بنك المعلوماتالمجلة

قصة الاكتشاف الذي هز الفيزياء و7 دروس مهمة للباحثين الجدد

هايك اونز مكتشف ظاهرة التوصيلية الفائقة قبل اكثر من 100 سنة

هايك اونز مكتشف ظاهرة التوصيلية الفائقة قبل اكثر من 100 سنة هو قصة ملهمة للعمل الشاق على مدار 25 سنة للتوصل الى واحد من اهم الاكتشافات في تاريخ الفيزياء.

نظرية رائعة

في ذلك الوقت كانت النظرية السائدة التي اقترحها اللورد كلفن – وهو من اشهر الفيزيائيين في النصف الثاني من القرن ال19 – ان مقاومة المعادن هي نتيجة لتدفق الالكترونات في جسم المعدن وانها سوف تقل تدريجيا مع درجة الحرارة حتى تكون معدومة عند الاقتراب من الصفر المطلق (مقاومة صفرية)، ولكن في نفس الوقت كان يرى بأن الالكترونات سوف تتجمد تمامًا عند الاقتراب من الصفر المطلق ومن ثم سوف تزداد المقاومة مرة اخرى.

نظريه رائعة تحتاج الى دراسة في المختبر لعلنا ندرك هذه المقاومة الصفرية او الموصلية الفائقة. الدرس الاول اختار هدف يستحق الدراسة و لازم تختار المشرف بعناية لان هو ده اللي هيحطك على الطريق الصح.

وبدأ اونز في رحلة طويلة للتحقق من هذه النظرية وطبيعي انه يقابل تحديات كبيره اقلها هو غياب تكنولوجيا التبريد اللازمة للاقتراب من الصفر المطلق في ذلك الوقت – الدرس التاني الاهداف الكبيره محتاجه مجهود كبير.

قصة الاكتشاف الذي هز الفيزياء و7 دروس مهمة للباحثين الجدد
قصة الاكتشاف الذي هز الفيزياء و7 دروس مهمة للباحثين الجدد

بدأ اونز الرحلة في الثمانينات من القرن ال19 وكانت الطريقة الوحيدة في ذلك الوقت للوصول الى درجات حرارة منخفضة جدا هي من خلال مبدأ معروف في الديناميكا الحرارية اسمه تأثير چول/تومسون عندما يتمدد الغاز من ضغط مرتفع الى ضغط منخفض يتبعه انخفاض في درجة حرارة الغاز، والسبب في هذا هو ان الغاز يستخدم جزء من طاقته الحركية او الحرارية لكي يتغلب على قوى التجاذب بين جزيئاته اثناء عملية الخلخلة وبالتالي تقل درجة حرارته (تبسيط مخل بالمعنى). تم استخدام هذا المبدأ في تسييل الغازات مثل النيتروجين والاكسجين والهيدروجين وغيرهم.

 

بناء اول جهاز لتسييل الاكسجين

نجح اونز في بناء اول جهاز لتسييل الاكسجين في سنة 1894. الاجهزة كانت معمولة بحرفية شديدة لدرجة انه اضطر ان يؤسس مدرسة لصانعي الادوات في الجامعة عشان يقدر يصنع الاجهزة دي – الدرس التالت لازم تبتكر الادوات اللازمه لنجاحك. وعشان يبني جهاز لتسييل غاز الهيدروجين قعد يحارب اكتر من 3 سنين عشان يحصل على الموافقات من مجلس مدينة ليدن في هولندا – الدرس الرابع لازم تعرف انك هتقابل البيروقراطية العقيمة لو عايز تجرب حاجة جديدة حتى لو كنت في دولة متقدمه. و مع بداية القرن العشرين كان قد نجح اونز في تحويل معظم الغازات الى سوائل وكانت درجات الحرارة كالتالي النيتروجين 77 كلفن والاكسجين 54 كلفن وفي افضل الاحوال كانت اقل درجة حرارة وصل اليها هي درجة حرارة الهيدروجين السائل وهي 14 كلفن، يعني لسه فاضل 14 درجة عشان نوصل للصفر المطلق وكان لابد من البحث عن غاز اخر. الغاز المتبقي في السلسلة هو الهيليوم لكن الهيليوم كان ليه حكاية لوحده.

رمال المونازيت

الهيليوم من الغازات الخاملة ولم يكن متوفرا بكميات كبيرة في ذلك الوقت، بدأ اونز بكميات صغيرة ارسلها اليه الكيميائي الاعظم في ذلك الوقت ويليام رامساي الذي استخلصها من رمال المونازيت التي تحتوي على مجموعة من العناصر الارضية النادرة والقليل من غاز الهيليوم، وبمساعدة شقيقه الذي كان يعمل آنذاك مديرا للمكتب التجاري في امستردام اشترى كميات كبيرة من هذه الرمال من امريكا واستطاع ان يستخرج منها حوالي 360 لتر من غاز الهيليوم من خلال عملية شاقة

– الدرس الخامس لا تجعل العوائق الفنية تعطل او توقف مسيرتك.

الرجل اضطر انه يحضر اكبر كمية في التاريخ في ذلك الوقت من الهيليوم عشان يكمل ابحاثه. تمكن اونز من انتاج الهيليوم السائل في سنة 1908 بنفس الطريقه ولكن كان عليه بناء آلة معقدة بمقاييس ذلك الوقت: اتفرج على الصور. باستخدام الهيليوم كان بامكان اونز الوصول الى 4 درجات كلفن وهي اقل درجة حرارة كان قد توصل اليها اي مختبر في العالم في ذلك الوقت. وباستخدام مبدأ چول/تومسون قدر يبرد الهيليوم اكتر ويوصل الى 1.1 كلفن!!

بدأ في قياس مقاومة معدن البلاتين ولاحظ ان مقاومة البلاتين قلت بشكل تدريجي كما توقعت النظرية حتى وصلت الى 4 كلفن وعندها حصل ثبات في قيمة المقاومة على عكس توقعات اللورد كلفن.

حصل نفس الشئ مع الذهب ولما استخدم عينات اكثر نقاء لقى انها بتتصرف بشكل طبيعي والمقاومة كانت بتقل مع البرودة، يعني المقاومة الاضافية كانت بسبب الشوائب الموجودة في المعدن وعشان يكمل الدراسة كان لابد من وجود معدن بدرجة نقاوة عالية جدا وهنا وقع الاختيار على الزئبق الذي اتقن فن تنقيته في المختبر بمساعدة فريقه. من المعروف ان الزئبق موجود بصورة سائله في الظروف العادية لكن عند التبريد الى 234 كلفن يتجمد ويأخذ شكل سلك في الانابيب الشعرية وبالتالي يمكن استخدامه في الدراسه بسهولة.

قصة الاكتشاف الذي هز الفيزياء و7 دروس مهمة للباحثين الجدد
قصة الاكتشاف الذي هز الفيزياء و7 دروس مهمة للباحثين الجدد

تجربة مثيرة

بدأت التجربه المثيرة في صباح يوم 8 ابريل سنة 1911 في الساعة 7 صباحا – الدرس السادس الناس المحترفه بتبدأ شغل بدري. انتظر الفريق ساعات الصباح والظهيرة لحد ما الجهاز وصل في التبريد الى 5 درجات كلفن وكانوا بيراقبوا مقاومة الزئبق بعناية مع الانخفاض في درجة الحرارة وفي تمام الساعة 4 مساء حدثت المفاجأة عندما تم تبريد الجهاز الى 3 درجات كلفن عندها اختفت مقاومة الزئبق تماما وانتقلنا الى عصر الموصلات الفائقة. لتأكيد هذه النتيجة، قام أونز وفريقه بتطبيق تيارًا كهربائيًا على عينة من الزئبق عن طريق توصيلها ببطارية ثابته، وعند فصل البطارية وجد أن التيار الكهربائي استمر في التدفق في الزئبق دون أن يتناقص، مما يؤكد عدم وجود مقاومة كهربائية ويفتح الباب أمام سلسلة من التطبيقات اقلها اجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي وقطارات فائقة السرعة، وغيرها.

تم تكرار النتايج في مايو واكتوبر من نفس العام ومش بس كده اكتشف نفس الظاهرة في معادن اخرى زي الرصاص والقصدير وغيرهم وكلها بتحصل عند درجات حرارة متفاوته لكنها منخفضة جدا. استغرق الامر اكثر 25 سنة للوصول لهذه النتيجه – الدرس السابع الاهداف الكبيره محتاجه صبر وسنين من العمل الشاق.

بمقاييس النهارده الانتاج العلمي وعدد الاوراق المنشورة للباحثين من هذا الطراز قد يكون صغير جدا وغالبا هيفشل في الحصول على تمويل لابحاثه ولذلك احنا النهارده مش بنشوف امثله كتيره من اينشتاين واونز واللورد كلفن وغيرهم من العباقره اللي غيروا التاريخ.
القصة الكامله حكاها اونز في محاضرة نوبل سنة 1913 واللي تم طبعها في اصدار خاص من مؤسسة نوبل واللي كنت محظوظ باني احصل على السلسلة كاملة في مكتبتي. شوف الصور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى