المجلةبنك المعلومات

الريف المصري.. نحو طريق للخروج من الأزمة

 

الريف المصري.. نحو طريق للخروج من الأزمة

الريف المصري

بقلم : مجدي سعيد

بالرغم من أن الزراعة هي أهم نشاط اقتصادي للمصريين، وبالرغم من أن الريف وأهله يمثلون ما لا يقل عن 50% من سكان مصر الآن (بعد أن كانوا 70% من 60 سنة) إلا أن المبادرات الأهلية الشبابية بالأساس المعنية بالزراعة كنشاط اقتصادي أو بالريف والتنمية الريفية كمجال حيوي من مجالات التنمية تكاد تكون منعدمة، المبادرات في جلها أو كلها مدينية ولا تهتم بالزراعة ولا بالريف فضلا عن أن تنبع منه وتدندن حوله. ربما لأن الزراعة صارت من محتكرات السلطة في مصر، أو لأن أهل الريف ألفوا التقليدية في التفكير والثقافة والعيش.

المحصلة أن الريف المصري أصبح بيئة طاردة للعمالة، والتعليم الذي يتلقاه أهل الريف لا صلة له بالنشاط الاقتصادي لأهله ولا بتنميته، ومن ثم صار البناء على الأرض الزراعية أجدى لأصحابها، ولا أحد يقدم لهم رؤى وأفكار جديدة لإصلاح الأوضاع، ولحلحلة هذا الوضع المأزوم يمكننا أن نبدأ بمدخل إعادة اكتشاف الخامات والموارد المحلية:

فكما يقول الدكتور حامد الموصلي في ورقته التي تحمل عنوان “الريف المصري المشكلة والحل”: لدينا فرصة نادرة للقيام بثورة صناعية جديدة صديقة للبيئة تبدأ من الريف وتشمل الحضر، تقوم على فكرة الفهم الشامل للمورد الزراعى (إدراك خصائصه المختلفة: البنيه Structure  على المستوى الماكرو والميكرو أى البنيه التشريحية والتركيب الكميائى وصولاً للعناصر الكيميائية) وبناء نسق صناعي للاستخدام الشامل للمورد Whole resource use  مما يؤدي إلى بلورة أنشطة صناعية بلا مخلفات Waste-free economic activities  بحيث تتكامل الصناعات لتحقيق الاستفادة الشاملة من إمكانات المورد”، ويركز في ورقته بشكل خاص على البواقي الزراعية Agricultural residues  (كونها) تمثل فرصة رائعة للإستثمار الصناعى: فالبواقى الزراعية هي ما يتبقى بعد جمع وفرز وتصنيف وتعبئة وتغليف المنتج الأساسي النقدي Cash crop   للمورد. هذه البواقى تتوافر في موقعها فى الحقل وحديقة الفاكهة بتكلفة تساوي صفر تقريباً، مما يعني أنها تمثل موارد إضافية مجانية لنفس الاستثمار الذى قد تم بالفعل فى الأرض والمياه والعمالة والمخصبات والمبيدات، الخ، وهي بذلك تمثل ميزة نسبية هائلة كقاعدة مادية لإقامة العديد من الصناعات علماً بأن البواقى الزراعية اللجنوسلليلوزية تتوافر سنوياً فى مصر بإجمالى 76 مليون طن (وزن مجفف فى الفرن) بواقى حاصلات حقلية و ~  4 مليون طن نواتج تقليم سنوى لأشجار الفاكهة.

ولتحقيق هذه الثورة الصناعية التي تنطلق من الريف يمكن أن يتعاون المعنيون من خلال مدارس وكليات الزراعة المنتشرة في ربوع مصر، وذلك من خلال تنظيم مسابقات عملية ميدانية بين طلاب مدارس وكليات الزراعة تستهدف تحقيق منهجية مقترحة أسميناها “مثلث النهضة” تتضمن ثلاثة مكونات في عملية واحدة من مدخل واحد هو رأس المثلث متساوي الأضلاع، ومن خلال برامج تدريب وتأهيل ومتابعة مستمرة تتشارك فيه ثلاثة أنواع من المؤسسات الأهلية من أجل ثلاثة أهداف:

الأهداف الثلاث:

  • بناء طليعة تنموية في كل مجتمع محلي: تتكون من طلاب كليات الزراعة لتقوم بدراسة مجتمع محلي محدد وما فيه من موارد طبيعية متجددة أو موارد مادية أو فرص تنموية متاحة أمامها، على أن يكون أحد أعضاء الفريق على الأقل من أهل ذلك المجتمع، وكذلك دراسة الموارد البشرية المتاحة في هذا المجتمع المحلي من ناحية خبرات التعامل مع الموارد أو الفرص المتاحة، وتكون على استعداد من خلال هذه الدراسة ومن خلال مشاركة المجتمع لتحديد أولويات المشروعات التنموية التي يمكن أن تنشأ، كما تكون على استعداد للعمل كفريق للدعوة التنموية في داخل مجتمعاتهم كأحد أضلاع المثلث.
  • بناء طليعة تعاونية في كل مجتمع محلي: يقوم فريق عمل من فريق الدراسة ومن شباب القرية بالحصول على دورة لاكتساب المعارف التعاونية بدراسة مصدر موجز ومركز يتيح لهم معرفة ماهية التعاونيات وكيف تطور الفكر والممارسة التعاونية، ودراسة تاريخ تطور الحركة التعاونية في مصر وما وصلت إليه من وضع متأزم، كما يدرس الآفاق الرحبة والمتطورة التي وصلت إليها الحركة التعاونية في العالم، وذلك لتكون على استعداد للعمل كفريق دعوة للفكر التعاوني، وفريق لأخذ زمام المبادرة التعاونية في إطار مجتمعاتهم المحلية، وذلك كي يكونوا الضلع الثاني في المثلث.
  • بناء تعاونيات تنموية: حيث يتضمن النهائي مسابقة لعرض ما تم إعداده من بحوث حول موارد المجتمعات المحلية، كما يتضمن عرض البحث الذي أجرته مجموعة شباب المجتمع المحلي نفسه حول التعاونيات، وذلك من خلال ورش عمل مشتركة لعرض المعارف المكتسبة، وتحصل المجموعات الفائزة على تمويل مبدئي واحتضان تدريبي لتأسيس تعاونية تنموية وفق أولويات التنمية التي خرجت بها الدراسة ووفق النظام التعاوني، تعاونية تستثمر الموارد وتستغل الفرص المتاحة وتلبي الاحتياجات أو تحل المشكلات الخاصة بالمجتمع المحلي وهو ما يمثل الضلع الثالث أو قاعدة المثلث.

الأطراف الثلاثة:

أما عن نوعية المؤسسات الأهلية التي يجب أن تشارك في صناعة مثلث النهضة هذا

  • مؤسسات متخصصة في التدريب .
  • مؤسسات لديها القدرة على توفير موارد مالية للمؤسساتهم التنموية/ التعاونية الناشئة.
  • مؤسسات لديها الفكر والرؤية والخبرة التنموية في المجتمعات المحلية (مثل الجمعية المصرية للتنمية الذاتية للمجتمعات المحلية/ د.حامد الموصلي)

الريف المصري

المكونات الثلاثة:

ومن ثم فإن هذا المثلث يعمل على تلاقي وتفاعل والتحام ثلاثة أشياء من خلال المؤسسات التعاونية/ التنموية التي ستكون ثمارا لهذا التلاقي:

  • الفكرة ومجال العمل التنموي: الذي يصب في رؤية أشمل لخطة مساهمة التنمية المحلية في تنمية الوطن ككل
  • الموارد البشرية: سواء من أهل الخبرة في المجتمع المحلي أو طلائع التنمية والطلائع التعاونية
  • الموارد المالية: من خلال قدرات المؤسسات الأهلية على توفير الدعم/ التبرعات المالية لبدء أنشطة التعاونية المحلية

رابط صفحة الدكتور مجدي سعيد على الفيسبوك :

https://www.facebook.com/magdy.said.96558?fref=nf

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى