بسرعة بديهة لا تخلو من التناغم والجمال يحول أي اسمين ليكونا وجهين لعملة واحدة فيقرأ أحدهما بالعربية والآخر بالانجليزية بمهارة تتحول الأرقام إلي أسماء والهيروغليفية إلي لاتينية سليمة.. إنه عمل يجيده ساحر الخطوط عبدالوهاب محمود سالم الذي أجاد اكتشاف أسرار اللغة وذاب عشقا في أسماء الله الحسني التي كتبها كاملة داخل لفظ الجلالة بإبداع لا مثيل له.
وذكرت صحيفة روز اليوسف الصمرية أن عبدالوهاب محمود (40 عاما) بدأ عشقه للخط العربي منذ ان كان في المرحلة الثانوية فقد كانت هوايته المفضلة هي تأمل اللافتات وما عليها من خطوط ليبرع بعد ذلك في تقليدها دون التمييز بين انواع الخطوط والتي تعرف عليها فيما بعد عندما زار اول معرض فني له في الإسكندرية عام 1978 بمعسكر أبو قير للشباب، بعدها فاجأه المسئول عن المعسكر بأنه يستخدم الخط الكوفي الأندلسي، ومن هنا بدأ في التعرف علي انواع الخطوط العربية التي علمها لنفسه بنفسه فهو لم يدرس بمدرسة الخطوط.
ومن هذه المرحلة شرع عبدالوهاب محمود في التعبير عن أفكاره بالخط الثلث ومحاولة تطويعها وكتابتها بشكل غير تقليدي لكن فكرة كتابة الأسماء وتحويلها من الإنجليزية للعربية جاءت بالصدفة وتحمل وراءها قصة طريفة عندما طلب منه احد اصدقائه تقديم هدية لخطيبته، وأراد مساعدته في أن تكون هدية غير تقليدية، فكانت فكرته في أن يرسم له لوحة بها اسمهما و كانت البداية من تحويل حرف “”A الذي حوله إلي “ع”.
من هنا اعتاد الذهاب لزملائه يوميا في جامعتي القاهرة وعين شمس حيث وجد متعته في العمل مع الشبان والشابات الذين يرغبون في كتابة أسماء أصدقائهم أو أحبائهم، مما ساعده علي تحدي نفسه و تحويل الـ 26 حرفا الإنجليزية وتطويعها في كتابة الـ 28 حرفا التي تشكل الأبجدية العربية.
بعد حصوله علي مؤهل فني صناعي متوسط عمل منفذ اعلانات في مسرح السلام وكانت اعماله تلقي اعجاب من يشاهدها و هو ما دفعه للتفكير في كتابة أسماء الله الحسني كلها من خلال لفظ الجلالة “الله” حيث تتجسد كلها فيه، فمثلا “الغفور” أو “الملك” ممكن قراءتها “الله”،بعدها سافر إلي عدة دول أوروبية ما بين المانيا وهولندا و بلجيكا حتي استقر به الحال في فرنسا التي عاش بها لعدة سنوات وعمل في مقهي يقع امام جامعة السوربون كان سببا في انفتاحه علي عالم اخر مليء بالمعلومات والكنوز التي حاول استغلالها قدر استطاعته.
خلال هذه الرحلة كان الخط خير رفيق ومعيناً له حيث قام بتنفيذ نفس الفكرة هناك وهو ما لاقي اقبالا لدي متذوقي هذا النوع من الفن رغم عدم فهم حروف الخط العربي، فقرر مخاطبة الغرب بما يفهم وهو الارقام والحروف اللاتينية وزاد عليها ما لمس انهم يذوبون عشقا فيه وهو الحروف الهيروغليفية مستلهما هذه الفكرة من المسلة الفرعونية الموجودة في الكونكورد، وكان يجذب الفرنسيين إليه بإستخدام الرموز الهيروغليفية أيضا مع الأبجدية العربية والإنجليزية، واستعان في ذلك بكتب لعالم الآثارعبد الحليم نور الدين.
سرعان ما عاد إلي مصر متأثرا بتجربته و أكثر ما أبهره هو الاهتمام الشديد برعاية أصحاب المواهب و هو ما يتمني أن يحدث في مصر مؤكدا أننا نمتلك آلاف المواهب المتميزة التي قد لا نعرف عنها و تنتهي بنهاية حياة اصحابها رغم تميز ما يمتلكونه من مواهب.
يعمل عبد الوهاب حاليا مصمم دعاية في قسم لتنمية الأفكار الجديدة بإحدي الشركات، ويصف موهبته بأنها مباراة ذهنية، تحتاج إلي خيال واسع فلا يمكن أن يقف أمامه اسم أو رقم أو حتي رمز، وقد استعانت به كبري شركات إنتاج شرائط الكاسيت لتصميم أغلفة الشرائط، ومنها “عودوني” لعمرو دياب و”قلبي وروحي وعمري” لمحمد فؤاد، كما عمل أخيرا في مجال تصميم تترات الفيديو كليب، وآخر أعماله كان تصميم اسم فيلم “الشبح” لأحمد عز.
ويكتفي عاشق الخط عبدالوهاب محمود بالمشاركة في المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب والكرنفالات فهو يعتبر نفسه هاوياً و يرفض أن يتخذ موهبته سبيلاً للشهرة أو للحصول علي ثروة،و يحلم بجمع لغات العالم كلها في لغة واحدة و هو ما يعتبره حلماً صعباً و لكنه ليس مستحيلاً.
علياء أبوشهبة