شخصيات دينيةمبدعون

عبد الرءوف عابدين (١٩٢٣ – ١٩٧٣).. الشافعي الصغير

ولد فضيلة العلامة الشيخ عبد الرءوف محمد سيد أحمد خليل الحد الشهير بعبد الرؤوف عابدين، في 5-5-1923م بقرية نبيتيت مركز بلبيس محافظة الشرقية.. حفظ القرآن الكريم وجوده على يد فضيلة محفظ القرية الشيخ أحمد حسنين جلهوم، والتحق بالأزهر الشريف خلفا لأبيه وأجداده، الذين يرثون العلم الشرعي ويورثونه للأبناء والأحفاد، فحصل على الشهادة الإبتدائية عام ١٩٤٣م، من معهد الزقازيق الديني الأزهري  على المذهب الشافعي، كما حصل على الثانوية الأزهرية عام 1368 ه‍ – 1949 م ، ثم تخرج في كلية الشريعة عام1953 م ، وحصل عام ١٩٥٤م على التخصص مع إجازة التدريس، وهي تعادل درجة الماجستير الآن، وعمل مدرسا بالأزهر الشريف للعلوم العربية والشرعية، مع الاشتغال بالدعوة والإفتاء والتدريس والقضاء بين الناس.. والدته الحاجة آمنة علي عطا، ابنة عم عمدة القرية الحاج محمد ابراهيم عطا، كانت من الصالحات القانتات.

 عبد الرءوف عابدين (١٩٢٣ – ١٩٧٣).. الشافعي الصغير
عبد الرءوف عابدين (١٩٢٣ – ١٩٧٣).. الشافعي الصغير

حاشية ابن عابدين

كان والده فضيلة الشيخ محمد من خريجى الأزهر الشريف بالقسم العالي ، أما جده الشيخ سيد أحمد ، فكان من كبار العلماء المشهورين بالمنطقة ، وقد لقب بالشيخ عابدين ، وكان حنفي المذهب ، وكان من المتقنين لحاشية ابن عابدين ، المعروفة باسم “رد المحتار على الدر المختار” لفقيه عصره إبن عابدين الشامي ( 1198 ه‍ 1784 م – ١٢٥٢ه‍ 1836 م ) فلقب بابن عابدين ، لإجادته ومتانته وتمكنه من فقه الحنفية ، و لصلاحه وحسن خلقه وسعيه بالخير بين الناس.
كان والده فضيلة الشيخ محمد رفيقا في طالب العلم للشيخ العزازي ، الذي أصهر اليه ، والشيخ علي شحاتة طاحون من علماء القرية.. كما صاحبه في طلب العلم أبناء عمومته ، أعمامي الشيوخ عبد المنعم خليل الحد ، ومحمود خليل الحد.. ومن أبناء القرية أقاربه الشيخ عبد الغني أحمد شداد ، وشقيقه الشيخ عبد الرؤوف شداد ، والأستاذ عبد المغني صالح ، و مستور سالم مستور ، وجودة شداد ، والداعية الشهير الشيخ أحمد محمود علم الدين ، إمام وخطيب جامع (أبو خليل ) بالزقازيق.. وقد ترك هؤلاء جميعا علما نافعا وتراثا طيبا ، لا يزال أثره بين الناس ، وخيره وبره في نفوس أهالي المنطقة جميعا.

الإعارة إلى الحزائر

أعير فضيلته عام 1964 إلى الجزائر ، في أول بعثة أزهرية للتعريب والتعليم ، ومكث بالجزائر أربع سنوات ، اعتقل خلالها لعدة أشهر لمعارضته ، انقلاب وزير الدفاع الجزائري هواري بومدين ، على زعيم الثورة رئيس الجزائر الأسبق أحمد بن بيللا في 19-6-1965م ، حيث استنكر فضيلته أن يصنع أبو مدين ( محمد أحمد بن خروبة ) ابن الزيتونة والأزهر الشريف ، ما يصنعه غيره من أبناء المعسكر الأحمر.. حيث كان أمرا مستغربا بالفعل ، أن يتجه أبو مدين وزمرته ببلد المليون ونصف مليون شهيد ، إلى التوجه نحو المعسكر اليساري الاشتراكي.
 عبد الرءوف عابدين (١٩٢٣ – ١٩٧٣).. الشافعي الصغير
عبد الرءوف عابدين (١٩٢٣ – ١٩٧٣).. الشافعي الصغير

الشافعي الصغير

عاد من البعثة ليعمل كمدرس أول للعلوم الشرعية بمعهد الزقازيق الثانوي ، إلى جانب العضوية بلجنة الإفتاء.. حيث كان المرجع الأول والأخير لكل أهالي المنطقة والقرى والبلدان المجاورة ، في معضلات الفقه والفتاوى.. فقد كان يلقب بين كبار علماء المنطقة (بالشافعي الصغير).

أقران الشيخ عبد الرءوف عابدين

من أقرانه وأصدقائه المقربين من علماء المنطقة الشيخ عبد الله الدرديري من منشية الكرام بشبين القناطر ، والشيخ محمد الشرقاوي والشيخ عبد الخالق شاهين، والدكتور سليمان ربيع ، من كبار علماء قرية كفر ابراش ، والعلامة الشيخ عبد العزيز هاشم من قرية المناصرة.. الذي كان شقيق الروح لخالي الشيخ عبد الرؤوف عابدين ، والذي أبكى تراب الأرض بخطبته الشهيرة على قبره عند دفنه رحمة الله عليه

تلاميذ الشيخ عبد الرءوف عابدين

من تلاميذه ومريديه المقربين العلماء الدعاة والأدباء والشعراء عبد الرؤوف شداد ، وأحمد عبد الله ربيع ، ومحمد فهمي سند جلهوم ، ومحمد السيد عيد ( دكتور كمال عيد) الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف ، السيد البلم ، وعبد العليم شداد ، وسائر طلاب الأزهر ودار العلوم بالقرية والبلاد المجاورة

 عبد الرءوف عابدين (١٩٢٣ – ١٩٧٣).. الشافعي الصغير
عبد الرءوف عابدين (١٩٢٣ – ١٩٧٣).. الشافعي الصغير

آخر كلمات الشيخ عبد الرءوف عابدين

كانت آخر كلماته على المنبر.. حيث لقي ربه بعد ثلاثة أيام من خطبته التاريخية الأخيرة الشهيرة على منبر مسجد سيدي علي البصير ،حيث أغمي عليه وهو فوق المنبر ، فحمل الي بيته ولم ينطق بعدها كلمة واحدة ، حتي لقي ربه راضيا مرضيا في 13-1-1973م عن 49 عاماً وسبعة أشهر و،8 أيام.. وقد شيعه عشرات الآلاف ، في جنازة مهيبة ، لم ولن تشهد المنطقة لها مثيلا.

عقب وفاته بيوم واحد ، جاءنا بعد صلاة الفجر سيدنا الشيخ محمد أحمد حسنين جلهوم.. ووقف على باب دارنا القديمة ، وصاح بأعلى صوته مناديا أبي وأمي وهو يبكي ويبكينا جميعا معه ، قائلا لأمي وأبي (ابن عم خالي) : أبشروا.. والله العظيم ، لقد رأيت سيدنا (يقصد خالي) في المنام الليلة ، فألقى علي السلام ، فقلت له : ما أخبارك يا مولانا ؟!
فقال رحمة الله عليه : أبشر.. وكان وعد ربي حقا.. (وأنا على ذلك من الشاهدين).. حيث كنت حينها طالبا بالصف الأول الإعدادي.

رحمة الله على هذا الشيخ العالم العامل الفقيه الثقة الجسور ، الصداع بالحق في كل مشهد.. الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، مهما كانت النتائج.. وكان عند ربه مرضيا.

د. محمود خليل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى