بنك المعلوماتالمجلة

اللغة العربية وأثرها في اللغة الألبانية

اللغة العربية وأثرها في اللغة الألبانية

 

 

 

 

«اللغة العربية وأثرها في اللغة الألبانية»، عنوان كتاب صدر حديثاً في القاهرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، لبكر إسماعيل الكوسوفي.

بعد قيام الدولة العربية الإسلامية التي امتدت من أواسط آسيا إلى شمال الأندلس، تقدم العرب في اتجاه المناطق الألبانية، وكانوا قد نجحوا في فتح كريت وصقلية في النصف الأول من القرن التاسع، وبذلك اقتربوا من مدخل البحر الأدرياتيكي الذي كان يتيح لهم الوصول إلى عمق أوروبا، ثم اتجهوا أخيراً إلى الساحل الشرقي حيث كان يعيش الألبان، إلا أنهم لم يستطيعوا الوصول إلى هذا الشاطئ حتى بداية القرن الحادي عشر، حين قاموا من صقلية بآخر هجوم على البوابة الغربية للبلقان.

ورغم أن هذه البوابة بقيت مغلقة ثلاثة قرون، فإن الإسلام تمكن أخيراً من التغلغل في البلقان عبر بوابته الشرقية من خلال العثمانيين الذين انتشروا هناك عقب انتصارهم في معركة كوسوفا عام 1389م.، وبدأ الإسلام ينتشر بـيـن الألبان حتى بلغت نسبة المسلمين 90 في المئة من إجمالي هذا الشعب. وكان لذلك التأثير الحاسم في ما يتعلق بتوطيد الصلات مع العرب والشرق.

والألبان هم الأمة الوحيدة التي اعتنقت الإسلام بغالبيتها في البلقان، وأدى ذلك إلى انفصالهم عن الغرب الأوروبي وارتباطهم بالشرق العربي الإسلامي، وانتشار اللغة العربية أيضاً من خلال الكتاتيب والمدارس الشرعية. وأول مدرسة من هذا النوع هي مدرسة إسحاق بك في مدينة سكوبيه وقد أنشئت عام 1440م. وتعد من أشهر المدارس في البلقان. وكانت الدروس في البداية تقدم باللغة التركية، ولكن اللغة العربية أخذت تحل محل التركية ابتداء من القرن السادس.

وكانت كلمة «خراج» أول كلمة عربية دخلت إلى اللغة الألبانية حيث وردت في رسالة الزعيم الألباني إسكندر بك، إلى ألفونس الرابع ملك نابولي عام 1451م، ثم توالت الكلمات المتعلقة بالتعليم والثقافة مثل: المدير والمدارس والمعلم، الطلبة، المفسر، الكتاب، الدفتر، القلم، بالإضافة إلى أسماء المواد التي كانت تُدَرَّس كالحديث والفقه والعقائد وغير ذلك.

ومع بروز الحركة الشعرية الجديدة التي كانت في الواقع نتاجاً لتشرّق الألبانيين، أي لارتباطهم بالشرق عوضاً عن الغرب، وظهر العديد من الشعراء الألبان الذين كتبوا الشعر باللغة العربية وبالأوزان الخليلية، فهناك ملحمة «الحديقة» للشاعر داليب فراشري وتتكون من 65 ألف بيت، وتعد أول ملحمة في تاريخ الأدب الألباني، وتتناول معركة كربلاء المعروفة. كما قام الشاعر محمد تشامي المتوفى 1844 بترجمة الأشعار العربية إلى الألبانية، ومن أشهرها قصيدة «البُردة» للبوصيري. بل إن مؤلفي التراث الألباني ومصنفيه كان يستعمل معظمهم اللغة العربية والحرف العربي في كتبهم ومصنفاتهم، وأبرز مثال على ذلك كتاب «قاموس الأعلام» لسامي شمس الدين فراشدي. ومع هذه الانعطافة أصبحت النصوص الأدبية الألبانية تمتص مزيداً من المفردات العربية وبخاصة في المجال المتعلق بالتصوف وظهرت تعبيرات صوفية مثل: نور، حق، ظهور. كما استقبلت الألبانية مئات الأسماء العربية، مثل: محمد، علي، فاطمة، خديجة، حسن، شعبان، رجب، مصطفى.

اللغة العربية وأثرها في اللغة الألبانية
اللغة العربية وأثرها في اللغة الألبانية

ودخلت الصلات العربية الألبانية في طور جديد منذ القرن السادس عشر حين التقى العرب والألبان في إطار دولة واحدة هي الإمبراطورية العثمانية. وتميَّز هذا الطور بحضور واسع للألبان في العالم العربي من الجزائر حتى العراق، لأن العثمانيين الذين قاسوا كثيراً في البداية من مقاومة الألبان لهم وجدوا أنهم خلقوا للسلاح والكفاح، فاعتمدوا عليهم في توسيع إمبراطوريتهم. وهذا يفسر سر اهتمام العثمانيين بنشر الإسلام في صفوف الألبان، لتتحول طاقتهم الكفاحية الكبيرة في اتجاه توسيع دائرة هذا الدين في أوروبا. وأصبح للألبان دور خلال هذه الحقبة وحضور واسع في الإدارة العثمانية سواء كجنود أو قادة أو ولاة… إلخ. ومع استقرار الإدارة العثمانية في المناطق الألبانية، بدأت اللغة الألبانية تزخر بمفردات جديدة تتعلق بالإدارة مثل: سلطان، وزير، حكومة، إدارة، قاضي، مملكة، كاتب، رعية.

أما الترجمة الكاملة للقرآن الكريم، فظهرت متأخرة عام 1985م في بريشتينا وقام بها فتى مهدي المعروف ببحوثه في مجال اللغة العربية، وهو أستاذ في كلية الاستشراق في جامعة بريشتينا، وهذه الترجمة لها أهميتها الخاصة من الناحية اللغوية والترجمة الحرفية للقرآن الكريم. أما الترجمة الثانية، فظهرت عام 1988م وقدمها حسن ناحي وهو من كوسوفا وقد تخرج في جامعة الأزهر، ويجيد اللغة العربية بطلاقة وقدَّم ترجمة أمينة ومتقنة لمعاني القرآن الكريم، نجد فيها النص القرآني باللغة العربية بجوار المادة المترجمة.

خالد بيومى, الحياة

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى