“ليليان بيترسن”.. البرمجة من أجل مكافحة الجوع وسوء التغذية
أفضل ما يكون التطوع وعمل الخير وخدمة قضية عامة، يكون من خلال بوابة الشغف، Lillian Kay Petersen وما يحسن الإنسان فعله. وتقدم قصة الشابة الأمريكية “ليليان كاي بيترسن” البالغة من العمر 17 عاما مثالاً جيداً على هذا.
ظهرت قصة ليليان في وسائل الإعلام الأمريكية في أغسطس من عام 2020 عندما فازت بالجائزة الأولى لأقدم مسابقة علمية أمريكية لطلاب المدارس الثانوية، وهي مسابقة “Regeneron Science Talent Search” وقيمتها 250 ألف دولار أمريكي، وذلك لبرمجتها لنموذج يستخدم بيانات الأقمار الصناعية لتوقع محاصيل الحصاد في الدول الفقيرة، ومن ثم وضع وصفات لمكافحة الجوع في المناطق المتضررة.
بدأ اهتمام ليليان بقضية الجوع وسوء التغذية عندما تبنت أسرتها ثلاثة من الصغار قبل تسع سنوات، وجميعهم كان قد واجه في طفولته انعدام الأمن الغذائي.
تقول ليليان في التقرير في 5 أغسطس 2020 إنها شاهدت (إيه مايتي جيرل A Mighty Girl) المنشور على موقع أخوتها الصغار يعانون من آثار سوء التغذية طوال تلك السنين.
ووفقا لتقرير الموقع فإن أحد أكبر التحديات التي تواجه منظمات الإغاثة هو معرفة المكان الذي ستكون فيه الإمدادات الغذائية مطلوبة في أي عام معين، وهو ما يعتمد على نجاح أو فشل حصاد كل موسم.
لذلك وبعد قراءة ليليان عن الجفاف المدمر في إثيوبيا عام 2015، تساءلت عما إذا كانت النمذجة الحاسوبية يمكنها أن تساعد في التنبؤ بغلات المحاصيل مع تغير الظروف.
وتتذكر ليليان أن 18 مليون شخص كانوا معرضين لخطر المجاعة (أثناء الأزمة الإثيوبية)، لذلك أصبحت متحمسة لمساعدة منظمات الإغاثة على الاستجابة لحالات الجفاف في الوقت المناسب.
افترضت ليليان، التي بدأت تعلم البرمجة في الصف الخامس، أن النمذجة الحاسوبية باستخدام التصوير بالأقمار الصناعية وبيانات الطقس يمكن استخدامها لعمل تنبؤات حول مكان ازدهار المحاصيل وأين ستفشل.
لذلك بدأت ليليان العمل على صور الأقمار الصناعية في الصيف، وكان اكتشافها لكيفية تطبيق نموذجها على المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي أمراً صعباً للغاية؛ واستغرق منها وقتاً طويلاً لمعرفة ما الذي ينجح في التنبؤ بغلة المحاصيل في إفريقيا.
وللوصول إلى ذلك بدأت باستخدام بيانات الأقمار الصناعية اليومية لنمو المحاصيل المعروفة في الولايات المتحدة للتحقق من صحة نموذجها، ثم ابتكرت نموذجا للتنبؤ بغلة المحاصيل في كل بلد في إفريقيا قبل ثلاثة إلى أربعة أشهر من الحصاد باستخدام صور الأقمار الصناعية، ومن ثم تأكدت لاحقاً أن تنبؤاتها تتمتع بمستوى عال من الدقة مقارنة بالمحصول المبلغ عنه.
وفي ورقة علمية بعنوان: “أداة حاسوبية جديدة للإبلاغ عن تدخلات التغذية الفعالة من حيث التكلفة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”. والتي نشرتها في مجلة راجعها النظراء، لاحظت ليليان أنه يمكن استخدام نموذجها لاقتراح “وصفة” منخفضة التكلفة تضم أغذية متوازنة يمكن نقلها بسرعة وسهولة إلى الأماكن التي يحتاج فيها الناس إلى طعام تكميلي.
وخلصت إلى أن “هذه الأدوات، عند استخدامها جنبا إلى جنب، يمكن أن تطلع صانعي السياسات بشكل أفضل على الوصفات وسلاسل التوريد المناسبة التي تصل إلى المزيد من الأطفال بالعلاج المنقذ للحياة.. مع دعم التنمية المستدامة والأمن الغذائي في المستقبل في البلدان النامية”.
قدمت ليليان مشروعها إلى المسابقة التي تديرها جمعية العلوم والجمهور Science and the Public Society for، وأظهرت فيها أن “الوصفات الغذائية المحسنة يمكن أن تقلل، إجمالي تكاليف الشراء بنسبة 25 ٪ مع تحسين الاستدامة البيئية من خلال الإنتاج المحلي ولوجستيات التوريد المحسنة”.
فيما يتعلق بالخطوات التالية، تخطط ليليان لمواصلة بحثها، وقد قامت بعد فوزها بزيارة المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية لمناقشة كيفية تأثير وباء كورونا على إنتاج المحاصيل في إفريقيا.
وبالنسبة للأطفال المهتمين بإحداث فرق في مشكلات العالم الواقعي، تشارك ليليان هذه النصائح معهم “أنصح أي طالب شاب في العلوم بتعلم برمجة الكمبيوتر ، فهي تفتح الأبواب لأي شخص، حتى يتمكن من المشاركة في العلم في سن مبكرة”.
وكما تشير ليليان فإن البرمجة صارت من لغات العصر التي على الأطفال والصغار تعلمها، وتعلم استخدامها لتلبية الاحتياجات وحل المشكلات العامة، تماما، كما أن المسابقات العلمية للصغار لابد وأن توجه الشباب الصغير إلى بداية التفكير والبحث فيما يحقق ذلك، فلا خير في العلوم والتكنولوجيا إذا لم تساهم في حل المشكلات وتلبية الاحتياجات في المجتمعات التي يعيش فيها الصغار.
د. مجدي سعيد