مبدعونشخصيات فنية

محمد طوسون.. مؤسس فن الخط التصويري

الموهبة لا تكتسب ولا تورث لأنها قدر المبدع الذي لا يختاره ولكن يقدم من خلاله أعمالاً متميزةً تخلد اسمه وتبقيه في وجدان الأجيال القادمة.. هذا بالتحديد ما يمكن أن يقال عن موهبة محمد طوسون مؤسس فن «البكتوجراف» أو «الخط التصويري» ورائد مدرسته بمصر فقد نجح بلمساته في الدمج بين الخط العربي والفن التشكيلي.

طوسون تعرفت أصابعه حروف الخط العربي ورسمتها قبل أن يعرف عقله معناها وذلك في سنوات عمره الأولي وبالتحديد في سن 5 سنوات وكان ذلك بعد حفظه للقرآن الكريم في «الكتاب» وقبل التحاقه بالمدرسة لتعلم الكتابة التي بمجرد التحاقه بها نقل علي الفور للصف الثالث بعدما لمحت معلمته جمال خطوطه.

بعدها بدأت مرحلة جديدة في حياة طوسون أثرت عليه كثيراً حيث أثار الأدب شغفاً كبيراً في نفسه فوجد متعته في روايات طه حسين وسبح في بحور كتابات العقاد ولمس المتعة في شخصيات نجيب محفوظ وذلك رغم صغر سنه، وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة روز اليوسف المصرية.

التحق طوسون للدراسة بكلية الفنون الجميلة ليدرس جميع أنواع الفنون، وهو ما تزامن مع تعمقه في دراسة جميع أنواع الخط العربي أيضاً حيث اطلع علي أعمال كبار مبدعيها أمثال محمد حسني وعبد العال وشحات، لكنه رأي أنهم اكتفوا بمحاكاة المبدعين الأوائل دون تطوير وهو ما أصاب هذا الفن الجميل نمطية منحته لمسة من الرتابة رغم أن به الكثير من الأسرار والجماليات، فوضع طوسون علي عاتقه مهمة هذا التطوير وبخاصة أن مصر هي مهد الخط العربي لا تركيا كما يروج البعض.

وبروح مختلفة وسعة أفق أرسي طوسون بنظرة معاصرة فن «البكتوجراف» حتي يصبح للخط العربي وجود عالمي ولا عربي أو إسلامي فقط، فهو يري أن الفن الإسلامي حصر في قوالب الموتيفات والزخارف المكررة رغم أنه فن واسع وشديد التنوع، كما أن الغرب استخدم الحرف العربي بطريقة جردته من معناة وجعلته مسخة أفقدته هويته.

انشأ طوسون مذهبه الفني واستلهم أعماله وإبداعاته من آيات القرآن الكريم التي وجد في معانيها وما بها من قصص مصدراً لا غني عنه للإبداع والتميز، فتارة تجده يصور هدهد سليمان وهو يلقي بالخطاب إلي بلقيس ملكة مملكة سبأ مع كتابة آيات الذكر الحكيم، وتارة أخري يكتب قوله تعالي «الله علام الغيوب» ليعبر عن أن نهاية الإنسان لا يعلمها إلا الله سواء كانت الجنة التي رمز لها باللون الأخضر أو النار التي رمز لها باللون الأحمر.

هذا الاتجاه الفني المتميز الذي أبدعه طوسون يدرس في بعض الجامعات السعودية ومنها جامعة الملك عبد العزيز، كما أن له عدداً كبيراً من التلاميذ الذين اختاروا أن يسيروا علي نهجه التقي بهم من خلال مجموعته علي الفيس بوك واسمها «طوسون واللوحة الناطقة.

كل ما يأمله الفنان محمد طوسون ألا يضيع مجهوده هباء.. كأن لم يكن ويتمني رعاية وزارة الثقافة لفنه ومساعدته علي تجميع قواعده وأصوله في كتاب تتكفل الوزارة بطبعه وتوزيعه ليكون دليلاً للأجيال القادمة.. فالتقدم خطوة للأمام لن تأتي إلا بالتمسك بجهود السابقين والحفاظ عليها.
علياء أبوشهبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى