اختراعاتاختراعات تكنولوجيهاختراعات طبية

جهاز التصوير المقطعي.. ثورة الطب الحديثة

يعد جهاز التصوير المقطعي Computerized Axial Tomography CAT من الأجهزة الطبية الحديثة التي تستخدم أشعة اكس في الحصول على صورة مجسمة لجسم الإنسان بدلاً من صور أشعة اكس التقليدية التي توفر معلومات بسيطة عن الهيكل العظمي للإنسان وبعض الأعضاء العضوية. وتعتبر أجهزة التصوير المقطعية هي تطور للتصوير والتشخيص باستخدام أشعة اكس واعتمد تطوره على التطور الهائل في الكمبيوتر وسرعته. وباستخدام أجهزة CAT يستطيع الطبيب فحص وتشخيص جسم الإنسان بدقة تصل تمكنه من النظر إلى جسم الإنسان كأنه مكون من شرائح رقيقة لتحديد المرض ومكانه بدقة وسرعة عالية.

فكرة عمل جهاز الـ CAT

الاسم العلمي لجهاز الأشعة المقطعية هو (Computerized Axial Tomography (CAT)) ويعرف اختصارا بـ CT اي Computerized Tomography (CT). وهو عبارة عن جهاز مسح ينتج أشعة اكس، وأشعة اكس هي أشعة ذات طاقة عالية تخترق الأنسجة الحية لجسم الإنسان ولا تخترق العظام، وتعتبر أشعة اكس جزء من الطيف الكهرومغناطيسي والذي يتكون من فوتونات تنطلق بسرعة الضوء والتي تبلغ 300,000 كيلومتر في الثانية ذات تردد عالي وطاقة أكبر بكثير من طاقة الضوء المرئي.

في التصوير العادي باستخدام أشعة اكس يعمل جهاز التصوير بإصدار أشعة اكس على الجزء المحدد من جسم الإنسان ويتم استقبال الأشعة التي تنفذ من الجسم على الجهة المقابلة على فيلم خاص، والصورة التي تلتقط عبارة عن ظل هذه الأشعة على جسم الإنسان وحيث انها تخترق الأنسجة الحية للجسم ولا تخترق العظام فإن الظل هو عبارة عن صورة العظام.

وحيث أن الظل هو عبارة عن صورة في بعدين لا تعطي فكرة كاملة عن شكل الجسم. ولتوضيح ذلك دعنا نستعين بالمثال الموضح في الشكل أدناه حيث يقف شخص عند احد أركان الغرفة ويحمل في يده اليمنى بالقرب من صدره ثمرة الأناناس وفي يده اليسرى ثمرة موز، فإذا ما تم تسليط الضوء من مصباح في الاتجاه الجانبي للشخص فإن الظل الذي يتكون سوف يوضح لك أن الشخص يحمل الأناناس فقط ولا يعطي أية معلومة إذا ما كان يحمل موزة في اليد الأخرى وكذلك الحال إذا ما سلط الضوء بالاتجاه الأمامي للشخص فإن الظل المتكون سوف يظهر لك إن الشخص يحمل الموزة بيده اليسرى بينما لا تملك أية معلومة عن ماذا يحمل بيده اليمنى على افتراض انك لا ترى إلا الظل فقط.

ما تم مناقشته في المثال السابق هو بالضبط ما يحدث في حالة التصوير التقليدي باستخدام أشعة اكس فإذا ما كانت المنطقة المراد تصويرها في جسم الإنسان تحتوي على عظمة صغيرة وخلفها أو أمامها عظمة كبيرة فإن الصورة الناتجة ستظهر العظمة الكبيرة فقط، ولتصوير العظمة الصغيرة لابد من الطلب من الشخص الدوران بالنسبة لجهاز أشعة اكس أو جعل أشعة اكس تدور حوله بالزاوية المناسبة لتصوير العظمة الصغيرة.

ولنعود إلى مثالنا السابق مرة أخرى فلكي نستطيع رؤية الموزة والأناناس فإننا نحتاج إلى ان ننظر إلى الظل المتكون عن كل جانب لنستطيع تخيل ما يحمله في كلتا يديه. وهذه هي الفكرة الأساسية التي يعتمد عليها جهاز الأشعة المقطعية حيث يعمل الجهاز على توجيه أشعة اكس على جسم الإنسان مع تحريكه حركة دائرية حول مركز الجسم لأخذ المئات من الصور على زوايا مختلفة ويتم تجميع الصور الناتجة (الظلال المتكونة على الجانب المقابل لكل زاوية) في ذاكرة الكمبيوتر الذي يقوم بدوره بتجميعها وتكوين صورة ثلاثية الأبعاد للجسم.

مراحل تطور جهاز الأشعة المقطعية

أول جهاز تصوير بالأشعة المقطعية تم اختراعه بواسطة العالم البريطاني Godfrey Newbold Hounsfield في مختبرات البحوث المركزية لشركة ثورن اي ام اي حيث بدأ بوضع فكرته في 1967 وتمكن في العام 1972 من إنتاج أول جهاز تصوير بالأشعة المقطعة وحصل على جائزة نوبل في العام 1979 مع شريكه Allan McLeod Cormack الذي عمل معه فيما بعد.

أول نموذج لفكرة عمل جهاز CAT

النموذج الأصلي الذي تم تصميمه في العام 1971 صمم ليتمكن من اخذ 160 مقطع لجسم الإنسان وكل مقطع يتم اخذ 180 صورة حول محور الجسم أي صورة لكل درجة ولقد أخذت عملية التصوير أكثر من 5 دقائق. والصور التي تم تجميعها تأخذ حوالي 2.5 ساعة ليتمكن الكمبيوتر من تكوين الصورة

تم إنتاج أول جهاز تصوير مقطعي لتصوير الدماغ وسمي على اسم الشركة EMI Scanner واستخدم في مستشفى اتكنسون مورلي في في ولاية وينبلدون البريطانية وأول شخص تم عمل مسح مقطعي لدماغه كان في العام 1972، و احتاجت عملية مسح مقطع واحد إلى 4 دقائق والزمن المطلوب لتكوين الصورة بواسطة الكمبيوتر يحتاج إلى 7 دقائق لكل صورة. وهذا الجهاز يحتاج إلى وضع الشخص في وعاء خاص مملوء بالماء لتقليل التعرض لأشعة اكس الصادرة من الجهاز أثناء عملية المسح والتصوير.

الصور الناتجة من هذا الجهاز كانت ضعيفة من ناحية القدرة التحليلية Resolution وتبلغ 80*80 بكسيل فقط.

أجيال جهاز المسح المقطعي CT

تصنف أجهزة المسح المقطعية إلى عدة أجيال حسب تطور آلية المسح وسرعته والمدة الزمنية المستغرقة لتكوين الصورة، وسوف نستعرض هذه الأجيال ونناقش مراحل تطورها.

الجيل الأول

استخدم الجيل الأول من الماسحات المقطعية شعاع بسمك قلم الرصاص يوجه إلى الجسم ويتم رصده بواسطة كاشف واحد أو اثنين فقط. والصور يتم تجميعها من خلال مسح دوراني وانتقالي حيث يكون مصدر أشعة اكس والكاشف مثبتان في جهاز يسمى الجانتري gantry ويدوران بالنسبة لبعضهما البعض بحيث يكون جسم الإنسان في محور الدوران لهما. وتقدر المدة الزمنية للصورة الواحدة حوالي 4 دقائق حيث يكون الجانتري قد عمل دورة كاملة 180 درجة ثم ينتقل الجانتري لمسح جزء آخر من جسم الإنسان. وكان استخدام هذا الجيل يتطلب غمر جسم المريض في حوض مائي لتقليل تعرضه لأشعة اكس.

الجيل الثاني

تم تطوير جهاز المسح المقطعي بحيث زاد عدد الكواشف وأصبح شعاع أشعة اكس أكثر اتساعاً ليغطي الكواشف المقابلة له. طريقة المسح لا زالت شبيه بطريقة المسح المستخدمة في الجيل الأول عبارة عن مسح دائرة وانتقالي حول جسم الإنسان، وزيادة عدد الكواشف وزيادة اتساع أشعة اكس أدى إلى أن تكون دورة المسح لكل مقطع من مقاطع الجسم تغطي 180 درجة بانتقال 30 درجة بدلا من درجة واحدة كما كان في الجيل الأول مما أدى إلى تقليل زمن المسح.

الجيل الثالث

طرأ تطور ملحوظ على الجيل الثالث من حيث السرعة في الحصول على الصورة، وذلك بإلغاء الحركة الانتقالية وجعل الحركة دائرية فقط، مما جعل زمن المسح ثانية واحدة فقط. وللتخلص من الحركة الانتقالية أثناء المسح في الجيل الثالث تم تصميم الكواشف التي ترصد أشعة اكس التي تنفذ من جسم الإنسان على شكل قوس مما يحافظ على مسافة ثابتة بين مصدر أشعة اكس والكواشف أثناء الدوران. كما تم إضافة حواجز بين المريض وأشعة اكس وبين المريض والكواشف لنضمن حزمة رقيقة من أشعة اكس التي تنفذ إلى جسم الإنسان مما يقلل من تعرضه للأشعة.

الجيل الرابع

تم تصميم الجيل الرابع مشابها للجيل الثالث من ناحية المسح بحركة دائرية فقط، والإضافة التي طرأت هي على الكواشف التي تم تثبيتها على كامل محيط الجانتري والتي بلغ عددها 1000 كاشف، مما جعل الحركة مقصورة على مصدر أشعة اكس فقط مع ثبات الكواشف لأنها تحيط كامل الجانتري. هذا التصميم جعل مسح مقطع كامل للجسم لا يستغرق أكثر من ثانية واحدة.

آلية تكوين الصورة

بينما يستلقي الشخص المراد تصويره بجهاز المسح القطعي على سرير خاص يتحرك السرير ببطء ليصبح في منتصف جهاز المسح الجانتري ويحتوي الجانتري على جهاز أشعة اكس الذي يدور في حلقة حول المريض ويحتوي الجانتري على الكواشف الحساسة لأشعة اكس في الجهة المقابلة لأشعة اكس، وبالتالي يكون الشخص المستلقي على السرير في مركز الدوران وبين مصدر أشعة اكس والكواشف.

يتحكم في دوران أشعة اكس والكواشف داخل الجانتري موتور خاص يتحكم فيه الكمبيوتر ليحدد زاوية وسرعة الدوران. بعد إتمام دورة كاملة يكون الجهاز قد صور مقطع من الجسم فيتحرك السرير بالنسبة للجانتري ويتم مسح وتصوير مقطع آخر من الجسم.

وبهذه الطريقة يكون الجهاز قد صور باستخدام أشعة اكس كل المنطقة المطلوب تصويرها على شكل مقاطع من خلال انتقال ودوران أشعة اكس داخل الجانتري أو ما يشبه الحركة الحلزونية. يتحكم الكمبيوتر في شدة أشعة اكس حسب المنطقة المراد تصويرها من جسم الإنسان. وبعد الانتهاء من مسح كل جسم الإنسان يقوم الكمبيوتر بتجميع كل المعلومات التي حصل عليها من الكواشف ليكون صورة ثلاثية الأبعاد للجسم، والجدير بالذكر انه لا يتم مسح كامل جسم الإنسان فعادة الطبيب يحدد للفني المختص الجزء المطلوب مسحه.

وحيث ان تصوير الجسم يتم من خلال مقطع ومن مختلف الزوايا فإن الصور التي نحصل عليها بواسطة جهاز الأشعة المقطعية تكون أكثر تفصيلاً ووضوحاً بالمقارنة بالتصوير التقليدي باستخدام أشعة اكس.

وفي النهاية فإن جهاز الأشعة المقطعية أصبح من الأجهزة الأساسية للتشخيص التي يعتمد عليها الأطباء في العلاج.

موضوعات كيف تعمل الأشياء بالتعاون مع د. حازم فلاح سكيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى