هو “بديع الزمان أبوالعز إسماعيل سيد الرزاز” (1136-1206)، الملقب بالجزري، عالم ومهندس ومخترع عربي مسلم، ولد في العراق، تفوق في العلوم وبرع في تصميم الآلات ذات الحركة وآلات قياس الزمن، ويعد “الجرزي” أحد رواد الهندسة الميكانيكية العرب، فهو مخترع العمود المرفقي (Crankshaft) والساعات الميكانيكية التي تعمل بالماء والأثقال، سجل أكثر من 60 اختراعاً في كتابه “الجمع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل”.
عمل “الجرزي” مثل أبيه، مهندساً لدى سلاطين الأتراك الارتقيين الذين كانوا يحكمون مدينة ديار بكر، ووصف الجرزي نحو 50 آلة ميكانيكية في ست تصنيفات مختلفة مثل الساعات المائية (احدى ساعاته الشهيرة قام متحف العلوم في لندن عام 1976 بإعادة بنائها)، جهاز غسيل الأيدي، أجهزة رفع المياه، المضخات الثنائية بمواسير شفط، استخدام العمود المرفقي في آلة، معايرة فوهة، تغليف الخشب لمنع إلتوائه، الموازنة الاستاتيكية للعجلات، استخدام النماذج الورقية لتمثيل التصميمات الهندسية، صب المعادن في صناديق القوالب المغلقة باستخدام الرمل الأخضر، والكثير من الآلات غير هؤلاء. وله الفضل في أول اختراع مسجل لروبوت انساني مبرمج.
الحديث عن “الجرزي” لا ينفصل عن انجازات العرب الميكانيكية في القرن الثالث عشر الميلادي التي كانت تنفذ بأيدي الصناع المبدعين وتكمن أهمية الجزري بأنه كان يمثل التيار الرئيسي للمهارات الميكانيكية الدقيقة والتي إزدهرت في الأجيال اللاحقة في ورشات صانعي الساعات وصانعي الأجهزة العلمية، تلك التكنولوجيا التي كانت وراء الثورتين العلمية والصناعية، وضعه لساعات لاتزال قائمة ومضخات لاتزال تعمل إلى وقت قريب. أضاف “الجرزي” الكثيرمن من الآلات والوسائل الميكانيكية والهيدروليكية التي ظهر أثرها في التصميم الميكانيكي للمحرك البخاري ومحرك الإحتراق الداخلي والتحكم الآلي والتي لا تزال أثارها ظاهرة إلى الآن .
جمع الجرزي بين العلم والعمل، ويمثل وصفه للآلات وصف مهندس مخترع مبدع عالم بالعلوم النظرية والعلمية ومن أهم تصميماته المضخة ذات الأسطوانتين المتقابلتين وهي تقابل حاليا المضخات الماصة والكابسة، وتصميماته لنواعير رفع الماء عن طريق الإستفادة من الطاقة المتوفرة في التيار الجاري في الأنهر.
وتكمن أهمية تصميمات الجزري بأن كافة الات رفع الماء المعقدة ذات الزنجير والدلاء الموضوعة من قبل الجزري كانت تدور بقوة دفع الحيوانات وليس بقوة الماء وهو الذي وضع أساس الإستفادة من الطاقة الكامنة للمياه بشكل عملي.
وقدم الجرزي للحضارة العالمية مخطوطات كان لها اثر كبير على تطور التكنولوجيا التي يتمتع بها عالمنا المعاصر كتصميمه مضخة كابسة استعمل فيها لأول مرة صمامات عدم الرجوع التي لا غنى عنها اليوم وتصميماته لآلات تستعمل القوة الكامنة في سقوط الماء.
من أهم مؤلفات الجزري: كتاب “معرفة الحيل الهندسية” الذي شرح فيه كيف صنع آلات قياس الزمن بأنواعها خاصةً الساعة المائية الليلية، وكتاب ” الهيئة والأشكال، وكتاب الحيل في الجمع بين العلم و العمل، وقد ترجمت كتبه إلى اللاتينية في القرن الثالث عشر الميلادي.