يزدهر في العالم حالياً قطاع يثبت ربحيَّته، ألا وهو هو تحويل النفايات الى طاقة بواسطة تقنيات فنية لتوليد الكهرباء والحرارة والوقود الحيوي والوقود الصناعي. وهذا التحويل لا يعني الحرق فقط، كما أن اختيار التقنيات الفنية يعتمد على خليط النفايات، فكلما ازدادت المواد العضوية ونسبة الرطوبة في النفايات انخفضت كفاءة الحرق مثلاً. تصنف هذه التكنولوجيات الحديثة في فئتين : حرارية وغير حرارية . وغالبيتها تولد الكهرباء مباشرة عن طريق الاحتراق، أو تنتج وقوداً قابلاً للاحتراق مثل الميثان والميثانول والايثانول والهيدروجين وأنواع من الوقود الصناعي. وتزداد ثقة العالم بهذه العمليات المتطورة، لأنها توفر طاقات متجددة مأمونة ومجربة تتماشى مع المعايير البيئية الصارمة. في العام 2007، كان هناك أكثر من 600 محطة كبيرة لتحويل النفايات إلى طاقة في 35 بلداً حول العالم .
تقنيات تحويل النفايات إلى طاقة
تعتبر النفايات بكافة أنواعها الصلبة والسائلة أهم مصادر الكتلة الحيوية وأكثرها، ويركز هذا الباب على النفايات باعتبارها مصدر مهم للكتلة الحيوية والتي يمكن تطبيقها في مصر لإنتاج كافة أنواع الطاقة والمخرجات الأخرى عن طريق إنشاء المصانع الخاصة بتدوير النفايات وإنتاج الطاقة والوقود. هناك الكثير من تقنيات تحويل النفايات إلى الطاقة، من أهمها:
1- الحرق : Incineration
هو أكثر التقنيات تحويلا النفايات إلى طاقة في العالم، وينتج الكهرباء والحرارة من الكتلة الحيوية. وتستوفي جميع محطات الحرق الجديدة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) معايير الانبعاثات الصارمة، وتخفض حجم النفايات الصلبة بنسبة تتراوح بين 75 إلي 95-96%، من وزنها. وقد ازدادت قدرات الحرق العالمية بنسبة 3% سنوياً خلال الفترة من 2005-2010 ، وتعالج اليابان 40 مليون طن سنوياً من نفاياتها البلدية الصلبة بالطرق الحرارية، وبذلك تحتل المرتبة الأولى عالمياً. تولد النظم البخارية ما بين 450-550 كيلو وات/ساعة من الكهرباء لكل طن من النفايات البلدية الصلبة عن طريق محارق النفايات، التي تطلق أيضا نحو طن واحد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تبدأ عملية حرق النفايات بتجفيفها، ومن ثم تخضع للانحلال بمزيد من التأثيرات الحرارية وتكسير المواد الكيمائية، ومن ثم تخضع الكربون الصلب لتتحول الى غاز، وبالتالي تنتج عمليتي الانحلال والتغويز )التحول للغاز( القابل للاحتراق، وخلال عملية الانحلال الحراري تنتج الكربون والفحم كبقايا صلبة، يمكن أن تستخدم في عملية التدوير لبعض المواد، يتم باستمرار قياس وتسجيل مستويات أول أكسيد الكربون المناسب والمقرر قانوناً لضمان الإشراف على اكتمال وجودة عملية الحرق
2- الانحلال – الحراري : Pyrolysis
تستخدم فيها الحرارة الفائقة في غياب الأوكسجين، لتفكيك المواد الغنية بالكربون وإنتاج ثلاثة أنواع من مصادر الطاقة : فحم صلب بنسبة 35% وزناً، وزيت سائل )وقود حيوي( بنسبة %40، وغاز اصطناعي وهو خليط من أول أكسيد الكربون والهيدروجين وثاني أكسيد الكربون بنسبة (10%)، يتيح الانحلال الحراري الاستعمال المباشر للمنتجات. وهناك اتجاه حديث لتحويل البلاستيك المتخلف بعد إعادة تدويره إلى نفط أو غاز، وهذا يولد 1,8 – 3,6 مليون وحدة حرارية بريطانية ( Btu ) لكل طن من البلاستك، وتبلغ كلفة معالجة النفايات البلدية الصلبة بهذه الطريقة في البلدان الصناعية نحو 50 دولاراً للطن . وهناك عدة محطات حول العالم تستخدم طريقة الانحلال الحراري لتفكيك النفايات البلدية . على سبيل المثال، تجمع محطة لاستعادة المواد والطاقة في بريطانيا بين الانحلال الحراري وإعادة التدوير وإنتاج السماد، إذ تبلغ قدرتها 200 ألف طن من النفايات سنوياً، يتم استعمال 118 ألف طن لتوليد نحو 18,3 ميجاوات من الكهرباء، ويتم إعادة تدوير وإنتاج السماد للكمية المتبقية البالغة 82 ألف طن. وتعتبر ألمانيا وبريطانيا وسويسرا وايطاليا البلدان الأكثر نشاطاً في تكنولوجيا الانحلال الحراري التي ترافق علميتي إعادة التدوير وإنتاج السماد من النفايات
3- التغويز (التحويل إلى الغاز): (Gasification )
تعتبر تكنولوجيا التغويز وسيلة ذات كفاءة لتحويل أنواع منخفضة القيمة من الوقود والمخلفات إلى غاز اصطناعي من النفايات الصلبة، والوقود المشتق من النفايات، والبلاستك الذي لا يعاد تدويره، ومخلفات الصناعة الزراعية، وحمأة الصرف الصحي المجفف، والفحم، ويتم تحويل هذه الأنواع إلى غاز يحتوي على أول أكسيد الكربون والهيدروجين، عن طريق تفاعلها بلا احتراق مع كمية مناسبة من الأكسجين أو البخار في حرارة عالية تزيد عن 700 درجة مئوية، وتبلغ القيمة الحرارية لخليط الغاز الاصطناعي الناتج 10-15% من قيمة الغاز الطبيعي. ويستعمل الغاز الاصطناعي لتوليد الطاقة الكهربائية وإنتاج الحرارة، مما يعتبر جذاباً من الناحيتين الاقتصادية والبيئية، ويمكن تحويل الغاز الاصطناعي إلى ميثانول وآمونيا وبنزين اصطناعي، أو استعماله مباشرة كبديل للغاز الطبيعي.
4- الهضم البيولوجي: (Biological digestion)
يتميز – الهضم البيولوجي بإمكانية عالية في تحويل النفايات الى طاقة، وهي عملية بيولوجية تتفكك فيها النفايات بفعل البكتيريا (إنزيمات) إلى جزئيات بسيطة، بطريقة الهضم اللاهوائي والهضم الهوائي.
أ- الهضم اللاهوائي (Anaerobic Digestion): هي عملية بكتيرية تعمل تحت ظروف لا هوائية، أي في غياب الأكسجين أو في بيئة تفتقر للأكسجين. تتحلل المواد العضوية بداخل جهاز الهضم )وعاء كبير للتفاعل(، تنتج هذه العملية الغاز، والذي يعتبر خليطا يتكون من 60% غاز الميثان(CH3) ، 35% غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2)، 5% غازات أخرى. يتم التحكم بإنتاج الغاز بالمحافظة على درجة حرارة العملية المطلوبة، وتكون المواد العضوية طازجة. يستخدم الغاز الحيوي في محركات الاحتراق الداخلي، وتوليد الحرارة والكهرباء، وكوقود للنقل بعد تنقية اغلب انبعاثات ثاني اكسيد الكربون
ب- الهضم الهوائي (Aerobic Digestion) :
تكنولوجيا الهضم الهوائي أو التخمير، تعتمد على بكتيريا هوائية تحلل الكتلة الحيوية في وجود الأوكسجين وتحولها الى إيثانول )كحول اثيلي( ومنتجات أخرى، باستعمال نفايات سلولوزية أو مواد عضوية. واثناء عملية التخمير البكتيري، يمكن استعمال إنزيمات لتسريع العملية، حيث يتحول السكر في النفايات إلى ثاني أكسيد الكربون وإيثانول . ويعتبر إنتاج الايثانول من المحاصيل الغذائية مثالاً آخر على الهضم الهوائي . فالبرازيل مثلاً، تنتج الايثانول من قصب السكر منذ عقود، وتنتجه الولايات المتحدة من الذرة، وهو يمزج بالبنزين ويستعمل وقوداً للسيارات. ويمكن انتاج الايثانول من النفايات الصلبة، وقد بنيت في عام 2010 محطة تخمير كبيرة في ولاية نيفادا، إذ تنتج 40 مليون لتر من ايثانول سنوياً من 90 ألف طن من النفايات الصلبة
4- المعالجة البيو كيميائية:
هي عملية لإنتاج طاقة من النفايات الصلبة من دون احتراق، ومن أشكالها الحديثة تكنولوجيا ” دندرو” (Dendro Liquid Energy ) ذات الإمكانات العالية والقريبة من تكنولوجيا ” صفر النفايات “. تعالج جميع النفايات المختلطة، بما فيها البلاستك والكتل الخشبية الكبيرة، في معامل لإنتاج اول أكسيد الكربون والهيدروجين اللذين هما وقودان نظيفان لتوليد الطاقة الكهربائية. وتؤكد الشركة الألمانية التي تطور تكنولوجيا ” دندرو” أنها أكثر كفاءة أربع مرات من الهضم اللاهوائي في توليد الطاقة. ولا تنتج محطاتها انبعاثات أو نفايات سائلة ولا تسبب إزعاجا. وعند انتهاء العملية، يتبقى 4-8% من المخلفات الهامدة، مثل الرمل والحصى، التي تستعمل في الردم ورصف الطرق. وتحلّ هذه التكنولوجيا مسألة إدارة النفايات في المدن، وتساهم في زيادة الطاقات المتجددة للبلدان .
5- المعالجة – الميكانيكية:
طريقة شائعة في مراكز إعادة تدوير النفايات البلدية، وهي تنتج وقوداً بشكل حبيبات تستعمل في تشغيل المحارق ومحطات إنتاج الغاز.
إنتاج الوقود المشتق من النفايات RDF) Refuse derived fuel ) :ينتج عن طريق عدد من المراحل المختلفة التي تتمثل بشكل عام من:
• الفصل من المصدر.
• الفرز أو الفصل الميكانيكي.
• تقليص حجم النفايات )التمزيق، والتقطيع، والطحن(.
• الفصل والغربلة.
• المزج.
• التجفيف والتشكيل ( التقطيع والتشكيل كأصابع أقل من 5سم).
• التعبئة والتغليف والتخزين.
يتم عادة غربلة مواد النفايات لإزالة القطع القابلة للتدوير (مثل المعادن) والقطع الخاملة Inert Fraction مثل الزجاج، وفصل القطع القابلة للتعفن الرطبة الناعمة (مثل المواد الغذائية ونفايات الحدائق) تحتوي مواد عالية الرطوبة والرماد قبل ان تسحق. تخضع المواد العضوية الرطبة الى المزيد من المعالجات مثل المزج والهضم اللاهوائي، ويمكن ان تستخدم كمحسن للتربة عند عمل تجديد للطمر الصحي أو يمكن دفنها. يتم الاحتفاظ بجزء القابل للتعفن Putrescible Fraction بمكان لتمكن كتلة المواد من ان تجف عن طريق المعالجة البيولوجية. القطع الخشنة أما تبعد أو تعاد للسحق Pulverize
تتكون القطع المتوسطة الحجم من الورق، والخشب والبلاستك والمنسوجات، يمكن أن تحرق مباشرة كوقود خشن (cRDF) ، أو تجفف وتكور elletizedPالى وقود كثيف ( (d-RDF يستند عادة قرار تشكيل النفايات لنقلة إلى موقع مرافق تصنيع(RDF) نسبة الى مرافق الاحتراق، وهناك نوعان من التقنيات التي تم تطويرها والتي تنتج من نفايات البلدية الصلبة حرارة عالية والتي تستخدم كوقود مشتق من النفايات(RDF)، هما:
* محطة معالجة بيولوجية ميكانيكية.
* عملية التوازن الجاف (Dry Stabilization Process)
في محطة المعالجة البيولوجية الميكانيكية ، يتم فصل المعادن والمواد الخاملة، وغربلة القطع العضوية لزيادة التوازن، تستخدم عملية الحرق سواء مع أو بدون عملية الهضم. كما أنها تنتج الرواسب (Residual) والتي لها قيمة حرارية عالية، كما أنه يتكون أساسا من بقايا جافة للورق والبلاستك والمنسوجات.
د. أحمد سيد إبراهيم
دكتوراه الفلسفة في العلوم البيئية, قسم العلوم الزراعية البيئية