الدكتورة هند تاج السر، هي أول سودانية تحصل على الدكتوراه في الإعلام العلمي، ومن بين القلائل في هذا المجال اللائي حصلن على دكتوراه الإعلام العلمي في العالم العربي.
دكتورة هند قضيتها العلوم والإعلام العلمي فكما تقول في لقاء متلفز: “بدون العلوم لن يحدث تقدم. وأنا أقول لها يا دكتورة هند، ربما لا تكون البداية من الإعلام المؤسساتي، البداية لابد أن تكون من خلال مبادرات من شباب الكليات العلمية في الجامعات السودانية، من خلال فعاليات ومسابقات ومهرجانات وفيديوهات على اليوتيوب لتوصيل وتبسيط وتحبيب النشء السوداني في العلوم، ومن ثم يتم خلق الجمهور (الزبون المستهلك لسلعة الإعلام العلمي)، ومن خلال كل هذا يتم تجاوز تجاهل المؤسسات الإعلامية للعلوم، وحينما يتسع نطاق الشغف بالعلوم سيتحرك هؤلاء وراء هؤلاء الشباب ليستثمروا جزء من نجوميتهم، ومن خلال هذا السبيل نرى العلوم شيئا فشيئا تدخل تلك المؤسسات.. والله أعلم”
الدكتورة هند تاج السرّ البلال.. أيقونة الإعلام العلمي في السودان وتعتبر من رائدات الإعلام العلمي العربي والسوداني على حد السواء، إذ بدأت مشوارها من أجل ترقية الإعلام العلمي عام 2005 عبر الكتابة الصحفية العميقة التي تناولت أبرز القضايا والمشاكل البيئية التي يواجهها السودان، وهي المسيرة التي توجت عام 2013 بنيل درجة الدكتوراه في الإعلام البيئي من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.
تقول الإعلامية هند تاج السر -في تصريحات متلفزة- “أنا أول إعلامية في السودان قمت بإبراز دور الإعلام العلمي وأهميته في قضايا التنمية والتقدم، وكنت حريصة على طرح القضايا البيئية للنقاش والتفكير فيها بعمق وإشراك المواطنين في كل ذلك لاعتقادي بأهمية الإعلام العلمي. وموازاة مع ذلك، كنت حريصة على إنهاء دراستي الجامعية والحصول على شهادة الدكتوراه في هذا التخصص لأن ذلك مهم جدا”.
وكان موضوع رسالة الدكتوراه “تناول وسائل الإعلام السودانية لقضايا البيئة بالتطبيق على صحيفتي الرأي العام والسوداني”. وفي ذلك تقول هند تاج السر “البيئة هي أحد فروع العلوم المهمة جدا والتي أصبحت اليوم من القضايا الخطيرة داخل المجتمعات، لأن الدراسة التي قمت بها أثبتت أن غالبية مشاكل السودان الكبرى انطلقت شراراتها من مواضيع بيئية بالدرجة الأولى، خاصة قضية دارفور التي تطورت وأصبحت قضية شائكة؛ أدت إلى تدخلات دولية وإقليمية في الشأن السوداني ما زال الوطن يعاني آثارها حتى الآن”.
وعن واقع الإعلام العلمي في السودان ومستقبله المنتظر، تقول هند تاج السر “للإعلام العلمي في السودان وجود خجول ومستقبل مجهول، كما جاء في عنوان الورشة التدريبية التي قمت بتقديمها في كلية الإعلام بجامعة أم درمان الإسلامية في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وهذا ما أشارت إليه الإحصاءات والدراسات والمقابلات التي قمت بها خلال مسيرتي في هذا المجال، إذ وجدت أن نسبة حضور الجانب العلمي في البرامج الإعلامية لا يتعدى 2%”. وأوضحت هند أنه “لا زالت المواضيع السياسية والرياضية وأخبار الفن والجريمة اليوم مهيمنة على الإعلام في السودان، رغم أن الخرطوم كانت عاصمة لانطلاقة الإعلام العلمي العربي، إذ أوصى المؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المنعقد في الخرطوم في ديسمبر/كانون الأول 1985 بدعوة وسائل الإعلام إلى تبسيط العلوم وعرضها لتكون مفهومة للجمهور، وأن تهتم بنشر آخر المكتشفات العلمية والتطور العلمي وآفاقه المقبلة، إلا أن الواقع كان مخيبا جدا للآمال في هذه القضية المهمة والحساسة”. وللدكتورة هند تاج السر عدة مؤلفات في تخصص الإعلام العلمي، وكان أول مؤلف لها كتاب “الإعلام العلمي في السودان.. الفريضة الغائبة” الصادر عام 2009، الذي تعدّه “خطوة أولية نحو ميلاد إعلام علمي سوداني وهمسة في أذن المسؤولين عن الحقل الإعلامي السوداني لحثّهم على إعطاء الأهمية التي يستحقها هذا التخصص”. وبعد نيلها درجة الدكتوراه، أصدرت هند تاج السر عام 2014 كتاب “رياح العلوم تهب على الإعلام”، وأتبعته بعد ذلك بكتاب “رؤية أكثر عمقا” الذي صدر عام 2016، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات الصحفية صدرت لها بصحيفة اليوم التالي ضمن عمود “قبل الغروب”، ودقت خلالها ناقوس الخطر في هذا المجال المهم والحساس، وهو علاقة العلوم بالإعلام.
ثم جاء بعد ذلك كتاب “العلم وبناء السدود.. نموذج شراكة بين وحدة تنفيذ السدود والمؤسسات العلمية” الصادر عام 2017، ويحكي قصة قيام السدود في السودان، وكيف عملت وحدة تنفيذ السدود على متابعة ومراقبة هذه المنشآت الحيوية منذ أن كانت فكرة حتى أصبحت إنجازا. أما آخر أعمالها فكان موسوعة جمعت فيها سيرة أهم وأكبر العلماء في السودان، وعنوانها “موسوعة سفر الحاذقين.. عبقريات علمية سودانية”، وهو مؤلف يقع في نحو 300 صفحة، ويهدف إلى توثيق سيرة علماء السودان، تتويجا لجهودهم وحفاظا على ذاكرتهم.