السعى نحو ابتكار أجهزة روبوت يجلس داخلها الإنسان ويقودها
Table of Contents
السعى نحو ابتكار أجهزة روبوت يجلس داخلها الإنسان ويقودها
يعكف العلماء حالياً لابتكار أجهزة روبوت يجلس داخلها الإنسان ليقودها لشن الحروب، أو حتى لتحمل أشياءً ثقيلة !.
لعقود من الزمن، تكونت لدينا مواصفات متشابهة تتعلق بتخيلنا لما يمكن أن تكون عليه ساحات القتال في المستقبل، مثل وجود أجهزة روبوت ضخمة يقودها رجال جالسون بداخلها. وقد أصبحت هذه الأشكال الآلية العملاقة، والمعروفة باسم أجهزة “ميك” الروبوتية التي يقودها البشر من داخلها، مجرد تعبيرات مختصرة لحروب المستقبل.
ظهرت أولى أجهزة “ميك” الروبوتية تلك في أعمال الرسوم المتحركة اليابانية “أنمي”، ولكنها سرعان ما انتقلت إلى المملكة المتحدة عبر أعمال مثل المسلسل التلفزيوني “روبوتيك”. كما صنعتها أيضاً أفلام هوليوود، في أعمال مثل “غرباء من الفضاء” و”أفاتار” و”حافة المحيط الهادي”.
ولكن، ما هي إمكانية تحقيق هذه التصاميم؟ وهل يمكن لنا أن نشاهد قريبا أناساً يقودون أجهزة روبوت تمشي على قدمين؟
أنشأ جوردن ويزمان من شركة “هيربريند سكيمس” في البداية مجموعة ألعاب “باتل تيك” المعتمدة على فكرة الألعاب الميكانيكية في ثمانينيات القرن العشرين. وعلى غير عادة الأمثلة السابقة من هذه الألعاب، سلك نهجاً يحظر فيه الطيران نسبياً عندما صمم في البداية ألعاب “باتل تيك”.
وقد تخيل جوردن أجهزة “ميك” الروبوتية المصنوعة من هيكل فولاذي محاط بعضلات اصطناعية تُشحن كهربائياً ويمكنها تحريك المفاصل، مع جهاز تثبيت وتحديد الاتجاه، ومحطة لتوليد الكهرباء داخل تلك الأجهزة.
كانت الفكرة الأساسية وراء أجهزة جوردن الروبوتية تلك مقبولة منطقياً. كانت العضلات المصطنعة التي تخيلها تشبه إلى حد كبير ما يعرف بالحزم الكهربائية النشطة.
يقول ويزمان: “تعتمد هذه الحزم الكهربائية، التي يمكنها أن تتمدد وتتقلص، على تزويدها بالكهرباء، وكانت هي العضلات في أجسام أجهزة ‘ميك’ الروبوتية. لو تقدمنا بسرعة 30 عاماً نحو المستقبل، سنجد أن نفس هذه المواد تستعمل الآن لتطوير الأطراف الصناعية”.
إحدى الأسباب التي تجعل هيئة الإنسان أكثر جذبا لصناعة جهاز آلي متنقل هو التصميم المريح إلى حد كبير. ويوضح روب باكنغهام، المدير بمركز “كالهام للعلوم” قائلاً: “إن بنية الإنسان فعالة بشكل لا يصدق للتسلق على الصخور والسير على الطرقات. يكفيك أن تلقي نظرة على جندي قادر على حمل أشياء يفوق وزنها وزنه بأضعاف ليحملها إلى أي بقعة”.
مع ذلك، فما نخسره بالمقابل هو أن السير على قدمين يتطلب مهارة معتبرة، كما يمكن لتوازن الجسم أن يصبح أمراً يصعب التحكم فيه.
أضف إلى ذلك، كيف يمكنك أن تتحكم في شيء يصل ارتفاعه إلى 10 أقدام على الأقل. ويقترح البروفيسور سيثو فيجايكومار، من مركز أدنبره لأجهزة الروبوت، مجموعة من عمليات التشغيل عن بعد، مثل تلك المستعملة على متن الروبوت “باورلودر” في فيلم “غرباء من الفضاء”، بمنظوماته التلقائية التي تستجيب لما في نية القائد بمجرد التفكير فيه.
يقول سيثو: “ستكون هناك مستويات متقدمة من التقنيات التي تعتمد على نوايا قائد تلك الأجهزة، لكن كثيراً من عمليات التحكم ذات المستويات الدنيا ستُبنى أيضا ضمن تلك المنظومة، مثل المحافظة على التوازن أثناء السير”.
في الحقيقة، يمكن لجهاز روبوتي بقدمين يقوده إنسان أن يكون احتمالا أكثر واقعية من آخر يفكر ويعمل بمفرده. يقول سيثو: “يمكن تنفيذ هذا النوع من التقنية. إنه أسهل تنفيذاً من منظومة آلية بالكامل، لأن هذه الأخيرة تواجه مشاكل كثيرة فيما يخص الاستشعار، واتخاذ القرارات حسب السياق والظروف المحيطة”.
مع ذلك، أياً كان نوع منظومات التحكم عن بعد فإنها تتطلب برنامجاً للاتصالات يقاوم الاختراق والتسرب ويكون قادراً على تشغيل عمليات حاسوبية تصل إلى نصف مليون عملية في الثانية.
كما أن هناك سؤالاً حول كيفية تزويد أجهزة الروبوت المتنقلة تلك بالطاقة. تخيّل ويزمان أجهزة ميك روبوتية ذات تقنيات قتالية عالية تتزود بالطاقة من خلال توليدها من مفاعل يعمل بخاصية الاندماج النووي. لكن ذلك غير وارد، فأحجام مفاعلات الاندماج النووي الحالية هي بحجم مستودع ضخم.
وقد استعملت أجهزة ميك الروبوتية تلك في فيلم “حافة المحيط الهادي” مفاعلات نووية (متسلسلة)، حيث أنها تزود بالطاقة وبكميات كبيرة، لكن توجد مخاوف من ناحية السلامة والأمان.
يقول سيثو: “تقنيات البطاريات وأحجامها متخلفة عما يمكن تنفيذه نظرياً. هناك أبحاث حول خلايا الطاقة، لكنها لا تزال في مرحلة الطفولة المبكرة فيما يتعلق بما تستطيع القيام به”.
هناك مشكلة أخرى في تزويد قائد أجهزة “ميك” الروبوتية بمعلومات متعلقة بالسياق ومعرفة الظرف الآني. يقول البروفيسور سيثو: “حققنا بعض التقدم فيما يخص التحكم الآني، مثل ذلك المتعلق بالثبات (أو التوازن). المشكلة هي أننا ندرك كيف ننجز الأمر، لكن عندما تكون لديك أجهزة استشعار لما يدور حولك حقاً، فإن أي انحراف طفيف لبيانات أجهزة الاستشعار سيعطل عمل منظومة التحكم”.
السعى نحو ابتكار أجهزة روبوت يجلس داخلها الإنسان ويقودها
تفيد أدوات الاستشعار التي تعمل باللمس، مثل تلك المستعملة في عصي التحكم في الألعاب، في تحديد ما إذا كنت بالفعل تقوم بلمسها أم لا. ومع ذلك، فتزويد القائد بمعلومات حسية إضافية، تضيف سياقاً آخر لما يمر به جهاز الروبوت، وهو ما يحمل معه مخاطر الإفراط في تزويد القائد بالكثير من المعلومات.
من الطبيعي أنك كلما بنيت شيئاً أضخم، يصبح وزنه أثقل. ويكون الضغط الممارس على سطح ما، هو قوة مقسمة على المساحة الكلية لذلك السطح. فعندما يكون الجهاز بقدمين، مثلما هو متوقع لأجهزة ميك المستقبلية، فإن أغلب كتلته ستتركز على ساقيه.