محمد وأحمد صديقان وزميلان يعملان في شركة الدواء العالمية “ألفابت”، تم نقل كل منهما من منطقته التي يعمل بها إلى منطقة جديدة، وطلب المدير الجديد لكل منهما أن يلتقيا مع المندوبين السابقين الذين كانا مسئولين عن المنطقتين سابقا.
التقى محمد بزميله الذي كان مسئولا عن منطقته الجديدة، وعرف وفهم منه كل تفاصيل المنطقة، وأسماء أهم الأطباء الموجودين في المنطقة، وكذلك أماكن أهم الصيدليات وأسماء أصحابها أو مديريها، وكذلك المستشفيات الموجودة بالمنطقة، وكتب كل شيئ يراه مهما له في عمله، ثم عاد إلى مديره الجديد وأخبره أنه أصبح جاهزا لبدء العمل في المنطقة الجديدة.
أما أحمد فقد قام بنفس العمل تقريبا، ولكنه قبل أن يعود إلى مديره الجديد، قرر أن يقوم بجولة تفقدية لمطقته الجديدة، ونزل فعلا إلى المنطقة، وتعرف بنفسه على أماكن العيادات والصيدليات والمستشفيات المهمة، وحفظ مواقعها وأسماء أصحابها من الأطباء والصيادلة، ثم عاد إلى مدير ليخبره أنه جاهز للعمل.
اتفق محمد مع مديره على نظام العمل في المنطقة، بما فيه من عدد الزيارت اليومية التي سيقوم بها سواء للعيادات أو الصيدليات أو المستشفيات، وهو نظام مطابق لما كان يقوم به الزميل القديم، والذي أدى إلى نجاحه في تحقيق المستهدف السنوي له، بنسبة 100%، وفعلا انطلق محمد إلى العمل بجد وإخلاص مقتفيا أثر زميله القديم وتحت إشراف مديره الجديد.
اتفق أحمد مبدأيا مع مديره الجديد على خطة مماثلة لما اتفق عليها محمد مع مديره، ولكن مع بدء العمل شعر أحمد أنه لو زاد من عدد زيارته للأطباء والصيادلة في المنطقة عن العدد المتفق عليه مع مديره، فإن هناك احتمال كبير أن تحقق المنطقة مبيعات أكبر من المبيعات المستهدفة، وفعلا قام أحمد بزيادة عدد زياراته لعملائه من الأطباء والصيادلة، وأدخل في قائمة زياراته عملاء جددا لم يكونوا موجودين في القائمة القديمة، واتفق مع مديره على الخطة الجديدة، ثم إنطلق إلى العمل.
في نهاية العام استطاع محمد تحقيق المستهدف البيعي له في المنطقة بنسبة 100%، واستحق التقدير من مديريه والحوافز المقررة عند تحقيق المستهدف البيعي.
أما أحمد بسبب مجهوده الزائد، فقد حققت منطقته مبيعات تقدر بـ 130% من المستهدف البيعي لها، وكانت هذه مفاجأة سارة للجميع وخاصة لمديره الذي لم يكن يتوقع أن تثمر جهود أحمد الإضافية عن هذه النتيجة، الوحيد الذي لم يندهش من النتيجة – وإن كان سر بها – كان هو أحمد نفسه، فقد أدرك منذ البداية أنه بقليل من المجهود الإضافي يمكن أن يحرز نتائج غير مسبوقة.
حصل أحمد على لقب “سوبر ستار” الشركة في هذا العام، وفي العام التالي حقق نفس النتائج غير المتوقعة، فتمت ترقيته إلى منصب مدير مبيعات منطقته التي يعمل بها، ليواصل تحقيق نجاحاته، وليعُلّم فريقه كيف يمكن أن يحققوا تلك النجاحات المتميزة.
ماذا كان الفرق بين أسلوب عمل محمد وأسلوب عمل أحمد؟ ولماذا حقق محمد المستهدف المطلوب منه تماما، بينما حقق أحمد مبيعات أعلى من المستهدف المطلوب منه؟
الفرق بين أسلوب عمل محمد وأسلوب عمل أحمد هو الفرق بين الكفاءة والفاعلية.
ما هي “الكفاءة – “Efficiency ، وما هي “الفاعلية – Effectiveness” “، وما الفرق بينهما؟
الكفاءة هي فعل الأشياء بطريقة صحيحة، بينما الفاعلية هي فعل الأشياء الصحيحة.
Efficiency is doing things right, while Effectiveness is doing the right things.
الكفاءة هي أن أقوم بما يجب أن أقوم به بطريقة صحيحة كما ينبغي، وكما تحددها القوانين والإجراءات، وكما يرضاها مديري أو رئيسي أو الناس، وتكون نتيجة هذه الأداء أن أحقق المطلوب مني، وأن يؤتي عملي ومجهودي النتائج المطلوبة والمتوقعة.
أما الفاعلية فهي أن أقوم بما أعتقد أنه الصواب، بغض النظر عما إذا كان مطلوبا مني أم لا، وحتى لو لم يكن مطلوبا مني أن أقوم به، فأنا أقوم به لأنني أعتقد أنه الطريقة الأفضل أو الوسيلة الأحسن للقيام بالعمل المطلوب مني، وتكون نتيجة هذا أن أحقق ليس فقط المطلوب أن أحققه، بل أحقق أكثر من المطلوب وأفضل من المتوقع.
الكفاءة تنتج لنا مديرين جيدين، بينما الفاعلية تنتج لنا قادة متميزين، فالمدير هو من يقوم بفعل الأشياء بطريقة صحيحة، بينما القائد هو من يقوم بفعل الأشياء الصحيحة.
الفاعلية ليست بالضرورة “موهبة” أولد بها، بل هي أكثر ما تكون “مهارة” أتعلمها وأكتسبها، ثم أمارسها بانتظام، فتتحول إلى “عادة”، أقوم بها وأمارسها تلقائيا ودائما وحتى دون أن أشعر أنني أمارسها، فتصبح “صفة” من صفاتي التي أتميز بها، وتحقق لي نجاحات متميزة ومستمرة.
من كتابي: أنت وعقلك وعواطفك وقدراتك الخفية.
د. هاني سليمان