رائد الأعمال (هاني الغفيلي) وجائزة الملك سلمان كأفضل قيادي
يعشق رائد الأعمال (هاني بن إبراهيم الغفيلي) رئيس مجلس إدارة مركز الاقتصاد الرقمي العوالم الرقمية، درس البرمجيات وتصميم المواقع الإلكترونية، تابع دراسته للإعلام الرقمي، وجرى اختياره مؤخرا متحدثًا رسميًّا لوزارة الإعلام السعودية. بدأ مشواره المهني بتطوير المواقع الالكترونية ودشن الكثير من البوابات والمشاريع الرقمية، وكانت مدخله إلى مجال الإعلام الرقمي حيث حقق نجاحات ومتابعات واسعة من خلال شبكة عالم حواء، ثم شبكة الزعيم، ونال عددًا من الجوائز كان من أهمها جائزة الملك سلمان كأفضل قيادي، وجرى تعيينه مستشارًا لوزير الإعلام.
بدأ بتصميم المواقع الإلكترونية والبوابات الرقمية قبل نحو ربع قرن، في وقت كان يعد دخول الرقمنة إلى عالم الأخبار والإعلام أشبه بالحلم والخيال، لكن شغفه بهذا التحول جعله أحد رواد صنّاع المحتوى الرقمي في المملكة. يقول: “كنت محظوظًا جدًا حينما أتقنت بناء المواقع الإلكترونية وتصميمها ورفعها على شبكة الإنترنت خلال السنوات الأخيرة لدراستي الجامعية من بين قلائل في ذلك الوقت”.
Table of Contents
(شبكة مواقع عالم حواء)
بفضل هاني الغفيلي حققت (شبكة مواقع عالم حواء) شهرة كبيرة، بدأت من موقع دليل للطبخ العربي، حيث استهوته الفكرة بعد أن اقترحها أحد الأصدقاء موضحًا “لم تكن الفكرة منتشرة في ذلك الوقت، وبما أن لدي كنزًا من المحتوى الذي كتبته وحفظته في جهازي الشخصي، وكنت قد فعلت هذا لوالدتي (أم هاني) لطبخاتها المفضلة، كي أتمكن من طباعته لها بشكل مناسب، واستطعنا أنا والصديق الدكتور مروان الصاعدي تأسيس هذه الشبكة، ومن ثم تطور المشروع، ليضم ما يقارب 18 موقعًا متخصصًا منها ما هو مختص بالطفل، ومنها ما هو مختص بالمرأة، والأزياء، والطبخ، والجمال، وخلافه. وبدأ المشروع يتحول من شخصين فقط إلى 28 موظفًا وموظفة”.
وكشف هاني أثناء حديثه لمجلة (الرجل), أن الشبكة بعد النجاح الذي حققته، غدت تحديًا كبيرًا، وتزايدت الإيرادات، إضافة إلى دخلٍ عالٍ من الإعلانات حيث تجاوزت 5 ملايين ريال في إحدى السنوات، فقد احتوت على خدمات سبقت وقتها، مثل متاجر عالم حواء في عام 2004 في الوقت الذي لم تكن تجربة المتاجر الإلكترونية موجودة ومتعارفًا عليها.
مضيفًا: “كان العرض والطلب عن طريق المتجر بطريقة مختلفة تمامًا عما هو عليه الوضع حاليًّا ومع ذلك كنا نحقق أرباحًا جيدة جدًا، أيضا جرى إنشاء موقع طبي لمخاطبة المرضى وتقديم استشارات طبية مع متخصصين بعضها مجانية، وبعضها بقيمة مالية”.
كارثة وقفزة
استيقظ الغفيلي ذات صباح -وهو في قمة نجاحاته- ليجد أن موقعه تعرض للاختراق من قبل جماعة إسرائيلية أوقفت عمل الشبكة، يصف ما حصل بالـ”صاعقة”، ويضيف “دخلت وإذا به شاشة سوداء وجميع البيانات غير موجودة تمامًا. بالطبع هذه الحادثة أربكتني جدًّا، فقد خسرت جهدًا وعملاً ومتابعة سنة ونصف سنة، بكل تفاصيلها، أفقدني الكثير من المتابعين وحقًا كانت مصيبة بكل معنى الكلمة”.
ويتابع “حينها تواصلت مع أحد الأصدقاء فأشار عليّ بأن أرسل أن الموقع اخترق، وأخذت بنصيحته وأضفت كلمة بسيطة عليها أن من يحتفظ بصفحات للموقع يرسلها لي، لتشكيل الشبكة مرة أخرى”.
وكانت النتائج خارج التصور، يضيف “الكارثة التي حلت علي تحولت إلى قفزة كبيرة، بل شكلت نقطة الانطلاق والنجاح الحقيقية فقد أعيدت هيكلة الشبكة وبناؤها من خلال الكم الهائل الذي وصلني من المتابعين، وحققنا متابعات ثلاثة أضعاف الفترة السابقة، وحقًّا في الأزمات تتحقق المعجزات”.
فقدنا صفقة خيالية
بعد نجاحات (شبكة مواقع عالم حواء) قدمت “مكتوب” -قبل الاستحواذ عليها من ياهوو- عرضًا للاستحواذ على الشبكة، وكان الهدف هو الحصول على الحصة الإعلانية الإلكترونية بصفتها من أكبر الجهات التي تحقق مشاهدات في منطقة الشرق الأوسط تلك الفترة، ما لفت موقع مكتوب لشرائه لكن الصفقة لم تتم، موضحًا تفاصيلها: “جرى التفاوض معنا أكثر من مرة، وبدأت الصفقة بقيمة خمسة ملايين ريال، ثم عشرة ملايين، ومن ثم تضاعف الرقم إلى قيم أكثر مما نتخيل، ولكن للأسف لم يكتمل البيع، بسبب اختلاف آراء الشركاء والتأخر بالرد”.
وبحسب ما ذكره هاني الغفيلي جرى بيع الشبكة لاحقًا لمجموعة أخرى بقيمة مالية أقل بكثير لصالح المجموعة الوطنية للتقنية (NTG).
ثلاثة أسباب للفشل
بعد نجاحه السابق قرر هاني الغفيلي خوض التجربة مرة أخرى ولكنه “لم يحقق النجاح المرجو”، ويعترف بأنه أسس نحو ثمانية مشاريع، منها “مفازا” لملخصات المحتويات من المواقع الإلكترونية ومشروع الشاشات التفاعلية “3Deyez“، ومحرك بحث “الرحالة” ومشروع “فرصة” للتسوق وموقع العين الثالثة والذي يعتمد على الحوارات القصصية المطولة، ومؤسسة متخصصة في الإنتاج الإعلامي، وغيرها”..
ويرى الغفيلي أن عدم تحقيقه للنجاح يعود إلى ثلاثة أسباب، الأول هو استعجال النجاح وعدم الصبر على تحقيق النتائج الجيدة مهما كانت العوائق، والثاني هو اعتقادي أن الفكرة الخلاقة هي من تصنع الانطلاقة، فيما اكتشفت لاحقًا أن الإصرار على تجاوز الصعوبات هو طريق النجاح، والأمر الثالث ضرورة وجود رأس مال كبير وضخ متواصل وكوادر مشغلة وتفرغ لمتابعة العمل”.
ويكشف أن مشاريعه تلك انتهت بالبيع لصالح جهات أخرى أو شركات مشغلة مقابل مبالغ مالية جيدة، وبعضها توقف خصوصًا فترة التحاقه بالعمل الحكومي وتحديدًا وزارة الإعلام.
محب وليس متعصبًا
كان لنادي الهلال مساحة مهمة في حياة هاني الغفيلي حينما أسس موقع “شبكة الزعيم” في عام 2000م، ويقول “قبل 22 عامًا كان نادي الهلال -ولا يزال- هو الفريق الأول لي، أنا لست متعصبًا ولكن محب، وفي تلك الفترة كانت قد انتشرت المواقع الإلكترونية، التي أدارت كثيرًا من النقاشات الرياضية، ما دفعني لتأسيس موقع خاص بنادي الهلال، كان الهدف فقط جمع محبي نادي الهلال في موقع مخصص لإدارة التحليلات الرياضية الخاصة بكل مباراة”.
مضيفًا: “انضم لي الزميل أحمد السويلم وسلمان العنقري، وبعدها تلقينا اتصالاً من صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن ثامر الذي عرض علينا الدعم الكامل لكل ما تتطلبه الشبكة، وبعدها أصبحت تحصد نجاحات منقطعة النظير وأصبح من أهم المواقع الرياضية، بل أصبح نادي الهلال تحت اسم شبكة الزعيم من أكبر مواقع الأندية مشاهدة بالعالم، استمر هذا النجاح سنوات طويلة حتى ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي وكانت الهجرة الجماعية إلى موقع تويتر، وإنستغرام، وسناب شات وغيرها من التطبيقات الحديثة”.
رفضت بيع الزعيم
اسم “الزعيم” يطلق على نادي الهلال، ولكن في 2003 استطاع نادي العين الإماراتي الفوز في بطولة دوري أبطال آسيا، وأصبح يطلق على نفسه ذات اللقب، ما أفرز إشكالية، يقول الغفيلي: “تواصل أحد منسوبي النادي الإماراتي معي هاتفيًّا لشراء موقع (alzaeem.com) من أجل ترسيخ اللقب، ورفضت من حيث المبدأ، ولكنهم رفعوا العرض المالي لمقابل 500 ألف ريال، وكنت أمام خيار صعب وأنا في مقتبل العمر، وبعد عدة مشاورات رفضت العرض، وأبلغت الأمير عبدالله بن مساعد رئيس نادي الهلال بذلك، ما عزز قيمتي في نادي الهلال، وحصدت مكانة مهمة في النادي استمرت حتى اللحظة”.
منوهًا بأن “بعض القرارات الصعبة، والاختيارات القائمة على القيمة المعنوية تجلب لصاحبها مكانة أفضل”. وهذا ما ترجمه نادي الهلال في معاودته التواصل مع الغفيلي، مستكملاً حديثه: “طلب الهلال مني تحديث منظومة رقمية لموقع النادي، وفي عام 2019 أصبح التواصل داخل النادي رقميًا مئة في المئة، وأسسنا بنية تحتية، وحصدنا العلامة الكاملة في جميع المعايير الرقمية، والمركز الأول بين الأندية والدعم المالي الكامل”.
رد الجميل
لم تتوقف مساهمات الغفيلي عند الحدود الرياضية فهو عضو في مجلس إدارة جمعية “أطفالنا” للأطفال محاربي السرطان من باب المشاركة الإنسانية، مضيفًا: “المسؤولية الاجتماعية متفرعة جدًا وتعطي خيارات واسعة للمساهمة ورد الجميل للوطن من باب الإسهامات الخيرية التي تساعد فئات مجتمعية مهمة. من هذا المنطلق كانت المساهمة والعمل مع جمعية أطفالنا لأطفال السرطان، كتعاون مجتمعي في كل المتطلبات التقنية، وغير التقنية إن تطلب الأمر”.
الاستشارات الأسرع نموًّا
يشغل الغفيلي اليوم منصب رئيس مجلس إدارة (مركز الاقتصاد الرقمي) مع عضويته في مجلس إدارة (جمعية رقمن) التي تملك 70% من المركز، عن هذه الشراكة يقول “سوق الاستشارات سنويًّا يدفع عليه ما يقارب 12 مليار ريال حسب إحصائيات شركة Source Global Research، ويعد من ضمن الأسرع نموًّا في العالم بمعدل وصل إلى 12%. وفي المقابل فإن نسبة استحواذ الشركات السعودية لا تتجاوز 5% وفق الإحصائيات. لذلك وجدنا أن السوق مناسب لخوضه بالشراكة مع عدد من الزملاء، وقررنا تأسيس المركز للدراسات والاستشارات في مجال التحول الرقمي، وحاليًّا لدينا مشاريع لدراستها والبت في إبرام عقودها”.
ويوضح بالرغم من أن المركز “تأسس في نهاية عام 2020م خلال الجائحة، فإن تلك الفترة الزمنية كانت قد فتحت مجالات جديدة في السوق السعودي، وعملت على تحريك السنوات الرقمية إلى الأمام”.
الجوائز حفزتني
خلال مسيرته حصد هاني الغفيلي عددًا من الجوائز كان أبرزها جائزة الملك سلمان 2015 كأفضل قائد ومتحدث رسمي لوزارة الإعلام، وعنها قال: “الجوائز محفزة للمرء لمواصلة جهده وعمله، وهي تقدير معنوي أكثر منه ماديًا، ولعل جائزة الملك سلمان كانت أهم جائزة كرمت بها”.
موضحًا أنه حصل أيضا على جائزة مقدمة من وزير الاقتصاد الإماراتي في أثناء عمله في صحيفة الرياض، وجائزة أفضل قيادي شاب من معهد الشرق الأوسط، مبينًا أن هذه الجوائز تعمل على تشجيعه ودفعه بشكل مستمر لمواصلة نجاحاته.
السعودية تقفز رقميًّا
ويؤكد الغفيلي بوصفه خبيرا إعلاميا وصانعا رقميا، أن تصنيف السعودية هو الثانية عالميًّا بين دول مجموعة العشرين ضمن تقرير التنافسية الرقمية لعام 2021 الصادر من المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية. مضيفًا: “تقدمت السعودية بشكل كبير جدًا في البنية التحتية الرقمية، والألياف البصرية، وسرعة النت، وحوكمة العمل الرقمي، ووجود لوائح وإطار للعمل التقني اعتمدت بشكل متقدم جدا، ما شكل قفزة مهمة في هذا العالم ومتسارعة ومتوازية مع ما يشهده العالم من توسع في عالم التقنية”.
هذا ويرى هاني الغفيلي نفسه مستقبلاً في إدارة عدد من المشاريع الرقمية الخلاقة التي تخدم السعودية بما يتناسب وحجمها في الشرق الأوسط والعالم.
محطات فارقة في مسيرة الغفيلي:
تنقل الغفيلي بين عدد من المناصب الحكومية، بداية عمل بإدارة الحاسب بجامعة الملك سعود والمشاركة في تنفيذ وتطوير موقع الجامعة، ثم مشرفًا على الخدمات الإلكترونية في إمارة منطقة الرياض، بعد ذلك عمل مديرًا لإدارة الإعلام الإلكتروني، ومديرًا للتحرير الرقمي وتطوير موقع جريدة الرياض الإلكتروني ومجلة اليمامة، وتولى فيها الإشراف على الخدمات الإلكترونية في مؤسسة اليمامة الصحفية ومنصات التواصل الاجتماعي.
ثم انتقل إلى وزارة الإعلام حيث اختير متحدثًا رسميًّا باسم الوزارة. وعن هذه الفترة قال: “تشرفت بالعمل مستشارًا لوزير الإعلام وحينها كان علي الاختيار ما بين مواصلة العمل الخاص، أو الانخراط في الوظيفة الحكومية بكل مميزاتها، وكانت وظيفة المتحدث الرسمي للوزارة محطة فارقة في مسيرتي الإعلامية بجانب تأسيس مركز الخدمات الإلكترونية في الوزارة”.
ليستقر مؤخرا في إحدى الجهات الكبرى ويتولى فيها الجانب الإعلامي ويشرف على إنتاج المواد المرئية والإبداعية.
وعن الدورات التدريبية التي يقدمها الغفيلي يقول “موجهة للشباب والشابات في السعودية بهدف نقل المعرفة، وأركز على التخطيط الاستراتيجي، ومهارات الإعلام الرقمي، وصناعة المحتوى، وأخلاقيات الإعلام، وأغلبها من جانب تطوعي ومن أجل مساعدة المتدربين في تجاوز التحديات التي يواجهونها”.