نجيـب الريحـاني .. فيلسوف المضحكين
أمير الضحك، وفيلسوف المضحكين، تتسم فلسفة الضحك لديه بأنها رسالة تتسم بالجدية والإخلاص وعشق الوطن، ولذلك ظل حتى الآن النموذج الأمثل لما يجب أن يكون عليه الفنان صاحب الرسالة خاصة وهو يمتلك العمق والصراحة اللامحدودة، تلك الصراحة التي دفعته كشف كل الأوراق مهما كانت جارحة أو مليئة بالسلبيات وذلك في مذكراته، ولقب هذا الفنان بموليير الشرق.
ولد الفنان الكوميدي الموهوب نجيب الياس الريحاني عام 1891م ونشأ في أسرة من الطبقة المتوسطة بحي باب الشعرية بالقاهرة، وانجذب نحو المسرح منذ الصغر على الرغم من عدم ثقته من موهبته وقد درس بمدرسة الفرير بالخرنفش واشترك في تمثيل نصوص من المسرح الفرنسي.
بعد حصوله علي البكالوريا اشتغل كاتبا في أحد البنوك، ثم تركه ليعمل بفرقة “أحمد الشامي” التي كانت تتجول في الأرياف، وبعدها التحق بشركة الحوامدية للسكر و لكنه فصل منها لاشتغاله بالتمثيل، ثم التحق بفرقة “جورج أبيض” ليمثل أدوار التراجيديا، ولكنه لم يستمر بها، والتحق بالعمل في البنك الزراعي، وتعرف علي الممثل الكبير عزيز عيد ، وعملا معا “كومبارس” في بعض الفرق الأجنبية التي كانت تمثل روايات اجتماعية، وتاريخية علي مسرح “الأوبرا” ، ثم التحق الاثنان بفرقة “عكاشة”، حيث ظهرت مواهب الريحاني فيها كممثل كوميدي بطريقة واضحة خاصة في الفصول القصيرة التي كان يمثلها بين فصول الروايات الدرامية للفرقة.
أنشأ فرقة باسم صديقه عزيز عيد ، وصادفت نجاحا كبيرا، ولكنه تركها، والتحق بفرقة “اسكندر فرح”، ثم تركها ليعمل بفرقة “سليم عطا الله”، وكان أول دور مثله معها دور الإمبراطور في رواية “شارلمان”، وفي عام 1914م احترف التمثيل مع فرقة جورج أبيض، وتعتبر رواية “الملك لير” لشكسبير أول رواية اشترك في تمثيلها علي المسرح.
وفي عام 1917م كون الريحاني فرقته الخاصة “فرقة الريحاني” حيث قدم رواية “حمار وحلاوة” لأمين صدقي، كما قدم الروايات الاستعراضية بالتعاون مع بديع خيري، وفنان الشعب سيد درويش، وكانت أول رواية هي “علي كيفك”، واستعان بأشهر المطربات وقتها وهي فتحية احمد ، كما قدم خلال ثورة عام 1919م “أوبريت العشرة الطيبة” من تلحين سيد درويش، وتأليف محمد تيمور فأحدثت دويا كبيرا.
وتعتبر فرقة الريحاني التي كونها مع بديع خيري من أهم دعائم المسرح الكوميدي، وكان يشارك في إعداد المسرحيات التي يمثلها علي خشبة المسرح، وكان علي دراية بالإخراج المسرحي، وكانت معظم مسرحياته تعالج مشكلات المجتمع من خلال فكاهة راقية.
ومن أشهر أعمال الفنان نجيب الريحاني في مجال المسرح “خليك تقيل”، “حكم قراقوش” “اديله جامد”، “بكره في المشمش”، “تعاليلي يا بطة”، “ابقي قابلني”، “جنان في جنان”، “هز يا وز”، “حماتك تحبك”، “حلق حوش”، “وصية كشكش بك”، “كشكش بك في باريس”، “لعبة الست”، “الدلوعة”، “الستات ما يعرفوش يكذبوا”، “السكرتير الفني”، “الدنيا لما تضحك”، “30 يوم في السجن”.
وفي مجال السينما قدم الريحاني أفلام “صاحب السعادة كشكش بيه” في عام 1931م، و” حوادث كشكش بيه” عام 1934م وفي نفس العام قدم فيلم “ياقوت أفندي”، وفيلم “بسلامته عايز يتجوز” عام 1936، وفيلم “سلامة في خير” عام 1937، وفيلم “سي عمر” عام 1941م، و فيلم “أحمر شفايف” عام 1946م وفي نفس العام قدم فيلم “لعبة الست”، وفي العام التالي قدم فيلم “أبو حلموس” وكان آخر أفلامه فيلم “غزل البنات” عام 1949م.
وتوفي هذا الفنان المبدع في يوم 8 يونيو من عام 1949م إثر إصابته بمرض التيفوئيد وهو نفس العام الذي مثل فيه فيلم غزل البنات.