الورقة العادية التي نري لها استخداما واحدا وهو الكتابة عليها يراها محمد اكيابي بصورة مختلفة فهي وسيلته للتعبير عن فنه لانه بنحتها ليصنع منها اجمل الاشكال الفنية فالورقة في وجهة نظره أداة مهمة جدا يكمن سرها في بساطتها لكن موهبته تمكنه ان يصنع منها عالماً كاملاً مفعماً بالتفاصيل الجميلة.
رحلة الاكيابي الفنان المصري الوحيد الذي احترف نحت الورق منذ خمس سنوات بدأت بالصدفة البحتة فمن خلال عمله كمصمم جرافيك لفت انتباهه مجسمات الورق التي كانت شركات الطباعة تستخدمها كوسيلة دعائية اعجبته وظلت في ذهنه عدة سنوات فوجد في الانترنت ضالته المفقودة لتجميع معلومات عن هذه المجسمات الورقية الساحرة وكانت البداية من صورة لمحارب ساموراي منحوتة بالورق،كما ساعده علي تعلم تقنياته عمله بمكتبة الاسكندرية الذي اتاح له مشاهدة كتاب صغير لا يزيد عدد صفحاته عن 5 ولكنه كان بداية فهمه لتكنيك العمل، فهو يهوي منذ صغره تحويل أبسط الخامات والأشياء المحيطة به إلي قطع ذات أشكال مميزة.
خلال رحلته في نحت الورق -وفقا لجريدة روز اليوسف المصرية- تعلم فنوناً أخري من الورق أيضا وهي الاوريجامي فن طي الورق الياباني والبوب أب وهو تكنيك لصناعة المجسمات من الورق يجمع بين الهندسة والفن حيث يعتمد علي الحسابات ويسمي بهندسة الورق، وبالتدريج بدأ يتقن فنه المفضل من خلال ما تعلمه عن طريق الانترنت والذي ساعده علي التواصل مع اشهر الفنانين العالميين في هذا المجال والتواصل معهم.
يعتبر النحت علي الورق فنا صعبا يحتاج رسم المجسم وتحليله إلي عدد من الطبقات التي تتكامل معها لتكوين المجسم، ويعتمد علي استخدام أنواع معينة من الورق ليست متوفرة في مصر حيث يفضل استخدام الورق الذي لا يدخل في تصنيعه مواد كيماوية لكي يكون سهل التطويع كما ان ذلك يطيل من عمر المجسم لذا يحرص علي تصويره فور الانتهاء من نحته. يختلف فن الاكيابي عن تصنيع عجائن الورق واستخدامها وتشكيلها لصناعة مجسمات مثل الصلصال، وهو فن ظهر في انجلترا علي يد فنان اسمه “اسكدلر” ومنتشر علي نطاق واسع في أروبا وأمريكا.
اشترك الاكيابي في عدة معارض خلال فترة دراسته الجامعية وما بعدها من أهمها معارض الجامعة- صالونات الشباب- معرض الجيزويت- صالون اتيليه الإسكندرية- عدة معارض بمكتبة الإسكندرية. ويسعي للإعداد لمعرضه الفني المستقل وتراوده فكرة فلسفية وهي فكرة الأجنحة سواء كانت بصورة واضحة أو مجردة وهي تعكس الاعتقاد الشخصي له وهو أن الأجنحة هي الساتر الملائكي المظهر الرامز للحرية المطلقة وهي المظلة التي يخفي الإنسان حقيقته وراءها سواء كانت حقيقة طيبة أو خبيثة.
وأساس فكرة الأجنحة التي يتميز بها مستمدة من تأثره بالنقوش الموجودة علي جدران المعابد الفرعونية حيث كان الفراعنة دائما يصورون الآلهة بصورة مجنحة رمزا للسمو وهو ما يفسر طبيعة النفس البشرية التي غالبا ما تنكر أي شر تقترفه و تفسره من وجهة نظر أو أخري بالسمو. أكثر ما يعشقه اكيابي في الورق هو بساطته و خاصة إذا كان به شوائب لانه مؤمن بأننا لسنا ملائكة فكلنا نحمل بداخلنا الخير والشر، وقد قدم العديد من الورش التدريبية للاطفال في العديد من الجهات سواء في مكتبة الاسكندرية أو في النوادي الاجتماعية ومنها سموحة وسبورتنج ودجله أو في المناطق الشعبية التي نزل اليها لتعليم أطفالها صناعة الفانوس بشكله التقليدي الذي تربينا عليه وكاد أن ينقرض بسبب الغزو الصيني وتعاون فيها مع أسامة حلمي فنان الاوريجامي.
وقد جاءت هذه الورش بعد ما لمسه من اختفاء صنايعية الفوانيس الصفيح التي تحمل في طياتها تاريخا وتراثا لا يمكن نسيانه فبدأ في جمع معلومات عن أشكالها وتصميماتها محاولا الاستعانة بالحرفيين الذين عثر علي بعضهم، بعدها طبق مجسم صناعة الفانوس التقليدي من الورق علي برنامج pbf ووضعه علي الانترنت ليكون متاحا للجميع وهي محاولة منه للحفاظ علي الهوية،كما يصنع ايضا عرائس لفن خيال الظل.
علياء أبوشهبة