“خرسانة جديدة توفر أكثر من 40% من الأسمنت، وتسد الشروخ تلقائيا بدون إضافات كيميائية، بل بإضافة بكتيريا يتم تحضيرها بتكلفة بسيطة” هذا ما توصلت إليه المهندسة هاجر محمد المهدي، بقسم البناء والتشييد بكلية الهندسة بجامعة المنصورة في مشروع تخرجها، الذي حصلت به على المركز الأول بمشاريع الكلية، ثم في يوم الهندسة المصري بمشاركة الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة، وبعض الجامعات العربية.
المهندسة “هاجر”، ذكرت لوسائل الإعلام إن ما توصلت إليه فى المشروع يعد نقلة فى مجال الإنشاءات، من حيث التكلفة الأقل والقوة الأكثر، بالإضافة إلى كونه من المشروعات التى تحافظ على البيئة وهى أحد أهداف المسابقة، بأن يكون المشروع صديقا للبيئة، فتم تحقيق المعادلة الصعبة بهذا المشروع.
وأضافت “هاجر”، “تعتبر الخرسانة التقليدية من أكثر المواد استخداما فى مجال التشييد حيث إن لها العديد من المميزات وعلى الرغم من ذلك إلا أن لها بعض العيوب ومن أهمها ضعف مقاومتها فى الشد مما يسبب الشروخ فى الخرسانة، أضف إلى ذلك أنها غير صديقة للبيئة لكثرة الانبعاثات الخارجة منها، متابعة: ويعتبر مشروعى فى صناعة الخرسانة الحية طريقة مبتكرة لتصنيع خرسانة صديقة للبيئة وتهدف إلى التئام شروخ الخرسانة، وأشارت إلى أنه فى أوروبا اكتشفوا نوعا واحدا فقط من البكتريا ولم يصل إلى تلك النتائج.
وتابعت “هاجر”، أن فى هذا المشروع تم استخدام نوعين من البكتريا (المنتجة للكالسيت) و(المنتجة للبيوفيلم) بتركيزات مختلفة (0% , 5% , 10% , 20%) مع مكونات الخرسانة التقليدية لإنتاج الخرسانة الحية وتحديد النسبة المثلى لاستخدام البكتريا ودراسة الخصائص الميكانيكية والمجهرية لهذا النوع من الخرسانة وذلك بإجراء عدد من الاختبارات، اختبار الضغط واختبار الشد واختبار الانحناء واختبار الموجات الصوتية لدراسة تأثير البكتريا بعد 7 و28 يوما واختبار الأشعة المقطعية CT-Scanningواختبار تحليل العناصر EDX واختبار تحليل مجهرى للعناصر (SEM) بعد 28 و56 يوما .
وأشارت “هاجر” إلى أنه تبين من خلال هذه الاختبارات زيادة مقاومة الخرسانة للضغط بمقدار 116% عن الخرسانة التقليدية وزيادة فى مقاومة إجهادات الشد 70% وتقليل نسبة المسام داخل الخرسانة والتئام الشروخ بسبب تكون مادة كربونات الكالسيوم والبوفيلم التى تعمل على سد الفراغات والشروخ، وهو ما يزيد من أعمار المبانى والمنشآت.
وأوضحت “هاجر”، يوفر هذا المشروع نصف كمية الأسمنت المستخدمة، حيث إن من المعروف أن المتر الخرسانة المكعب يحتاج إلى 9 شكائر من الأسمنت، ولكن بعد استخدام البكتريا يتم استخدام ما يقرب من 5 شكائر فقط، وهو ما يوفر فى التكلفة لصاحب المنشأة بمعنى أن 1000 متر مكعب يوفر 4000 شمارة أسمنت، وبالتالى التقليل من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون وتكون خرسانة صديقة للبيئة والتقليل من قطاعات العناصر الإنشائية مما يقلل من التكلفة المادية بالإضافة إلى التحام الشروخ السطحية والعميقة التى يتم إصلاحها بمبالغ طائلة مما يزيد من عمر المنشأة.
وتابعت “هاجر”: لذا يوصى باستخدام هذا النوع من الخرسانة فى مجال التشييد كما يوصى بتطويره باستخدام أكثر من نوع من البكتريا المماثلة لهذه السلالة ودراسة تأثيرها على المدى البعيد وتحت ظروف قاسية.
ووجهت “هاجر” الشكر إلى الدكتور أحمد طهوية الأستاذ بقسم الهندسة الإنشائية، والذى ساهم بشكل كبير فى التوصل إلى هذه النتائج المبهرة، وأسرتها الصغيرة، بعد أن ساعدتها بكل الأشكال فى نجاح مشروعها، وتحمل الأعباء حتى وصلت إلى هذه النتائج الجيدة.
اختيار الضغط والانحناء
“بالإمكانيات الموجود ة في الكلية تمكننا من إجراء هذا الاختبار ودخلنا به في مسابقة يوم الهندسة المصري، وأجرينا بعض الاختبارات في الكلية مثل اختيار الضغط والانحناء، وبعض الاختيارات التخصصية من الأشعة وأخرى في كلية الزراعة”، هكذا شرح الدكتور أحمد طهوية، الأستاذ بقسم الهندسة الإنشائية، كيفية تنفيذ البحث.
وقال: “إننا نشجع الطالب دائما علي الابتكار والإبداع، وأن يدخل علي بنك المعرفة المصري، ويقرأ الأبحاث ونكمل عليها، ونضع لها البرنامج العملي وفق الإمكانيات المتاحة، ونبدأ في تحليل النتائج والنسبة المثالية للبكتريا التي تعطي أعلي مقاومة”.
وأضاف طهوية، أن إنتاج خرسانة صديقة للبيئة، وهذا أحد المواضيع الحديثة في العالم كله ونطلق عليها “الخرسانة الحية”، حيث تنتج مواد إضافية تسد المسام في شروخ الخرسانة، والأسمنت من الصناعات الضارة وكثيفة الطاقة ويستنزف المواد الخام وكلما نقلل من صناعة الأسمنت نوفر الطاقة وننتج خرسانة صديقة البيئة.
وأشار إلى أنه “في العادي نستخدم 7 إلى 9 شكائر أسمنت لكل متر خرسانة، أما البحث يستخدم 5 شكائر فقط ويعطي مقاومة 9 شكائر، وبالتالي وفرنا في المواد الخام وفي الطاقة المستخدمة لإنتاج الأسمنت، في المقابل تكلفة البكتريا محدودة، ويفر عملة صعبة كبيرة للدولة”.