عبد المحسن صالح (1928 – 9 مايو 1986)، كاتب مصري ولد في قرية طحا لبيشة بمركز ببا بمحافظة بني سويف في جمهورية مصر العربية. كان من أوائل الثانوية العامة على القطر المصري في إبان حقبة الملك فاروق وكان له برنامج إذاعة اسمه “العلم والحياة” قبل أن بدء الإرسال التليفزيوني في مصر وكان من الكتاب المشهورين في الوطن العربى.
تخرج عبد المحسن صالح من كلية العلوم بجامعة القاهرة عام 1950م ثم حصل على درجتي الماجستير عام 1953م والدكتوراه عام 1957م من نفس الجامعة في علم الكائنات الدقيقة. عمل أستاذا لعلم الكائنات الدقيقية بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية. وكان عضوا في عدة جمعيات علمية كجمعية الميكروبيولوجيا التطبيقية (مصر- بريطانيا).
Table of Contents
الدكتور عبد المحسن صالح وتبسيط الكتابة العلمية
تميز الدكتور عبد المحسن صالح تبسيط المادة العلمية وتقديمها سهلة ميسورة للقارىء.. وهذا الأمر بحسب الدكتو إبراهيم عوض أمر صعب جدا، على غير المتخصص ويحتاج إلى قدرة خاصة وملكة فنية لا تتوافر للكثيرين، وإن كان عدد العلماء الذين ينحون هذا المنحى فى بلاد الغرب كبيرا، نظرا لسبقهم الحضارى وتفوقهم الثقافى. ومع ذلك، فإن عندنا بعض المتخصصين فى العلوم الطبيعية يحاولون أن يقدموا فكرهم فى أسلوب سهل بسيط لا يضيق به صدر القارىء العادى، مثل د. أنور عبد العليم، ود. مصطفى عبد العزيز، ود. أحمد زكى وغيرهم، ولكن الدكتور عبد المحسن صالح يتميز فى محاولاته فى هذا السبيل بسمات خاصة تجعل لكتاباته نكهة فريدة، بحيث إن الإنسان إذا تناول واحدا من كتبه ود ألا يتركه إلا بعد الفراغ منه، فما السر فى ذلك؟
يجيب العلامة الدكتور إبراهيم عوض: “قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من التنويه بأن الثقافة الإسلامية القديمة قد عرفت هذا اللون من الكتابة، فيما كتبه أمثال الجاحظ والدميرى، ممن لم يجعلوا كتاباتهم علمية خالصة ينفر القارىء العادى من جفافها.
ونحن نعلم أن الجاحظ – مثلا – قد ألف كتابا كبيرا عن “الحيوان”، كتبه بذلك الأسلوب الذى يسميه دارسو البلاغة والنقد “الأسلوب العلمى المتأدب” وإن لم يجىء الكتاب مقصورا على الحيوان، بل تعداه إلى موضوعات أخرى من فلسفة، وسياسة، وجدال بين طوائف المتكلمين، ومسائل جغرافية، وحديث عن الأجناس البشرية، وبعض قضايا التاريخ، والطب، والأمراض، وآى القرآن وأحاديث الرسول، وبعض مسائل الفقه والدين، وأبيات من الشعر العربى وغيرها.
فهذه سمة يخالف فيها الجاحظ كتابنا المحدثين الذين يطرقون موضوعات العلوم الطبيعية فى أسلوب فنى مؤثر وجذاب، وربما اشترك الجاحظ فى هذه السمة مع كثير غيره من مفكرينا القدامى، فقد كان عدد كبير منهم صاحب ثقافة موسوعية، وكانوا يرون الأدب هو الأخذ من كل شىء بطرف. وسمه أخرى يخالف فيها الجاحظ واحداً كالدكتور عبد المحسن صالح وغيره من كتابنا الحاليين الذين يحذون حذوه وهى أن الجاحظ لم يكن يقتصر على إيراد المعلومات المقطوع بصحتها، ذلك لأن الجاحظ لم يكن متخصصا فى العلوم الطبيعية كذلك فإن العلم فى ذلك العصر لم يكن قد بلغ ما بلغه فى عصرنا من دقة وانضباط، نتيجة لما جد من مناهج وآلات لم تكن متاحة لعلمائنا القدامى. ولست بهذا أقصد أن الحضارة الإسلامية القديمة لم تعرف المنهج التجريبى، أبداً… لكننى أقصد أنه بفرض أن عصر الجاحظ قد عرف هذا المنهج، ولم تتأخر معرفة العلماء المسلمين به إلى وقت لاحق، فإنه لم يكن بهذه الدقة وهذا الانضباط اللذين تطور إليهما. وإنما كان الجاحظ يعتمد تارة على القرآن والحديث، وأخرى على الشعر العربى الذى كان يصدره فى الرد على أرسطو ويحتج به عليه، وثالثة على كتاب “الحيوان” لأرسطو، وإن لم يكن معنى هذا أنه كان يقبل كل ما ورد به، بل كان يمتحنه ولا يطأطىء بفكره له، وتارة رابعة على ما كان يدور فى بيئات المعتزلة… الذين كان هو واحداً منهم- من حجاج ومجادلات، إلى جانب الخبرة الشخصية وذلك الولوع الذى كان – كما يقول الأستاذ عبد السلام هارون فى مقدمة الكتاب – يدفع بصاحبنا إلى السؤال ممن يتوسم فيه العلم – فلقد كان الجاحظ بطبيعته شعبيا، مع أنه كان مقربا نافذا الكلمة عند الوزراء والخلفاء، فهو قد جالس الملاحين، وصائدى العصافير، والحوائين والخدم وغيرهم، وسمع من أحاديثهم، وناقشهم. ومع ذلك فإن الجاحظ يشترك مع د. عبد المحسن صالح فى سمة الفكاهة التى تتمثل عنده فيما يروى من نوادر، وما يورده من مجون.
عبد المحسن صالح والجاحظ
وربما كان من المفيد أن أسوق مثلا يلقى ضوءا، وإن يكن ضئيلا، على طريقة الجاحظ وأسلوبه فى هذا اللون من الكتابة. جاء تحت عنوان “حمق النعامة”: “ويقولون: أحمق من- نعامة”، كما يقولون: أشرد من نعامة، قالوا: ذلك لأنها تدع الحضن على بيضها ساعة الحاجة إلى الطعم، فإن هى فى خروجها رأت بيض أخرى قد خرجت للطعم حضنت بيضها ونسيت بيض نفسها، ولعل تلك أن تصاد فلا ترجع إلى بيضها بالعراء حتى تهلك… قالوا: ولذلك قال ابن هرمة:…” ثم ينشد لنا شعرا لابن هرمه فى هذا الموضوع.
قد قلت إن الجاحظ ود. عبد المحسن صالح يتفقان فى سمة أسلوبية وهى الفكاهة، وإن كانت الفكاهة عند كل منهما لها بواعثها ومثيراتها التى تختلف عنها عند الآخر. وأنا هنا لست بصدد تحليل أسلوب الجاحظ والوقوف على دقائق طريقته فى الأداء، وإنما أحب أن أفرد الكلام على أسلوب د. عبد المحسن صالح.
فهذه- الفكاهة – سر من أسرار جاذبية أسلوب الدكتور عبد المحسن، وإن كان لها أكثر من سبب، فقد يكون سببها أنه يستشهد بنص من الكتب المقدسة فى موضع لا نراه نحن على مستوى جدية النص وخطورته، ويذكر برجسون فى كتابه عن “الضحك” أن الانتقال بالعبارة أو بالموقف من مستواها إلى مستوى أدنى أو أعلى منه يبعثنا على الضحك، من ذلك ما ورد فى ص 29 من كتاب “زوجات مفترسات”[ موضوع هذا الكتاب هو ممارسة الجنس عند بعض الحشرات التى تنتهى العلمية الجنسية بأن تفترس الانثى ذكرها، ويلاحظ أن كل الاستشهادات ستكون من هذا الكتاب] عند الحديث عن ظاهرة نهش إناث الخنافس أحشاء ذكورها بعد أن يؤديا العلمية الجنسية… قال الدكتور: “وليس هذا من قلة الطعام، فهناك ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين… إذن فليس أكل بطن الضيف نتيجة لأزمة تموين طاحنة” ثم يتساءل بعدها “هل عقدوا اجتماعاً فيما بينهم- كما يفعل البشر فى هذه الأيام ليناقشوا شرعية وضع حد لحياة المريض الميئوس من شفائه حتى لا يتعذب ويطول عذابه- ليقرروا أمرا فى الخنفس كان مفعولا؟”، ومثله ما ورد فى ص 33- والكلام ما زال جاريا فى نفس الموضوع – “والواقع أن خنفسنا هذا الحشرى ليس أقل قوة من خنفسته، وكان من المفروض أن يقاوم القوة بالقوة، والعضة بالعضة، والهجوم بهجوم مضاد، ولكنه يبدو وكأنه يؤثر القول: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر”.
ويتصل بهذا أن الخط الذى يفصل دنيا البشر عن عالم الحشرات غير موجود فى كتابته، فهو ينتقل من هنا إلى هناك وبالعكس انتقالات سريعة، مقارنا وساخرا، فهو مثلا ــــــــــ بعد أن فسر سبب التهام الخنفساء لرأس ذكرها ورقبته بأن فى رقبته غدة تهبط نشاطه الجنسى، فهى ــــــــ فى محاولتها استئصالها ليزيد هياجه الجنسى ـــــــــ تقضم رقبته وبطنه ـــــــــــ يتوقف فيوجه للنساء: “ملحوظة هامة: ليس لنا معشر الرجال أمثال هذه الغدد فى رقابنا… ولهذا لزم التنويه ووجب التنبيه” ص23.
الحشرات وتصوير المواقف البشرية
ومن ذلك أيضا بعض العبارات العامية التى تصور موقفا بشريا، فهو يوردها فى حديثه عن الحشرات، فيحدث بذلك تغييرين فى مستوى الموقف ومستوى العبارة التى يكتب بها… يرتفع بالحشرات إلى مستوى البشر ويبسط من أسلوبه الفصيح إلى أسلوب عامى، وواضح أنهما تغييران متعاكسان، مما يضفى عليهما تعقيدا، ويقوى انفعال الضحك – فهو يتحدث عن نوع من الخنافس يسمى “الخنفس الذهبى” مقارنا بينه وبين الخنافس البشرية بقوله: “ولكن خنفسنا الذهبى- الخنفس الحقيقى- ليست له شعور متهدلة ولا صفات بارزة يكون قد أورثها لصاحبه الخنفس البشرى اللهم إلا لون شعره، وذلك الدلال والرقة وعدم “المرجلة” التى يجب أن يتحلى بها الشباب القوى الخشن الذى يترك اللطافة والرقة والنعومة للجنس الآخر”، ومن ذلك أنه يقول عن ذكر العنكبوت ص 48: “لأنه فى الواقع مخلوق مسكين، فقد خرج إلى الحياة ، وقد حرم من الكثير من نعم الحواس التى ننعم بها… إنه لا يشم ولا يسمع ولا يتكلم ولا يرى إلا لماما، فنظره “طشاش” كما يقولون”.
بل إنه ليذهب أبعد من هذا، فيتخيل الحشرات بشرا، تتكلم كما يتكلمون، وتفكر وتتصرف كما يتصرفون ويفكرون … جاء فى ص 34: “كل ما يفعله الخنفس إذا أتاه الحنين الجنسى أن يلقى بنفسه فجأة على ظهر خنفسته، ويطوقها بيديه وأرجله، وتفاجأ هى بهذا الأمر، وكأنما هى تحدث نفسها وتقول: يا لك من فتى جرىء أنانى متوحش… أهكذا يكون الوصال؟ يا لك من حيوان غبى”. وجاء فى ص 37 تحت عنوان “خطاب مفتوح”، وهو خطاب من ذباب يطلق عليها “أملبسة” لذكرها المدعو “أملبس”.
“عزيزى أملبس… نحن مخلوقات الله، ولهذا فعليك أن تعتبر بقول الله “ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن اجورهن”… لهذا حذار أن تأتى بدون “مهرى” فلست أقل منهن (تقصد إناث البشر)، وإذا أتيتنى دون أن تحمل معك وجبة طازجة شهية فلا تلومن إلا نفسك، وإلى اللقاء إذا أردت اللقاء.” “المخلصة املبسة”.
وهو هنا يذكرنا بالكاتب العالمى العظيم هانز كريستيان أندرسون الدانمركى الذى كتب قصصا كثيرة للأطفال ترجمت إلى لغات مختلفة، وقد جعل الحيوانات بل والجمادات واللعب تتحدث وتفكر وتتصرف كما نفعل نحن بنى البشر، ولا أظن واحدا منا قرأ أندرسون سينسى هذه الأمسية التى قضتها أدوات المطبخ وهى تتفاخر وكل منها تدعى لنفسها أصالة العرق وشرف المنبت، ولا “الجردل” وهو “يطب” من فوق الرف غاضبا، ولا السلة الثرثارة بحكم أنها تخرج كل صباح مع يد صاحبة البيت فتسمع الكثير وتطلع على ما لا يطلع عليه بقية الأدوات.
وأحيانا يبدل فى العبارة البشرية كلمة أو كلمتين لتطابق مقتضى الحال، ومن ذلك ما ورد فى ص 35 “ولكننا لا نستطيع أن نبرر موت الخنفس، بعد أن ينفصل عن خنفسه، فلا شىء يمنعه من المقاومة، لا جنس ولا حب ولا حتّى أغنية يترنم بها كما يترنم ذوو العاطفة الذليلة فيقولون “حياتى بين إيديكى”… فيضع حياته بين فكيها، لا يديها”.
ليس هذا فقط، ولكنه فى ص 66 يتخيل نفسه عنكبوتا، ولكنه عنكبوت غريب، لأنه يجمع بين مظهر العنكبوت وطباعة – وبين تفكير البشر وإدراكهم ولفتات أذهانهم، تماما كما فعل المرحوم العبقرى الأستاذ المازنى فى قصته (عود على بدء) إذ تخيل أنه أرتد طفلا ولكن بتجارب الرجال.
ومما تعتمد عليه الفكاهة عنده عنصر المباغتة مع السخرية إذ معروف أن تيار الشعور إذا انحرف فجأة عن طريقه المتوقع أثار ذلك فى نفوسنا الضحك، فهو يبدأ الفصل المعنون “فتاة الخنفس الذهبى”… هكذا: “الخنافس كما نعرفها فى عصرنا الحديث-نوعان (إلى هنا والقارىء يظن أنه سيذكر نوعين من حشرة الخنفساء، لكنه يفسد هذا التوقع بتقسيمه الذى يباغتنا على النحو التالى” الخنافس- كما نعرفها فى عصرنا الحديث – نوعان (خنفس بشرى وخنفس حشرى) وتلاحظ السجعة مع التجنيسة بين (بشرى وحشرى) مما يزيد فى لذعة الفكاهة.
عبد المحسن صالح وإثارة الفضول
كما أنه أحيانا يتعمد إثارة الفضول لدى القارىء بالتعمية فى الكلام الذى يورده بحيث يظن القارىء لأول وهلة أنه يتحدث عن واحد من البشر، ثم لا يلبث حتى يفجأه بإظهار الحقيقة من ذلك ما جاء فى بداية فصل “حظيرة … حظيرة…. خيام العذارى” إذ قال : “ضيفنا وعريسنا، هذه المرة مهندس مدنى أو معمارى معروف للجميع، ولا يعمل فى قطاع عام أو خاص أو دواوين، ولكنه يعمل لحسابه”، ولكنه بعد صفحة كاملة وعدة سطور من كلام على هذا النحو يقول “أظنكم الآن قد عرفتموه…. إن ضيفنا المهندس الصغير هو ذلك العنكبوت الفنان”.
ومن ظواهر أسلوبه ظاهرة الاستطراد، وهو هنا يلتقى مع الجاحظ، وقد برر الجاحظ هذه الظاهرة عنده بأن الناس سرعان ما يملون إذا ظل يتحدث فى موضوع واحد لفترة طويلة، فلزم أن يخرج من هذا الموضوع إلى ذاك، دفعاً للسآمة، وتجديدا للروح. وإن كان الدكتور عبد المحسن يظل أثناء استطراده منتبها لنفسه، فينتهز أول فرصة ليرجع إلى موضوعه فيصل ما انقطع من الكلام، كقوله فى ص 27 بعد استطراد إلى الحديث عن الخنافس البشرية ” “نعود إلى خنفسنا الحقيقى الذى سنقدمه هنا ونقول… إلخ”.
كذلك يلحظ على أسلوبه كثرة ما يمتح من محفوظه من الأدب العربى أو الأدب العالمى مثل قوله فى ص 55: “ولا شك ان الفتى العنكبوت يعلم كل هذا، وعليه أن يقدر لأرجله قبل الخطو موضعها”.
وقوله فى ص 57 “وتحتار الفتاة – أى أنثى العنكبوت- وتهدأ ثورتها قليلا، وكأنما تحدث نفسها قائلة “من الهاتف الداعى؟! أصيدا أرى – أم لعب أطفال؟!” وقوله ص 125 “ولقد توصل كاتب المسرحيات اليونانى زيناركسى إلى هذه الحقيقة منذ 2400 عام، فكتب يقول – يقصد عن الصراصير-: سعداء الحظ ذكور هذه المخلوقات لأن زوجاتهم خرساوات”!
شاعرية فياضة
ويتصل بهذا تلك الشاعرية الفياضة التى تترقرق فى ثنايا أسلوبه عندما يصف ما يثير الانفعال أو العاطفة، وإنى لا أنسى وصفه الآخذ بمجامع الألباب للخيوط التى تفرزها الفطريات على أسطح الأشياء من ناحية الأشكال والألوان، ولكن كتابه “الفطريات والحياة” غير موجود تحت يدى الآن وإلا لأوردت هذا النص الجميل، ومع ذلك فأليكم هذه الفقرة التى وردت ص 123 من كتابه “زوجات مفترسات”: وخلى البال على هذا الكوكب لا يتواجد إلا فى عالم قد خلا من العقول المفكرة… فإلى هدوء الليل يلجأ البشر، ليرتاحوا من هموم الناس، وكد النهار، فينامون، إلا من عاشق قد أضناه الهوى، أو من مريض برح به المرض، فهجره الكرى، أو من مناجاة هامسة تطويها جدران البيوت، أو من إنسان أخطأ فى حق إنسان أو فى حق المجتمع الذى فيه يعيش، فاستيقظ الضمير، وطرد عن عينيه النوم، وما أقل الضمائر المتيقظة لو كنتم تعلمون، ومع ذلك، فالليل هادىء ساكن، ولا يبدد هذا السكون الجميل إلا ذلك الموسيقى الذى جاء ليسكن فى حديقة بجوارى… طول الليل وهو يضرب على الأوتار، فلا يكلّ ولا ينام وموسيقارنا هذا فتى رقيق الحال، أضناه العشق، وبرح به الغرام – ففى كل ليلة تنساب أنغامه فيحملها الهواء إلى فتاته، لعلها تستجيب لندائه – كلما سكن الليل، وزاد هدوؤه ارتفعت نغماته وزاد ضجيجه”.
إن الكلمات فى بداية النص لتخفت منها الأصوات، فلا تسمع إلا همسا ربما لا يبين، أما فى النهاية فإنها تشتد وتتوتر فتنطلق منها موسيقى حزينة تلمس شغاف قلوبنا. ومع ذلك فهل تعرف أيها القارىء الكريم عم يتكلم الدكتور عبد المحسن صالح فى الفقرة السابقة؟ إنه يتلكم عن صرصار الغيط الأسود!
تيار الحياة الدافق
إن هذه الشاعرية لتحول إحساسا نافدا وإدراكا عميقاً لتيار الحياة الدافق الذى ما بنى يعلن عن نفسه فى الكائنات بما لا يستطاع إحصاؤه من المظاهر، بل تتحول تقديساً للحياة… اقرأه يصف ما يجتاج الحشرة – أى حشرة- من هياج جنسى، إن هذا الموقف الذى يراه كثيرا منا مبتذلا – ولنلاحظ أنه هنا على مستوى الحشرات – يصير على قلم الدكتور عبد المحسن صالح شيئا أخر يستولى على خشوعنا بل وكياننا كله، فنصمت ولا نتلكم، بل ولا نهمس… إن هاهنا حياة تعلن عن نفسها. وربما كان هذا متصلا بتلك الروح الدينية التى تسود كتابات الدكتور صالح، إذ تشعر فيها بروح العالم المؤمن وتقديسه لكل ما صنعت يد الله المباركة ذات الجلال والإكرام، ومع ذلك فإن عبارة كهذه (حبته الطبيعة الجميلة) أو تلك (لكن الحياة لم تحرمه) قد تتردد هنا وها هنا، ورغم هذا فلا تضاد بينها وبين روح الإيمان التى تظهر واضحة فى ما يكتبه، إذ هى ليست أكثر من ذكر للعلل القريبة مع اعتقاده فى (العلة الاولى أو علة العلل) بمصطلح الفلاسفة.
ومما له ارتباط بهذه الظاهرة ما يلقيه بين الحين والحين من ضوء على آية قرآنية تكشف عن بعد من أبعاد تفسيرها كتصديره لفصل “فتاة الخنفس الذهبى” بقوله تعالى: “إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم”، وذلك فى معرض الحديث عن افتراس الخنفساء لذكرها بعد تلقيحه إياها. ولا بأس أن نذكر هنا ما قاله: د. أحمد زكى فى ص 208 من كتابه “مع الله فى السماء” منسوبا إلى العالم العبقرى أينشتين “إن دينى هو إعجابى، فى تواضع، بتلك الروح السامية التى لا حد لها، تلك التى تتراءى فى التفاصيل الصغيرة القليلة التى لا تستطيع إدراكها عقولنا الضعيفة العاجزة، وهو إيمانى العاطفى العميق بوجود قدرة عاقلة مهيمنة تتراءى حيثما نظرنا فى هذا الكون المعجز للأفهام إن هذا الإيمان يؤلف عندى معنى الله.”
ويلفت النظر فى كتابه الدكتور عبد المحسن صالح أنه دائم النعى على الإنسان غروره الذى يجعله يظن أنه طاول النجوم رقيا وتحضرا، وهو – مع ذلك – أعجز من الحشرات تدبيرا لأموره. وهو – فى مواطن كثيرة أكثر من أن تحصى- يعلن أنه “لا يدرى”، وهذا هو اللائق بالعلماء، فإنه يقال إن الإنسان كلما ازداد علما ازداد جهلا، أو بمعنى آخر: إنه كلما اتسع علمه كبر تواضعه. وهذه الروح ليست غريبة عن حضارتنا الإسلامية، وأمامى الآن عدد الأهرام، الجمعة 10/ 3/ 1972 مفتوحا على الصفحة السابعة، وتحت عنوان “من الإسلام إلى المنهج العلمى” تذكر د. بنت الشاطىء أنه “من أعز ما يقدمه الإسلام إلى المنهج العلمى كلمة “لا أدرى” فرضا على العالم، أى عالم، أن يقولها إذ سئل عما لا يدرى”.
سهولة وبساطة اللغة عند عبد المحسن صالح
على أنه بعد هذا كله لا بد من أن نذكر للكاتب سهولة لغته وبساطتها المتناهيتين فى المفردات والتراكيب، وهو فى أحيان كثيرة يستخدم اللفظ العامى، وعند ذكر أسماء الحشرات يورد لها أكثر من اسم ما بين فصيح وعامى وأجنبى، وقد يكتفى بالعامى دون الفصيح مثل “خنفسه وأبو جلامبو”، أما المصطلحات فإنه يشرحها فى سياق الكلام بنفس البساطة والتسهيل، ومن العبارات التى تتردد عنده كثيرا عبارة كهذه “دام فضلكم” أو “كفاكم الله شرها” أو “لو كنتم تعلمون”. كذلك فإنه كثيرا ما يقتبس من القرآن والسنة ومأثور الحكم، وأيضا نجده حريصا فى بعض المواضع على إحداث جرس موسيقى يضفى على العبارة عذوبة وسلاسة، مثل (التوضيب والتهذيب) ص 85، ومثل قوله عن العنكبوت (إنه الآن يقف أمامها – أى أنثاه- ، وبمنتهى اللطافة والكياسة يربت عليها بلامسيه أو ذراعيه، وبهما يدغدغها ويداعبها ويتحسسها، وكأنما هو يقوم بالمقدمات، ليهيئها لما هو آت، وسرعان ما يبدو عليها حالة من سكرة الحب ونشوة الأغماء… تماماً كما نرى فى السينما والروايات) ص 60، ومما يضفى على لغته حيوية وخصوبة مراوحته بين الجمل الخبرية والانشائية بظلالها وإيحاءاتها المختلفة من استنكار إلى دهشة وتعجب إلى نفى إلى سخرية.. إلخ.
أغاليط عبد المحسن صالح
إلا أن هناك بعض الأغاليط التى يقع فيها حينا فى المفردات وأحيانا فى تركيب الجملة – من ذلك لفظة “يتواجد” ص 123 بمعنى (يوجد)، مع أن معنى الأول انتقاله إلى حالة الوجد كما هو عند دراويش الصوفية، وإن هذا خطأ يقع فيه الكثيرون، وكذلك وصفه القصة بأنها “شيقة” ص 159، مع أن “شيقة” معناها (مشتاقة)، والصواب أن يقال (شائقة)، وبالمثل هذا التركيب الغريب ص 48 “ومع أنك قد ترى الخيمة منصوبة إلا أنها تبدو مهجورة”، وغرابة التركيب أن الجملة مكونة من جزأين 1- “مع أنك قد ترى الخيمة منصوبة” 2- “إلا انها تبدو مهجورة”، والجزء (1) تابع للجزء (2) إذ الأول فضله (لأنه ظرف) بخلاف الثانى فهو الأساس. فكيف يكون الجزء الأساسى فى الجملة مستثنى من الجزء التابع له..؟ وبعيدا عن تعقيدات الأجرومية يمكن أن يقال إن أصل الجملة هكذا (إن الخيمة تبدو مهجورة مع أنك قد تراها منصوبة)، إذ ليس هناك مستثنى منه لأن الكلام هنا مستأنف. ويقاس عليه هذا التركيب (رغم أنه… إلا أنه)، وكذلك من الخطأ أن يقال “ونحن لا ندرى إن كان قد أحس بما جرى أو لم يحس” ص 26، والصحة – فيما أعلم- أن يقال (ونحن لا ندرى أهو قد أحس بما جرى أم لم يحس) وهكذا. ولو انتبه الدكتور عبد المحسن لمثل هذه الهنات وكذلك للعبارات التى يكررها كثيرا حتى تقفد مذاقها وتضيع منها نكهة الفكاهة لكان حسنا.
بقى شىء…
يقول د. صالح فى ص 159 “حتى الإنسان العاقل- كما يطلقون عليه- لم يظهر على هذه الأرض فجأة، بل سبقته حوالى عشرة أنواع أخرى شبيهة بالإنسان وكانت هى بمثابة القنطرة التى عبرت عليها الحياة طريقها لكى تصل إلى هدفها بهذا النوع البشرى الذى جاء ليعمر هذا الكوكب منذ عشرات الآلاف من السنين- ولقد انقرضت هذه الأنواع العشرة – نوعا من وراء نوع، بعد أن تركت لنا آثارها على هيئة حفريات لتحكى لنا قصة شيقة (كذا) من تاريخ هذا الكوكب، ولتشير إلينا من طرف خفى، أن الهدف من وراء كل هذا التخطيط الطويل كان من أجل عقل حكيم ليتوج هذه التجربة الكونية الهائلة- تجربة الخلط- فتتطور العقول إلى أكفأ وأحسن وأعظم، لتعمر هذا الكوكب، لا لتخربه، لترسى فى إرجائه أسس السلام والمحبة والوئام، لا البغضاء والعدوات والحروب، وكأنما الإنسان حتى يومنا هذا يحتاج إلى عمر طويل ليتطور إلى مخلوق أكثر حكمة وإدراكا ووعياً، فلا يزال المخربون على أرضنا كثيرين!”
والذى أفهمه من هذا النص أن الدكتور يتحدث عن نظرية التطور كما لو كانت أمرا مقطوعاً بثبوته، مع أننى من خلال ما قرأت فى هذا الموضوع (وإن كان لا بد لى فى نفس الوقت من أن أعلن أنى غير متخصص فى العلوم الطبيعية!) أعرف أن النظرية لا تزال غير مجزوم بصحتها. وقد رجعت إلى ما كتبه المرحوم الأستاذ العقاد فى هذا الصدد فى كتابه (الإنسان فى القرآن الكريم) فوجدته يذكر فى صفحة 171 (ط الهلال – قطع كبير) أن “مذهب التطور – خاصة فى ما يتعلق بتحول الأنواع – لم يثبت بالدليل القاطع، لأن أنصاره لم يذكروا حتى الآن حيوانا واحدا تحول من نوع إلى نوع بفعل الانتخاب الطبيعى أو بفعل تنازع البقاء وبقاء الأصلح . ولكن بطلان القول بهذا الانتخاب لم يثبت كذلك بالدليل القطاع على وجه من الوجوه. وليس فى القرآن ما يوجب علينا أن نقول ببطلان الانتخاب الطبيعى، لأن خلق الإنسان من الطين لا ينفى التحول إلى غير الطين، ولا يوجب علينا القول بكيفية الخلق من الطين على صورة من صور التراكيب، وإنما نعلم من القرآن أن الله بدأ خلق الإنسان من طين (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين)، وفى آية أخرى (من سلالة من طين) فلا اختلاف بين هذا وبين التحول إذا ثبت التحول على وجه من الوجوه”، ومع هذا فلا بأس ان نستأنس برأى الإمام الراحل الأستاذ محمود شلتوت رحمه الله، فهو يقول بغير رأى المرحوم العقاد وبغير رأى د. عبد المحسن صالح.
وأحب أولا أن أذكر أن الكلمة الحاسمة فى ميدان العلوم الطبيعية إنما هى للتجربة القاطعة، وليس يتجاوز دور المتخصص فى الدراسات الدينية أكثر من محاولة فهم النص القرآنى، فإن أخطأ فإنما هو خطأه لا خطأ النص، وبخاصة إذا وجدنا مجتهدين آخرين يفهمون النص فهما آخر. وقد عرضت رأى الأستاذ شلتوت – كما قلت – للاستئناس به، إذ هو يمثل وجهة نظر ثالثة فى هذا الموضوع .
ورد فى صفحة 204 (الفتاوى ط دار القلم) تحت عنوان (نظرية تعارض صريح القرآن): – “ولقد جاء صريحا فى القرآن الكريم الحديث عن خلق الإنسان، تحدث عن خلق الإنسان الأول” ومم كان، وتحدث عن خلق أبنائه، ومم كانوا، وكيف كانوا: ففى خلق الإنسان الأول يقول: “ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين”… وفى خلق أبنائه بقول: “إنا خلقناكم من ذكر وأنثى” ويقول: “فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب”… فهذا ونحوه خبر الله الصادق الذى قامت على صدقه المعجزات، يحدث بأن الإنسان خلق نوعا مستقلا ليس متطورا عن نوع أخر من أنواع الحيوانات، أيا كان ذلك النوع، وكيفما كان التشابه بينه وبين الإنسان فى بعض الخصائص وبعض الأوضاع الجسمية، فلو كان خلق الإنسان بطريق الارتقاء عن نوع آخر لكان الحديث الذى ساقه القرآن عن خلقه حديثا لا يطابق الحقيقة ولا يتفق والواقع. وهو حديث صريح لا يحتمل غير مدلوله المفهوم من عباراته، وألفاظه.
والمسألة بعد غيبيه لا يتناولها الحس، ولا محل فيها للتجربة، وليس ثمة مقدمات عقلية يصل بها العقل إلى معرفة واقعها. ومثل هذه المسألة من المسائل التى ينحصر مصدر العلم بها فى خصوص الخبر الصادق المؤيد بالمعجزات الواصل إلى الناس من عالم الغيب ومكون الأنواع والمخلوقات. وقد نفى القرآن أن يكون مبدأ الخلق عامة مما يعلمه الإنسان بنفسه، وما منح من قوى الإدراك. قال تعالى: “ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا”.
وربما كان من المفيد أن نسوق هنا ما ذكره المرحوم العقاد فى الكاتب الذى سلفت الإشارة إليه ص 170 حيث يقول بعد كلام طويل”… ففيما تقدم من شروح حكماء الإسلام ما هو أعجب من فروض النشوئيين بعد القرن التاسع عشر عن الأحياء ودرجاتها من البهيمية إلى القرد إلى الإنسان، وللنشوئيين المحدثين آراء قد يستمدون تأييدها – لو شاءوا – من آيات قرآنية فسرها بعضنا تفسيرا يتقبله القائلون بتنازع البقاء وبقاء الأصلح وتتابع الأطوار (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)، (وقد خلقكم أطوارا). فهل من الواجب على المؤمن بالقرآن أن يلتمس فيه تأييدا لأصحاب النظريات والفروض فى كل عصر يظهرون فيه؟ نقول “كلا ولا ريب” لأنها قد تثبت كلها أو بعضها، وقد يطرأ عليها النقص أو التعديل بين جيل وجيل… فإذا أخطأ من يقحم القرآن فى تأييد النظرية العلمية قبل ثبوتها، فمثله فى الخطأ من يقحم فى تحريمها وهى بين الظن والرجحان، وبين الأخذ والرد، فى انتظار البرهان الحاسم من بينات العقل أو مشاهدات العيان”.
واضح أن الأستاذ العقاد والأستاذ شلتوت – رحمها الله – ود. عبد المحسن صالح – مد الله فى عمره السعيد – يمثلون وجهات نظر ثلاثا مختلفة، وأن رأى الأستاذ العقاد هو الرأى المعتدل، لأنه لا يفتح الباب تماما، كذلك لا يغلقه تماما وإنما يتركه مواربا… فلربما…!
مؤلفات الدكتور عبد المحسن صالح
وبعد – أيها القارىء الكريم – فالدكتور عبد المحسن صالح كان يشغل وظيفة أستاذ مساعد للمكروبيولوجيا بكلية الهندسة، جامعة الاسكندرية – وله عدة كتب فى تبسيط المادة العلمية الدسمة، وتقديمها للقارىء العربى فى جرعات سهلة مبسطة تغرى بالقراءة، وتدعونا إلى التأمل الأصيل فى حقيقة أسرار هذا الكون وخفاياه. ومن هذه الكتب (الفطريات والحياة)، (والفيروس والحياة)، (الميكروبات والحياة)، (دورات الحياة)، (معارك وخطوط دفاعية فى جسمك)، (الإنسان والنسبية والكون) (لماذا نموت؟)، (أنت كم تساوى؟).
والذى أعرفه – حتى قريب – أن د. عبد المحسن صالح لم يتزوج، ومع ذلك فالملاحظ فى كتابه: (زوجات مفترسات) أنه على مدى صفحات الكتاب المائة والاثنين والتسعين – دائم التحامل على السيدات، وعنوان الكتاب نفسه خير شاهد على هذا، ولكنه يحاول آنا بعد آخر ان يعتذر إليهن ويلاطفهن ويوضح لهن أن المسألة لا تخرج عن حد المزاج، ففى أول سطر من الكتاب يقول: “قبل أن نبدأ موضوعنا هذا أريد أن اعتذر لسيداتنا وفتياتنا اللطيفات الرقيقات، فربما قفز إلى ذهن بعضهن هذا التساؤل: لماذا كتبت عن “زوجات مفترسات” ولم تكتب مثلا عن “أزاوج مفترسين” أو “رجال متوحشين”… خصوصا وأنهم يتبعون الجنس الخشن الذى يثير الاضطرابات ويقيم الحروب، وأحيانا ما يغاصب الجنس الآخر بغير وجه حق، فتكون الجرائم الجنسية، ولا يمكن أن يكون العكس فيها صحيحا؟ … ولهن فى الواقع وجهة نظر معقولة علينا أن نأخذها فى الاعتبار لأن الأنثى فى رأيهن طبعاً وفى رأينا غالباً هى التى تنتمى إلى ما نطلق عليه اسم “الجنس اللطيف”… فأنا فى جانب الزوجة التى تذبح زوجها أو تلك التى تفترس رجلها الذى لم يقدم لها ما كانت فيه ترغب، أو هذه التى تبقر بطنه، وتلوك كبده واحشاءه… إلخ”.
ولكن يبدو لى – رغم ذلك كله – أن هذا ليس إلا ضحكا منه على الذقون… ذقون النساء طبعا، فهو كالمخدر الذى نحقن به المريض لكيلا يشعر بألم المباضع والمشارط فلا يصرخ، ولمن شاء أن يرى مصداق ما أقول أن يرجع إلى الكتاب.
فيا دكتور عبد المحسن صالح “رفقا بالقوارير”!!.
د/ إبراهيم محمود عوض