغيير رائحة الفم وبعد الأكل وقبل النوم وعند الدخول إلى المنزل وملاقاة الأهل، وما قيل في عود الأراك الذي يتم السواك به أن الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) دخل على زوجته السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورأى في فمها عود أراك تستاك به فأراد أن يمازحها فقال

حظيت يا عود الأراك بثغرها … أما خفت يا عود الأراك أراكا
لو كنت من أهل القتال قتلتك … ما فاز مني يا سواك سواكا

فرشاه ومعجون

من فوائد السواك أنه يمنع رائحة الفم الكريهة، ويطهر الأسنان واللثة من سموم الجراثيم التي تزحف عبر الدورة الدموية وعبر الأمعاء، ومن ثم إلى بقية أجزاء الجسم، وفي ذلك يقول الدكتور ظافر الصابوني: إن السواك يقوم مقام فرشاة ومعجون في وقت واحد، فهو فرشاة بأليافه الدقيقة المناسبة للتنظيف، وهو معجون بما يحويه من مواد مطهرة وبلورات “سيليس” وحوامض ومواد عطرية وأملاح معدنية ونشا ومواد صمغية، فهو يعمل كمنظف آلي يزيح الفضلات من بين الأسنان مشابها بذلك الفرشاة وكمطهر قاتل للجراثيم مشابها بذلك المعاجين المطهرة كيميائيا وجرثوميا.

ومن فوائده الصحية للسواك يقول “ابن قيم الجوزية” في كتابه “الطب النبوي”:( في السواك عدة منافع : يطيب الفم، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويذهب بالحَفَر ويُصحّ المعدة، ويصفي الصوت، ويعين على هضم الطعام، ويسهل مجاري الكلام، وينشط للقراءة والذكر والصلاة، ويطرد النوم، ويرضي الرب، ويعجب الملائكة ويكثر الحسنات ومتى استعمل باعتدال، جلي الأسنان، وقوى العمود، وأطلق اللسان، وطيب النكهة، ونقي الدماغ، وشهي الطعام، وأجود ما استعمل مبلول بماء الورد)

ومن خواص سواك الأراك أيضا أنه يشد اللثة ويحول دون تسوس الأسنان، ويقوي الهضم ويدر البول، ويعتبر السواك وقاية حاسمة من تسوس الأسنان وتنظيف مستمر يبيد أولاً بأول الجيوش الصغيرة من الميكروبات التي تستقر وتعيش بين ثنايا الأسنان.

من الخواص  المكتشفة حديثا أن السواك أفضل علاج وقائي لتسوس أسنان الأطفال لاحتوائه مادة “الفلورايد”، وهو يزيل الصبغ والبقع لاحتوائه مادة الكلور، ويبيض الأسنان لاحتوائه مادة السليكا، ويحمي الأسنان من البكتريا المسببة للتسوس لاحتوائه مادة الكبريت والمادة القلوية، كما أنه يفيد في التأم الجروح وشقوق اللثة وعلى نموها نموا سليما لاحتوائه مادة “تراي مثيل امين” وفيتامين (ج) أفضل علاج لترك التدخين، ويمنع تكوّن الرواسب الجيرية.

وأثبتت الدراسات الحديثة أن السواك يقضي على ميكروبات الفم والأسنان المسببة لالتهاب اللثة والتسوس، حيث أوضحت نتائج هذه البحوث أن فاعلية السواك بالأراك تستمر لمدة من ست إلى ثماني ساعاتٍ من استعماله عكس المعجون العادي الذي لا تستمر فاعليته سوى ساعتين فقط، ثم يبدأ ظهور البكتيريا مرة أخرى بالفم.

ويقول أطباء الأسنان: إن السواك يحتوي على العديد من المواد الفعّالة؛ وأهمها على الإطلاق مادة “إيزوثيوسيانات” وهي مادة كبريتية، وقد ثبت أن هذه المادة تلتصق بالغشاء المخاطي بالفم واللثة لعدة ساعاتٍ، وهي تعمل كمضاد حيوي طبيعي يمنع نمو البكتيريا الضارة بالفم والأسنان، وهذا هو السر في بقاء واستمرار فاعلية السواك لمدة طويلة بعد استعماله.

وينصح الأطباء باستعمال الأراك بعد الأكل، وبعد الاستيقاظ من النوم، وعند كل صلاةٍ؛ لأنه يؤدي إلى استمرار بقاء الفم خاليًا من الميكروبات طوال اليوم مما يتيح بيئة صحية للفم والأسنان؛ باعتبار الفم هو البوابة الرئيسة لدخول الميكروبات إلى جسم الإنسان.

ويحتوي عود الأراك أيضا على زيوتٍ طيارة و”فلافونيدات” و”قلويدات” وتساعد هذه المواد على زيادة مناعة الجسم ضد الأمراض، لذا ينصح المتخصصون باستعمال الجذور، وليس السيقان أو الفروع، لاحتواء جذور الشجرة على المواد الفعّالة بكمياتٍ مناسبة، ولكي يختبر الإنسان صلاحية جذور السواك للاستعمال عليه أن يمضغ جزءًا صغيرًا منها في الفم مع اللعاب؛ فإذا شعر بطعم لاسع فهذا دليل على أن المادة الفعّالة موجودة، أما إذا لم يشعر باللسعة فهذا يعني أن هذه الجذور تمّ تخزينها في مكانٍ معرّض للشمس وليس في جوٍّ جافٍّ بعيدًا عن الرطوبة والشمس حتى لا يفقد السواك مزاياه وفاعليته.

صلاح عبد الصبور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى