وصفت بأنها الأم تريزا النيبالية، ذلك لأنها تتخذ منها قدوة، ولأنها قضت الـ27 عاما الأخيرة من حياتها – التي تبلغ الآن ما يقرب من 71 عاما – من أجل حماية وإعادة تأهيل ضحايا الإتجار في البشر نساء وأطفالا بشكل عام، وضحايا تجارة الجنس بشكل خاص، وذلك منذ تأسيسها لمنظمة مايتي نيبال Maiti Nepal عام 1993.
Table of Contents
أنورادا كويرالا .. والعمل الاجتماعي
إنها السيدة أنورادا كويرالا Anuradha Koirala التي ولدت في أبريل من عام 1949، ودرست في مدرسة القديس يوسف في كاليمبونج بالهند، وهي الدراسة التي كان لها تأثير كبير في انجذابها نحو العمل الاجتماعي.
أنورادا كويرالا والتدريس للأطفال
قضت أنورادا 20 عاما في التدريس للأطفال، وعلى الرغم من سعادتها بالعمل، إلا أنها شعرت بأن لديها رسالة عليها أن تؤديها، ذلك أنها في بداية التسعينات من القرن الماضي اعتادت السير بجوار معبد باشوباتيناث في كاتماندو (عاصمة نيبال) كل صباح، حيث كانت تقابل النساء اللواتي كن يتسولن في تلك الشوارع، وعندما تحدثت معهن، أدركت أنهن جميعا من ضحايا لعنف اجتماعي، خاصة الضرب في المنزل، ولأنها تعاملت مع الصدمة الجسدية والعاطفية على يد زوج سابق مسيء، فإنها أدركت في هذه اللحظة الطريق الذي عليها أن تسلكه.
بدأت أنورادا فقط بثمانية نساء، تعلمهن عن تمكين المرأة وتشجعهن على التوقف عن التسول، لكن عملها نما بسرعة، ومن ثم، وبحلول عام 1993، أسست مايتي نيبال وركزت انتباهها على مشكلة ضخمة في نيبال وهي تجارة الجنس.
أنورادا كويرالا ومهمة إنقاذ النساء والفتيات
فارتفاع معدلات الفقر والأمية في البلاد جعلها أرضا خصبة لتجار البشر، الذين يظهرون للأسر الفقيرة في ثياب بائعي الأحلام، أحلام العمل أو المال، مع إخفاء الحقيقة البشعة المتمثلة في الاتجار بالجنس عنهم. وبالتالي، تؤخذ الفتيات والنساء من المناطق الفقيرة في نيبال، وتباع لتجار العبودية الجنسية في الهند على الجانب الآخر من الحدود.
ابتكرت أنورادا طريقة لبدء إنقاذ هؤلاء النساء والفتيات، حيث أن المكان الرئيسي للإتجار فيهن يكون في الهند، وحيث أن الحدود بين نيبال والهند تمتد لأكثر من 1750 كم، وهي حدود مفتوحة ومسامية، ومن خلال تلك الحدود، تم خلال عام واحد على سبيل المثال وهو عام 2003، الإتجار في 25 ألف امرأة وفتاة.
لذا تعمل مايتي نيبال مع سلطات إنفاذ القانون المحلية لإنقاذ من يمكن إنقاذه عبر 26 نقطة مختلفة على الحدود الهندية النيبالية. كما تدير 11 من المنازل التي تؤوي النساء اللائي تم الاتجار بهن حديثا، حيث تنأى أسرهن عن ذلك. توسع نطاق المنظمة أيضا على مر السنين: والآن تدير حملات توعية وبرامج للتمكين ومبادرات للتدريب المهني للناجيات.
ولأن أنورادا أرادت ضمان أن تتمكن هؤلاء النسوة والفتيات من العيش حياة مستقلة ومنتجة في المجتمع. ولهذا الغرض، وظفت من خلال مايتي نيبال العديد من الضحايا السابقين من أجل إجراء عمليات تفتيش في نقاط العبور الحدودية ودربتهم على التعرف على ضحايا الاتجار المحتملين. كما أسست مؤخرا مقهى في كاتماندو حيث يعمل الضحايا السابقون كصرافين وطهاة ونادلات.
أنورادا كويرالا ومنازل لوقاية الفتيات
وتدير مايتي نيبال أيضا ثلاثة منازل لوقاية للفتيات المعرضات للخطر لتثقيفهن حول مخاطر الاتجار، وتطعم أكثر من 1000 طفل وطفلة، كما تدير المنظمة تكايا للأطفال والنساء المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز ومدرسة واحدة. كما ساعدت أنورادا أيضا في القبض على مجرمي الاتجار بالبشر، ومحاكمة أكثر من 700 من هؤلاء المتجرين.
وفي السابع عشر من يناير عام 2018 تم تعيين أنورادا كويرالا من قبل حكومة نيبال كأول امرأة حاكمة لمقاطعة باغماتي براديش وهي المقاطعة الأولى في نيبال واستمرت في منصبها حتى 3 نوفمبر 2019.
وقد حصلت أنورادا كويرالا على 38 جائزة وطنية ودولية عن عملها، بما في ذلك جائزة الهند المدنية المرموقة المعروفة باسم بادما شري Padma Shri، وجائرة سي إن إن لبطل العام CNN’s Hero of the Year في عام 2010.
وعلى مر السنين، استطاعت مايتي نيبال Maiti Nepal إنقاذ أكثر من 18000 امرأة وطفل. واليوم، وقد جاوزت السبعين، تواصل الأم تيريزا النيبالية العمل بلا كلل من أجل هذه القضية ولا تعتزم الاستسلام في أي وقت قريب.
تبقى المعارك ضد مافيا الإتجار بالبشر على اختلاف أغراضها، سواء للعمل بالجنس أو للعمل بالسخرة من أصعب المعارك التي يمكن أن يقودها أي إنسان، حيث دائما وأبدا ما تكون تلك المافيات لها رجالها في الأجهزة المسئولة عن إنفاذ القانون، وحماية المواطنين، ومن ثم فإن من يخوض أمثال تلك المعارك يستحق ألف وسام، لأنه يضع حياته وأمنه الشخصي على المحك.
د. مجدي سعيد