المجلةبنك المعلوماتمبدعوننقاط مضيئه

توماس اليوت .. الأرض الخراب

شاعر، وناقد، ومفكر بريطاني أمريكي من أشهر شعراء الحداثة الغربيين، تعتبر قصيدته الأرض الخراب من أهم أعماله ومن أهم القصائد التي خلدها الأدب الغربي، وكان صاحب مكانة متميزة بين أدباء عصره.

ولد الشاعر الانجلو أمريكي توماس ستيرنز أليوت في عام 1888م، ونشأ في سانت لويس في الولايات المتحدة الأميركية وتلقى تعليمه الجامعي من عام 1906م إلى عام 1915م في جامعة هارفارد الأمريكية ، و جامعة السوربون الفرنسية، وجامعة أكسفورد في بريطانيا.

استقر اليوت بعد ذلك في إنجلترا وحصل على الجنسية البريطانية، وكان اليوت من أسرة معروفة من إحدى السلالات البريطانية القديمة ذات الجاه و الثراء، وكان هو مع أدبه في انجلترا من رجال الأعمال الناجحين في ميدان النشر، واشتهر أول أمره بعد نشرِه منظومته الرائعة الأرض المقفرة في عام 1922م، كما عرف بمسرحيته “مقتل في الكنيسة”، وقد توفي هذا الشاعر في عام 1965م.
وكان إليوت واحدا من أكثر الشعراء جرأة و إبداعاً في القرن العشرين وسار بمنهج شعري رصين يتمثل في رؤيته بأن الشعر ينبغي أن يستهدف تمثيلاً حقيقياً لتعقيدات الحضارة الحديثة في اللغة وهذا التمثيل بالضرورة يؤدي إلى صعوبة الشعر.

وتعتبر قصيدة “الأرض الخراب” من أهم أعمال اليوت وقد صار عملاً كلاسيكياً بين قمم الأعمال الكلاسيكية, لا ينكر احد  قيمته وان كان لا يزال, حتى يومنا هذا, عصياً على الفهم تماماً, وبالتالي عصياً على الترجمة وهي تصوّر عالماً تشاؤمياً وتنقل تعبيراً عن رعب مذهل يصاحب البحث عن عوالم أخرى بعيدة، وتقول بدايتها:

“نيسان (ابريل) أقسى الشهور, فهو ينبت/ الزنابق من الأرض الميتة, ويمزج/ الذكرى بالرغبة, ويجعل/ الجذور الخاملة تنبض بأمطار الربيع (…)”.

ومن أقواله اليوت المأثورة : ” المرأة يجب أن تثير حولها جواً من الغموض.. بحيث تجعل الرجل متشوقاً إلى اكتشاف سر هذا الغموض.. ولن يكتشف ذلك طوال عمره ” .

وكان “توماس إليوت” هو الذي قام بصياغة مصطلح المعادل الموضوعي في دراسته عن مسرحية “هاملت” لـ “شكسبير” والتي نشرت في عام 1919م، حيث قال “إليوت”: “إن الطريقة الوحيدة للتعبير عن عاطفة ما في الفن أو بالفن هي العثور على “معادل موضوعي” أي على مجموعة من الأشياء المنتظمة أو على موقف أو على سلسلة من الأحداث التي يصير أي واحد منها هو “الصياغة” الفنية لتلك العاطفة بالذات بحيث تستثار تلك العاطفة على الفور حينما تقدم تلك الحقائق الخارجية، وهي التي ينتهي دورها بمجرد تلقيها أو بمجرد ممارستها ممارسة حسية”.

وقد كان لظهور الشاعر توماس اليوت تأثير كبير على النقد العربي وقد عرض نظراته النقدية في طائفة من مؤلفاته ثم طبقها في قصيدته المشهورة “الأرض اليباب” حيث اهتم اليوت بالتراث الأدبي العالمي وضمنه شعره ومقاطع من روائع التراث الغربي وهو يثبت هذه المقاطع بلغتها الأصلية، فاقتبس من إلياذة هوميروس ومن إنيادة فرجيل ومن جوته ودانتي الإيطالي في الكوميديا الإلهية ومن الشعر الرمزي الفرنسي، وشعر بودلير خاصة.

وكانت ثقافته الواسعة معينة له في إيراد هذه المقتبسات وذهب كذلك إلى دراسة النص الشعري بمعزل عن المؤثرات الخارجية من أي نوع كانت، وقد اتسم شعر إليوت بالغموض، ولكنه غموض العمق لا غموض البلاغة اللفظي والزينة، كما اتسم بالإفراط في العقلانية وغياب العلائق المنطقية، واستخدامه الصور بإفراط، ولكنها صور عسيرة على التصور، ولابد من إمعان النظر فيها لتكشف عن مدلولاتها.

وقد اضطره هذا المنهج إلى التضحية بالشكل الشعري المتوارث في سبيل التعبير عن المحتوى، فظهر على يده ما عرف بالشعر الحر، العاري عن الوزن والقافية، وهذا اللون من الشعر لقي رواجًا لدى طائفة من الشعراء العرب المحدثين والمعاصرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى