روائي، وصحافي، وكاتب وسياسي مصري، وهو رائد الرواية العربية فإليه ينسب شرف كتابة أول رواية حقيقية في الأدب العربي الحديث وهي رواية “زينب” التي تحولت إلى أول فيلم سينمائي.
محمد حسين هيكل .. صاحب “زينب”
ولد الأديب الكبير محمد حسين هيكل في شهر أغسطس من عام 1888م في قرية “كفر غنام” بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية شمال مصر، درس القانون في جامعة “السوربون” بفرنسا، ولدى عودته إلى مصر عمل في مهنة المحاماة وعمل بعدها في مجال الصحافة، اتصل بالمفكر الكبير أحمد لطفي السيد وتأثر بأفكاره، والتزم بتوجيهاته كما تأثر أيضاً بالشيخ محمد عبده وقاسم أمين وغيرهم من كبار المثقفين.
وحينما أنشأ حزب الأمة جريدة أسبوعية باسم “السياسة الأسبوعية” عُين هيكل في رئاسة تحريرها عام 1926م ثم اختير وزيرا للمعارف في الوزارة التي شكلها محمد محمود عام 1938م ولكن تلك الحكومة استقالت بعد مدة، إلا أنه عاد وزيرا للمعارف للمرة الثانية عام 1940م في وزارة حسين سري باشا، وظل بها حتى عام 1942م، ثم عاد وتولى هذا المنصب مرة أخرى في عام 1944م، وأضيفت إليه وزارة الشؤون الاجتماعية في عام 1945م.
وعُين في عام 1941م نائبا لرئيس “حزب الأحرار الدستوريين”، ثم تولى رئاسة الحزب عام 1943 م، وظلَّ رئيسًا له حتى ألغيت الأحزاب بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م.
وتولى رئاسة مجلس الشيوخ في عام 1945م وظل يمارس رئاسة هذا المجلس التشريعي حتى يونيو من عام 1950م حيث أصدرت حكومة الوفد المراسيم الشهيرة التي أدت إلى إخراج هيكل وكثير من أعضاء المعارضة من المجلس.
تولى هيكل أيضاً تمثيل مصر في التوقيع على ميثاق “جامعة الدول العربية” عام 1945م كما رأس وفد مصر في الأمم المتحدة أكثر من مرة، وكان من طلائع الذين نادوا بأن تكون مصر للمصريين، وقد ظهر ذلك في مؤلفاته العديدة ومن أهمها: “عشرة أيام في السودان”، و”حياة محمد”، و”يوميات باريس” أما روايته “زينب” والتي تعد من بدايات التأليف القصصي في مصر فتعتبر أول رواية عربية في العصر الحديث.
وتدور أحداث هذه الرواية في الريف المصري البسيط في أوائل القرن العشرين، ذلك الريف الذي كان ملهما للأدباء والفنانين والشعراء، وقد صورت الرواية بيوت الفلاحين وحياتهم المفرحة أحيانا والبائسة أحيانا أخرى، وقد تحولت الرواية إلي فيلم سينمائي كان من باكورة الأعمال السينمائية الناطقة.
وعلى الرغم من اشتغال هيكل بالحياة السياسية وانغماسه فيها بالعمل الصحفي مرة، أو باعتباره واحدًا من نجومها الذين خاضوا أعباء الوزارة، ومارسوا الزعامة الحزبية، فإن نشاطه الأدبي ظلَّ خصبًا، وتوالت كتبه ومؤلفاته في ميادين مختلفة شملت القصة، والتاريخ، والسير، والنقد الأدبي، وأدب الرحلة، وتنقل من دائرة الدعوة إلى الحضارة الغربية تارة، وإلى الحضارة الفرعونية تارة أخرى، واستقر في ميدان الفكر الإسلامي داعيًا له حيث يرى فيه وحده البذور التي تنبت وتثمر.
وكان كتابه الكبير “حياة محمد” هو باكورة أعماله الإسلامية، تناول فيه بأسلوب متميز حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وردّ فيه على آراء المتجنين من كتاب الغرب على سيرة الرسول ببراعة كبيرة، وختم كتابه بمبحثين عن الحضارة الإسلامية كما صوَّرها القرآن الكريم ومقارنتها بالحضارة الغربية، وخصَّص البحث الآخر للرد على مزاعم بعض المستشرقين حول بعض المواقف الإسلامية.
وقد أحدث ظهور الكتاب دويًّا هائلاً، وأقبل الناس على قراءته على نحو غير مسبوق، وتناوله المفكرون والكتاب وكان هذا الكتاب فتحًا جديدًا في كتابة السيرة النبوية.
وبالإضافة إلي رواية زينب التي كتبها عام 1914م، وكتاب حياة محمد الذي ألفه عام 1933م أبدع محمد حسين هيكل العديد من الأعمال الأخرى التي لا تقل أهمية عن العملين السابقين ومنها: “سير حياة شخصيات مصرية وغربية” عام 1929م، و”في منزل الوحي” عام 1939م، و”الفاروق عمر” عام 1944م و”مذكرات في السياسة المصرية” عام 1951م، و”الصديق أبو بكر”، و”ولدي”، و”عشرة أيام في السودان”، و” يوميات باريس”، و”الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة” ، و”قصص مصرية قصيرة” ، و”عثمان بن عفان”. وقد توفي هذا الأديب الكبير في الثامن من شهر ديسمبر من عام 1956م.