رفض الوقوف في طابور العاطلين، متجاوزا التقاليد والأعراف التي نادت «بتراب الميري» ليحترف مجال الأعمال اليدوية، ليبدأ من الصفر. إنه محمد منصور الذي نشأ في أسيوط وتخرج في كلية الحقوق ليحمل لقب محامي مع إيقاف التنفيذ لأنه لم يعثر علي فرصة عمل فتمرد علي هذا الوضع.
وبدأ شغل الأركيت كهواية وتدريجيا عشقها فصقل موهبته أثناء دراسته بالكلية، حتي تخرج عام 1999 ليبدأ حلمه في امتلاك مشروع خاص ويواجهة أول عقبة وهي التمويل، ووجد ضالته في الصندوق الاجتماعي ليقترض 500 جنيه كانت العون له، وذلك على حد ما ذكرته صحيفة روز اليوسف المصرية.
بدأ محمد في ورشته الخاصة وصمم عدداً من الأعمال ومارس الرسم علي الزجاج، ومنه إلي تصميم الأشغال النحاسية ولكنه واجه بكل صبر عدم وجود إقبال علي هذه المنتجات في الصعيد، بجانب عدم تقديرهم لهذه الفنون، فكان قراره الصائب بالسفر للقاهرة، والبدء مجددا. قسم محمد غرفة معيشته الصغيرة المؤجرة بين ورشة للتصنيع، وسرير للنوم ودنياه الصغري والكبري لينجح في جمع قروش قليلة ليقدر علي قوت يومه وينجح في دفع الايجار الشهري الذي يصل إلي 300 جنيه.
لم يكن مشوار محمد مفروشا بالورود بل ظل لسنوات طويلة يعمل منفردا، حتي استطاع التوسع والاستعانة بعمالة ونجح في استئجار محل في مدينة نصر، كان الأمل له واكتسب فيه العديد من الخبرات وتعدد الأذواق حتي أنه تعلم فنون النجف الإسلامي والشغل بالمعدن ولأن دوام الحال من المحال فلقد انتهي عقد المحل ليدخل محمد في دوامة جديدة وهي التسويق في رحلة امتدت لشهور طويلة انتهت بالفشل الذريع علي حد قوله.
لم ييأس محمد بل لجأ للاشتراك في المعارض الجماعية والاتصال بتجار الجملة، مؤكدا أن هذه السبل ليست مربحة ولكنها وسيلة لكسب العيش، لأن الحياة اكسبته قيمة التعلم والكفاح وعدم اليأس مهما اغلقت الأبواب وإن علي الصانع المحترف عشق ما يصنع والتعرف علي ذوق الجمهور المتغير وتطوير عمله.
يأمل محمد عودة فنون الأعمال اليدوية للسوق المصرية مجددا وأن يتذوقه المشترون لأنه عمل مثير ويستغرق وقتاً وجهداً طويلاً لكنه يستحق منا إعادة النظر.
شيماء عدلي