بنك المعلومات

هشاشة العظام.. المرض الصامت

تشير إحصائيات “منظمة الصحة العالمية” إلى أن أمراض العظام ستؤثر على 60% من النساء و20% من الرجال فوق سن الخمسين في مختلف أنحاء العالم، كما تؤكد المنظمة أن 30% من سكان منطقة الشرق الأوسط، ممن هم فوق سن الخمسين معرضون للإصابة بمرض هشاشة العظام.

ولأن مرض هشاشة العظام يرتبط بشكل رئيس بالتقدم في العمر، لهذا فإن نسبة كبيرة ممن تعدوا سن الستين يصابون بدرجة ما من هشاشة العظام، غير أن هناك عوامل أخرى تزيد من حدة المرض وتعرض بعض المرضى أكثر من غيرهم لمضاعفاته، تلك العوامل ترتبط بقوة العظام وبنيتها الخلقية وبنوع الغذاء وطبيعة النشاطات البدنية، وأدوية وعلاجات معينة قد يستخدمها المريض، وهي من العوامل التي تزيد من هشاشة العظام.

“المرض الصامت”

تشبه العظام في الحالة الطبيعية قطعة الإسفنج المليء بالمسام الصغيرة، وفي حالة الإصابة بهشاشة العظام يقل عدد المسام ويكبر وتصبح العظام أكثر هشاشة وتفقد صلابتها، والعظام الأكثر عرضة للكسر في المرضى المصابين بهشاشة العظام هي الورك والفخذ، كذلك عظام الساعد والعمود الفقري.

ويشير د. نظمي حسين استشاري طب الأسرة إلى أن هشاشة العظام هي أكثر أمراض العظام انتشارا فهي تصيب الملايين حول العالم وخصوصا النساء، وأوضح د. حسين كيفية حدوث هشاشة العظام بقوله: “إن الحفاظ على كتلة العظام تتم من خلال عملية تسمى “Remodeling”، وتحتاج هذه العملية إلى كالسيوم من الخلايا الخارجية لبناء العظم، تقوم بها خلايا اسمها “Osteoblalst” وإزالة العظام القديمة من خلال خلايا تسمى “osteoclast”، بحيث تكون نسبة بناء العظام الجديدة في الحالات الاعتيادية متساوية مع نسبة إزالة العظام القديمة، وفي حالة الاختلاف بين النسبتين فإن ذلك يؤدي إلى ظهور هشاشة العظام”.

يضيف د. نظمي قائلا: “إن بعض العوامل الخارجية قد تؤثر أيضا على توازن عمل الخلايا المنتجة ( Osteoblast) والخلايا الممتصة ( Osteoclast) مثل الأدوية ونقص الأستروجيين، كما أن كثافة وقوة العظام لها علاقة وثيقة بالنشاط الحركة الذي يؤثر على العظام والذي يدفع به إلى زيادة حجمه لمقاومة الجهد الذي يؤثر عليه، إذا فالعظام تصبح أقوى مع بذل الرياضة”.

أما عن الأعراض فيؤكد د. نظمي أن معظم المرضى الذين يعانون من هشاشة العظام لا تظهر عليهم أعراض لذلك يسمى “المرض الصامت”، وأعراضه معظمها تتمثل في كسور في العظام وخاصة عظام العمود الفقري، وعنق عظمة الفخذ، ومن الأعراض أيضا ظهور آلام شديدة في الظهر، ونقصان تدريجي في الطول نتيجة انكسار الفقرات، ينتج عنها تحدب الظهر نتيجة انكسار بعض الفقرات، مشيرا إلى أن الكسور قد تنتج خلال النشاط اليومي المعتاد فيظهر ألم شديد يستمر لعدة شهور، وأحيانا لا يظهر أي ألم مع وجود هذه الكسور.

ويتم تشخيص المرض بقياس كثافة العظام عن طريق صورة أشعة خاصة تسمى Dual-energy-x-ray absorptiometry) (DEXA))، وهي لا تسبب أية مخاطر، وتحتاج عند القياس إلى وقت من 3-10 دقائق، وقياس كثافة العظام يتم في عدة حالات، فالمرأة تقاس كثافة العظام لديها بعد انقطاع الدورة الشهرية، وذلك لاتخاذ قرار إعطاء العلاج الهرموني، أما بالنسبة لمن يعاني من تغيير غير طبيعي في العمود الفقري أو وجود خلايا ممتصة (Osteopenia) فيتم من خلال صورة الأشعة وذلك لتشخيص المرض واتخاذ قرار حول عمل فحوص أخرى والعلاج، كذلك يتم التشخيص بالنسبة المرضى الذين يتناولون “الكورتيزون” لفترة طويلة، والمرضى الذين يعانون من ارتفاع هرمونات الغدة الدرقية.

التدخين قاتل العظام

يؤكد المتخصصون أن هناك عوامل أخرى متعلقة بهشاشة العظام غير نقص إفراز “الإستروجين” بالنسبة للنساء وهرمون “التوستيستيرون” بالنسبة للرجال، وتزيد هذه العوامل من مخاطر المرض، غير أن آثارها يمكن أن تكون تراكمية، ومن هذه العوامل: إصابة الأقارب، فعلى الرغم من أن هشاشة العظام ليست مرضا وراثيا، إلا أن إصابة أحد أفراد الأسرة بالمرض يزيد من احتمال الإصابة إلى الضعف، كما أن قلة ممارسة الرياضة أيضا تقف كمسبب أساسي للمرض، فالرياضة تبطئ من فقدان المادة العظمية، كما أنها تقلل من حدوث كسور الورك والرسغ، والتدخين كذلك يزيد من سرعة فقدان العظام، وتعاطي الكحوليات يعيق قدرة الجسم على الحفاظ على العظام صحيحة وسليمة.

ونقص الكالسيوم في الطعام سبب آخر من مسببات المرض، فالكالسيوم مادة مهمة يحتاجها الجسم للحفاظ على العظام قوية وصحيحة، وعموما يحتاج الرجال والنساء فوق عمر 19 عاما إلى 1000 ملجم من الكالسيوم يوميا، حيث أن أملاح الكالسيوم تشكل الجزء الرئيسي في تركيب العظام، وفي حالة عدم تناول القدر الكافي من الكالسيوم في الطعام التي تحتويها الألبان والخضروات الطازجة، فإن الشخص يكون أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام، مع الأخذ في الاعتبار أن كمية الكالسيوم التي تحتاجها أجسامنا تختلف باختلاف العمر، ويوصي المتخصصون بالإكثار من تناول الكالسيوم بالنسبة للأطفال والمراهقين والنساء المرضعات والنساء بعد “سن اليأس”.

وحسب المتخصصين فإن النحافة تزيد من احتمالات الإصابة بهشاشة العظام أيضا، فالبنية الرقيقة أكثر عرضة لمخاطر المرض، وذلك لأن الهيكل العظمي ضئيل بالأساس، والعظام تبدأ ترق وتضعف عموما بعد سن اليأس، وقد تصل إلى الدرجة التي عندها تنكسر بسهولة أكثر من عظام النساء الأقل نحافة، والعلاج طويل الأمد بالأدوية “الستيرويدية” من أسباب المرض أيضا، وهذه الأدوية تكون عادة أساسية وأحيانا منقذة للحياة في علاج بعض الأمراض مثل الربو والالتهاب المفصلي الروماتويدي، ولكنها ترقق العظام خاصة عند تناولها لفترة طويلة من الزمن.

وقلة التعرض لضوء الشمس سبب شائع ومعروف لهشاشة العظام، فضوء الشمس يساعد الجسم على تصنيع فيتامين (د) في الجسم، وهو فيتامين ضروري لتقوية العظام وتقويمها، ومع التقدم في السن، فإن الجسم يمتص كميات أقل من هذا الفيتامين من الطعام بما يعزز من أهمية التعرض لأشعة الشمس، ويشير الأطباء إلى هناك أمراضا أخرى قد يصاحبها هشاشة في العظام كأمراض الكبد، وزيادة نشاط الغدة الدرقية، وفقدان الشهية العصبي، بالإضافة إلى “متلازمة كوشنج”.

العلاج الهرموني

يتم علاج هشاشة العظام باستخدام طرق عدة منها “العلاج الهرموني الاستبدالي” كأحد طرق تعويض هرموني “الإستروجين” أو “التوستيستيرون” ، وهذا النوع من العلاج له العديد من الفوائد حيث يقلل من حالات التعرق الليلي الذي تعاني منه بعض السيدات عند سن اليأس، ويشير المتخصصون إلى أن العلاج الهرموني الاستبدالي لا يناسب كل الأشخاص، وقد يحتاج المريض إلى تجربة عدة أنواع مختلفة قبل أن يجد ما يناسبه، ويحتاج المريض إلى استشارة الطبيب المختص لإيجاد البدائل غير الهرمونية المتاحة للاستعاضة عن هذا العلاج الهرموني الاستبدالي، ويعمل هرمون “الكالسيتونين” أيضا على التقليل من الفاقد من العظام، كما أنه أيضا يخفف بعض الألم في حالة وجود كسر مؤلم، ويتم تعاطيه عن طريق الحقن أو الرذاذ الأنفي.

أما “البيسفوسفونات” فهي علاج غير هرموني، وتعمل على وقف مفعول الخلايا المسؤولة عن ترقيق العظام، وتساعد هذه الأدوية على منع المزيد من فقدان المادة العظمية عند المرضى الذين فقدوا بعضها بالفعل، وتعمل “الستيرويدات” البناءة على تحفيز تكوين العظام فتؤدي إلى نمو المادة العظمية، ولكن لها العديد من الآثار الجانبية وخاصة للنساء منها خشونة الصوت، وزيادة الشعر في الجسم، وتساعد مادة “الفلورايد” على زيادة الكتلة العظمية في الهيكل العظمي، ولكنه يحتاج الى مزيد من الأبحاث لتأكيد فوائده، لتعدد آثاره الجانبية كالألم في الساقين، الغثيان والقيء.

وبعيدا عن العلاجات الكيميائية وآثارها الجانبية ينصح المتخصصون ببعض الطرق الطبيعية للوقاية من المرض، والتي تساهم بدورها في العلاج أو إبطاء تدهور العظام وهشاشتها ومنها: ممارسة الرياضة والتي ويفضل أن تبدأ قبل سن المراهقة؛ حيث أن عملية بناء العظام وزيادة كثافتها تبدأ عند البلوغ، وتكون في قمتها ما بين سن 20 – 30، وأفضل أنواع الرياضة هي التي تمثل ضغطًا على العظام والعضلات مثل رياضة الجري أو صعود السلم؛ لأنها تشجع الجسم على مقاومة الضغوط على العظام بزيادة كثافتها بنسبة 2 – 8% كل عام، ويحذر المتخصصون من ممارسة الرياضات العنيفة عند الإصابة الفعلية بهشاشة العظام، وينصحون بممارسة المشي لمن هم فوق سن الخمسين، والتعرض لأشعة الشمس وتناول الأطعمة التي تحتوي على كميات لا بأس بها من الكالسيوم وفيتامين د، لما لها من أثر كبير في تقليل مخاطر هشاشة العظام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى