هو أبو محمد ، علي بن احمد بن سعيد بن حزم في قرطبة عام 384 هجري و توفي محاصرا في منزله عام 456 هجري . له العديد من المؤلفات أشهرها طوق الحمامة .
بدأ ابن حزم طلبه للعلم بحفظ القرآن الكريم، ثم رواية الحديث، وعلم اللسان، فبلغ في كل ذلك مرتبة عالية، ثم اتجه من بعد ذلك إلى الفقه، فدرسه على مذهب الإمام مالك؛ الذي كان مذهب أهل الأندلس في ذلك الوقت، ولكنه كان مع دراسته للمذهب المالكي يتطلع إلى أن يكون حرًا، يتخير من المذاهب الفقهية ولا يتقيد بمذهب.
لذلك انتقل من المذهب المالكي إلى المذهب الشافعي، فأعجبه تمسكه بالنصوص، واعتباره الفقه نصًا أو حملاً على النص، وشدة حملته على من أفتى بالاستحسان، لكنه لم يلبث إلا قليلاً في الالتزام بالمذهب الشافعي، فتركه لما وجد أن الأدلة التي ساقها الشافعي لبطلان الاستحسان تصلح لإبطال القياس وكل وجوه الرأي أيضًا، ثم بدا له أن يكون له منهج خاص وفقه مستقل، فاتجه إلى الأخذ بالظاهر، وشدد في ذلك، حتى أنه كان أشد من إمام المذهب الأول داود الأصفهاني.
عاش ابن حزم في أول أمره في يسر ورخاء، ثم نزل به الحال بحرمانه من بعض مال أسرته، ومع ذلك فإنه لم يصل إلى مرتبة الفقر وإن كان دون الأغنياء، فهو قد حظي بالجاه، فكان أبوه وزيرًا من وزراء بني أمية، ثم لما تولى الخلافة هشام المؤيد تغير به الحال بوفاة أبيه، فاضطرت المحن والشدائد أسرته إلى الانتقال من قرطبة حاضرة الأندلس إلى المرية.
وفي هذه الفترة آل الأمر في شأن الخلافة إلى العلويين فكان الحكم لابن حمود، ولما خرج عليه المرتضى عبد الرحمن بن محمد من الأمويين ناصره ابن حزم وعاونه، فسار معه في جيشه الذي أراد به الاستيلاء على غرناطة، ولكنه اغتيل قبل أن يتم له ما أراد، فأسر ابن حزم ثم فك أسره عام 409هـ، فعاد بعد ذلك إلى قرطبة منصرفًا إلى العلم ومدافعًا عن الإسلام بإبطال ما كان يثيره اليهود والنصارى من افتراءات ضد الإسلام وأهله.
كان “ابن حزم” يرتحل ويطوف ببلاد الأندلس، ثم استقر به الأمر في إشبيلية أمدًا في مدة حكم المعتضد بن عباد، ولما بلغ المعتضد في استبداده واجترائه على الطعن في الأمويين؛ هاجمه ابن حزم في غير هوادة، فأحرق المعتضد كتبه إيذاء له وانتقامًا منه، وإرضاء لبعض العلماء الذين ضاقت صدورهم بعلمه، ويظهر أن الإحراق لم يكن لكل الكتب ولم يكن لكل النسخ، فإن تلاميذه في كل مكان كانوا يستحفظون كتبه وينسخونها.
وقد تتابعت المطاردة بابن حزم إلى أن انتهى به المقام في بلدة لبلة من بلاد الأندلس وبها توفي عام 456هـ. وقد حظي هذا العالم في حياته بكثير من الصفات وعديد من المواهب، مما مكنه من بلوغ المكانة العالية في مجالات العلم المتنوعة والمعارف المختلفة.
كان هذا العالم مخلصًا في طلب العلم وتبليغه، ومع أنه كان ذا حدة ظهرت كثيرًا في جدله، فإنه لم يغفل عن ذكر سببها والكلام عنها، فقال: لقد أصابتني علة شديدة ولّدت في ربوًا في الطحال شديدًا، فولد ذلك علي من الضجر، وضيق الخلق، وقلة الصبر، والنزق أمرًا جاشت نفسي فيه إذ أنكرت تبدل خلقي، واشتد عجبي من مفارقتي لطبعي، وصح عندي أن الطحال موضع الفرح، وإذا فسد تولد ضده”.
له في بعض الفنون كتب ومصنفات أشهرها الفصل بين أهل الآراء والنحل، وكتاب الصادع والرادع على من كفر من أهل التأويل من المسلمين، وكتاب الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد، وكتاب الإمامة والسياسة، وكتاب أخلاق النفس، والإيصال إلى فهم كتاب الخصال، وكتاب كشف الألباب ما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس، وكتاب الأحكام في أصول الأحكام، وكتاب المحلى
كما أن لابن حزم دراسات نفسية وخلقية، وقد وضحت الدراسة النفسية في كتابه طوق الحمامة ووضحت دراسته الخلقية في رسالة مداواة النفوس.
وأسس ابن حزم ما يعرف عادة بالمذهب الظاهري وهو ما يعرف عادة بأنه ينادي برفض القياس الفقهي الذي يعتمده الفقه الإسلامي التقليدي وينادي بوجوب وجود دليل شرعي واضح ( من قرآن أو سنة لتثبيت حكم ما)، لكن هذه النظرة الاختزالية لا توفي ابن حزم حقه فالكثير من الباحثين يشيرون إلى انه كان صاحب مشروع لإعادة تأسيس الفكر الإسلامي من فقه و أصول فقه و فلسفة .
ألف ابن حزم في الأدب كتاب طوق الحمامة، وألف في الفقه وأصوله وشرح منطق أرسطو و اعاد صياغة الكثير من المفاهيم الفلسفية و ربما يعتبر أول من قال بالمذهب الاسمي في الفلسفة الذي يلغي مقولة الكليات الأرسطية ( الكليات هي أحد الأسباب الرئيسة للكثير من الجدالات بين المتكلمين و الفلاسفة في الحضارة الإسلامية و هي أحد أسباب الشقاقات حول طبيعة الخالق و صفاته )