تميز بموهبة أدبية كبيرة وتنوع أدبه مابين السخرية والحزن وكان أسلوب كتابته مميزاً حيث ساعدت الظروف و الأحداث التي مرت في حياته على شحذ عبقريته وعلى توجيه تفكيره وحياته كلها إلى احتراف القصة، وترك ثروة أدبية وروائية خالدة على مرور الزمن، ويعتبر ثاني أعظم كاتب في بريطانيا بعد شكسبير.
تشارلز ديكنز : أوقات عصيبة
ولد الروائي البريطاني تشارلز ديكنز في 7 فبراير عام 1812م في منطقة “بورتسى” التي تسمى حاليا “بورتسموث- روتشستر” ونشأ في عائلة كبيرة وفقيرة فكان الابن الثاني من بين ثمانية أخوة، كان والده يعمل كاتب بالبحرية براتب ضئيل لا يكفي لنفقات العائلة الكبيرة، وألتحق تشارلز بمدرسة صغيرة في “بورتسموث” لفترة قصيرة ثم انتقلت أسرته إلى لندن فكانت مصدر ألهامه حيث أثرت التناقضات بين الطبقات الاجتماعية بالإضافة لطفولته البائسة في تكوين زخم درامي تحولت بموهبته الكتابية إلى روايات عاطفية وساخرة، ّأبكت وأضحكت العديد من القراء على مر الأجيال.
بدأت ميول تشارلز ديكنز الأدبية مبكراً في سن السابعة حيث كان يقرأ القصص بنهم كبير, كان يختفي في غرفة صغيرة في الدور العلوي بمنزله ويقرأ قصص ‘دون كيشوت’ , و’روبنسون كروزو’ , و’توم جونز’ , و’ألف ليلة وليلة’ .. وغيرها وكانت هذه القصص بمثابة الوقود والإلهام الذي جعل منه كاتبا عبقريا.
في عام 1836م ظهر كتابه الأول بعنوان “صور وصفية” تحت أمضاء مستعار, واستقبل الكتاب بحماس شديد, وبدأ اسمه يلمع في الأوساط الأدبية الأمر الذي دعا أحد الناشرين إلى أن يعرض عليه كتابة كلام مجموعة من الرسوم الكوميدية المسلسلة التي تمثل شخصيات رياضية, وكان ديكنز على وشك الزواج فلم يستطع رفض هذا العمل الذي كان يبدو تافها بالنسبة له ومع ذلك فقد فتح له هذا العمل باب الشهرة على مصراعيه فهو الذي جعل الكاتب المبتدئ يفكر في شخصية مبتكرة و هي شخصية “بيكوك”, تلك الشخصية الروائية التي حازت على إعجاب كل القراء في مختلف أنحاء بريطانيا وجعلت من الفتى الذي لم يتعد عمره الرابعة والعشرين من أشهر شخصيات بريطانيا آنذاك .
وكانت شهرته تزداد مع كل كتاب جديد له وكان قراؤه ينظرون إليه على أنه ضمير الأمة الذي يتكلم باسم الملايين وكان ديكنز غزير الإنتاج فقد كانت قصصه تخرج الواحدة تلو الأخرى , وفي نفس الوقت كان يقوم بتحرير بعض المجلات وإخراج المسرحيات , ويقوم أيضا برحلات ثقافية إلى أوروبا وأمريكا حيث يلقي المحاضرات .
كتب ديكنز 14 رواية كبيرة يزيد حجم الواحدة منها عن 600 صفحة ، وله أيضا الكثير من القصص القصيرة ، وفي عام 1850م أصدر ديكنز مجلة “كلمات عائلية” والتي حظيت بإقبال شديد من قبل قارئيه نتيجة كتاباته الأسبوعية في المجلة ومن أهم ما يميز أعماله تصوير الواقع بشكل جذاب للقارئ، والوصف الدقيق للشخصيات ، والوصف المفصل لمختلف الطبقات الاجتماعية ، والعاطفة ؛ وخصوصاً الحزن والأسى في العديد من كتاباته ، والنقد البناء ، وعكس مشاكل الشارع ، مما أسهم في الإصلاح .
ومن أهم أعمال ديكنز “أوراق بيكويك “، “مغامرات السيد بيكويك”، “أوليفر تويست”، “نيكولاس نيكلبي” ، “أنشودة لعيد الميلاد” ، “ديفيد كوبر فيلد”، “قصة مدينتين” ، “الآمال الكبيرة”، “أوقات عصيبة”.
وتوفي ديكنز في يونيو من عام 1870م عن عمر ناهز الـ 58 عاماً ودفن في مقبرة “وستمنستر ابي” وجاءت وفاته بعد إرهاق شديد بعد جولة قام بها إلى أميركا الشمالية وقد أنجب تشارلز تسعة من الأطفال.