مبدعونشخصيات فنية

فريد الأطرش .. لحن الخلود

ملحن ومطرب سوري، يعد من أعلام الفن العربي، كان بحراً من الحب والمشاعر لا ينضب أبدا، حصناً من حصون الموسيقي العربية، ومدافعا عنيدا عنها، قدم لتاريخ الفن العربي مكتبه زاخرة بأحلى الألوان من الغناء العربي، تضم 31 فيلم ، و 300 لحناً غنائياً إلى جانب الموسيقى التصويرية والمقطوعات الموسيقية للعديد من الأفلام.

ولد الموسيقار الكبير فريد الأطرش في سوريا عام 1915م، ، وانتقل إلى القاهرة هربا من الفرنسيين المعتزمين اعتقاله وعائلته انتقاما لوطنية والدهم الذي قاتل ضد ظلم الفرنسيين، حيث عاش فريد في القاهرة في حجرتين صغيرتين مع والدته عالية بنت المنذر وشقيقه فؤاد وشقيقته أسمهان.

التحق فريد بإحدى المدارس الفرنسية وأضطر لتغيير اسم عائلته وعندما زار المدرسة هنري هوواين أعجب بغناء فريد وراح يشيد بعائلة الأطرش أمام أحد الأساتذة فطرد فريد من المدرسة، ثم ألحق بمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك، واستنفدت والدته كل المال الذي تملك وانقطعت أخبار الوالد، فقررت الغناء في روض الفرج لأن العمل في الأديرة لم يعد يكفي فوافق فريد وفؤاد بشرط مرافقتها حيثما تذهب.
وحرصت والدته على بقائه في المدرسة غير أن زكي باشا أوصى به مصطفى رضا في دخوله معهد الموسيقى، فعزف فريد وتم قبوله فأحس وكأنه ولد في تلك اللحظة، وإلى جانب المعهد كان يبيع القماش ويوزع الإعلانات من أجل إعالة الأسرة.

بعد عام بدأ في البحث عن نوافذ فنية ينطلق منها حتى التقى بفريد غصن والمطرب إبراهيم حمودة الذي طلب منه الانضمام إلى فرقته للعزف على العود، وأقام زكي باشا حفلة يعود ريعها إلى الثوار، وأطل فريد في تلك الليلة على المسرح وغنى أغنية وطنية لاقت نجاحا.

وبعد جملة من النصائح اهتدى إلى فريد إلي بديعة مصابني التي ألحقته مع مجموعة المغنين ونجح أخيرا في إقناعها للغناء بمفرده ولكن عمله هذا لم يكن يدر عليه المال وبدأت أموره المالية في التدهور، فاتجه إلي العمل في محطة شتال الأهلية حتى تقرر امتحانه في المعهد ولسوء حظه أصيب بزكام وأصرت اللجنة على عدم تأجيله ولم يكن غريبا أن تكون النتيجة فصله من المعهد.

بعد ذلك طلب منه مدحت عاصم العزف على العود للإذاعة مرة في الأسبوع فاستشاره فريد فيما يخص الغناء خاصة بعد فشله أمام اللجنة فوافق مدحت بشرط الامتثال أمام اللجنة وكانوا نفس الأشخاص الذين امتحنوه سابقا بالإضافة إلى مدحت، وغنى أغنية “الليالي والموال” لينتصر أخيرا ويبدأ في تسجيل أغنياته المستقلة.

سجل فريد أغنيته الأولى “يا ريتني طير لأطير حواليك” وأصبح يغني في الإذاعة مرتين في الأسبوع واستعان بفرقة موسيقية وبأشهر العازفين كأحمد الحفناوي ويعقوب طاطيوس وغيرهم وزود الفرقة بآلات غربية إضافة إلى الآلات الشرقية وسجل الأغنية الأولى وألحقها بثانية هي “بحب من غير أمل” وبعد التسجيل خرج خاسرا لكن تشجيع الجمهور عوض خسارته وعلم أن الميكروفون هو الرابط الوحيد بينه وبين الجمهور.

تركت وفاة شقيقته أسمهان في حادث سيارة أثرا عميقا في قلبه وتعرض لذبحة صدرية وبقي سجين غرفته، وكانت تسليته الوحيدة هي التحدث مع الأصدقاء وقراءة المجلات، واعتبر أن علاجه الوحيد هو العمل، وبينما كان يجتهد في عمله سقط من جديد وأعتبر الأطباء سقطته هذه النهائية، ولكن في الليلة نفسها أراد الدخول إلى الحمام فكانت السقطة الثالثة وكأنها جاءت لتحرك قلبه من جديد وتسترد له الحياة، فطلب منه الأطباء الراحة والرحمة لنفسه لأن قلبه يتربص به.

غنى فريد الأطرش عدد كبيرا من الأغنيات والقصائد التي لاقت شهرة ونجاحا منها “عش أنت”، “الربيع” ، “لحن الخلود” كما لحن لكبار المطربين والمطربات وتعاون مع العديد من الشعراء وقدم للسينما 31 فيلما أشهرها “حبيب العمر” و”انتصار الشباب” و”بلبل أفندي”.

حصل فريد الأطرش على جائزة أحسن عازف عود في العالم عام 1962م وحصل على ميدالية الخلود من فرنسا عام 1965م والتي نشرت بمقتضاها أعماله في الموسوعات العالمية كما حصل على 15 وساما وقلادة ونيشانا من مختلف أنحاء العالم كان من أبرزها وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر وﻴﻌﺘﺒﺭ ﻓﺭﻴﺩ ﺍﻷﻁﺭﺵ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤـل 4 جنسيات وهي المصرية واللبنانية والسورية والسودانية.

وتوفي فريد الأطرش في مستشفى الحايك في بيروت إثر أزمة قلبية وذلك يوم الخميس  12 من سبتمبر عام 1974م تاركا وراءه أعظم الألحان والأفلام الغنائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى