المجلةبنك المعلومات

النسبية بعد مائة عام.. تحت الاختبار

كان لنظرية النسبية وصاحبها ألبرت أينشتاين الفضل في تغيير مفهومنا للزمان والمكان، بل والكون الذي نعيش فيه، وعلى الرغم من أنها ما زالت تحظى بنفس الوهج والمنزلة الكبيرة التي حظيت بها منذ ظهورها قبل 100 عام كاملة من الآن، فإن ثمة محاولات تجرى الآن بواسطة وسائل وتقنيات متقدمة عالية الدقة والكفاءة للتحقق من بعض ما اعتبر مسلمات لهذه النظرية.

 

ومن ذلك التجربة التي يشترك في إجرائها الآن علماء أمريكيون من جامعة ستانفورد وخبراء بوكالة الطيران والفضاء الأمريكية “ناسا”، والتي تتمثل في إطلاق قمر صناعي يحمل مجسا يطلق عليه “مجس الجاذبية– بي” مخصصا لدراسة مسألتين توقعتهما فرضيات ألبرت أينشتاين حول طبيعة المكان والزمان، وتأثير الأرض والأجرام السماوية على ما عرف بـ”نسيج الزمكان”.

 

تنبأت النسبية بأمور عجيبة كاتساع الكون وتمدده، وتكون الثقوب السوداء، وأن الزمن والفضاء (الزمكان) يشكلان معا نسيجا واحدا، وأن الضوء يتبع مسارا مقوسا أو منحنيا وليس مستقيما، وغيرها من الفرضيات التي بدأت البراهين العملية على صحتها تظهر الواحدة تلو الأخرى.

 

فضاء أينشتاين

 

وقد أحدثت نظريات أينشتاين انقلابا في فكر الفيزيائيين؛ نظرا للاختلاف الجوهري بينها وبين ما قالت به نظريات سار العلم وراءها قرونا طوالا، ومن ذلك نظرية إسحاق نيوتن عن الجاذبية، والتي كانت تقرر بأن الأجسام تجذب بعضها بعضا بقوة تتوقف على مقدار المسافة بينها، إلا أن أينشتاين أنكر ذلك، واعتبر الجاذبية نتيجة لحقيقة لم تكن معروفة للإنسان من قبل وهي أن الزمان والمكان ليس شيئا مسطحا كما يعتقد، وإنما هما نسيج واحد ينحني بفعل توزيع الكتلة والطاقة بداخله.

 

والأمر أشبه بغشاء مرن من المطاط منبسط في جميع الاتجاهات، لكن بمجرد وضع كرة معدنية ثقيلة الوزن عليه يتقوس تحت تأثير ثقل هذه الكرة، ويكون التقوس أكبر ما يمكن بجوار الكرة، ويقل تدريجيا كلما بعدنا عنها، وهو مؤقت إذ يزول بمجرد رفع الكرة.

 

ويبقى سؤال مهم.. ماذا لو تحركت كرة أخرى أصغر في الحجم والثقل في اتجاه الكرة الكبيرة بحيث تدخل في نطاق التقوس؟ بالطبع ستسقط فيه، ولكن الأمر يختلف لو أن الكرة الصغيرة تحركت بسرعة كافية تمنعها عن السقوط في التقوس؛ إذ سوف تدور في محيط هذا التقوس دون السقوط فيه. ويطلق على نطاق التقوس مجال الكرة الكبيرة، وهو ما يحدث حال تحرك كواكب مجموعتنا الشمسية في مجال نجم الشمس بسرعة تمنع انجذابها الكامل للشمس لكنها تظل تدور حولها في مدار محدد؛ فالشمس ذات الثقل الكبير تؤدي لتقوس الفضاء (نسيج الزمكان)؛ وهو ما يجعل الكواكب الأصغر في الكتلة التي تتحرك بالقرب منها تنجذب إليها.

 

وبناء على ما سبق، فإن الأشعة الضوئية تسير في خطوط مستقيمة إذا كان الفضاء خاليا من المادة، بينما سيتعرض مسارها للانحناء والتقوس في حال صادفت جسما ذا كتلة كبيرة كالشمس مثلا. وعلى الرغم من اقتناع أينشتاين الكامل بما توصلت إليه نتائج معادلاته الرياضية البحتة دون التحقق بالتجربة، فإن أغلب العلماء في ذلك الوقت لم يؤمنوا بصحتها، وربما يجدر بالذكر هنا بأن أينشتاين نال جائزة نوبل في الفيزياء على بحث آخر خلاف نظرية النسبية التي كانت موضع خلاف كبير بين العلماء؛ لذا فقد أشار عليهم في ذلك الوقت باختبار ذلك عند حدوث ظاهرة الكسوف عن طريق تصوير مسار الأشعة الضوئية الصادرة عن النجوم القريبة من الشمس عند مرورها بها.

المصدر: إسلام اون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى