مبدعونشخصيات علمية

(ثروة الحديد).. أردنية تتحدى إعاقتها البصرية بإعداد أشهى الأكلات

(ثروة الحديد), سيدة أردنية, أصبحت حديث الإعلام الأردني والعربي بفضل اتقانها لفن الطهو وتقديم أشهى وألذ الأطعمة والمأكولات الأردنية والعربية دون أن تراها بعينيها.. حيث تفقد نعمة البصر ولكن الله من عليها بنعمة البصيرة. حكاية ثروة (54 عاماً)، تحمل في بداخلها نموذجًا حياً لتمسّك الإنسان بالأمل مهما كانت درجة معاناته، وأن النجاح لا يحتاج لتحقيقه إلا العزيمة والإصرار.

(ثروة الحديد).. أردنية تتحدى إعاقتها البصرية بإعداد أشهى الأكلات

رحلة ثروة

وُلدت ثروة الحديد عام 1968 في منطقة القويسمة بالعاصمة الأردنية عمّان، لوالدين أبناء عمومة، وهي شقيقة لـ7 إناث و4 ذكور، وتزوجت من أحد الأشخاص وأنجبت منه ابنتين وولد، قبل أن يغادر البلاد ويتركها أمًّا وأبًا في آن واحد.

كانت (ثروة) تعاني من مشكلة في نظرها منذ طفولتها، وأصيبت بـ”التهاب شبكية” أدّى إلى فقدانها البصر بالكامل وهي في الثلاثين من عمرها.

كانت متفوقة في دراستها، ولكن كان لديها مشكلة نتيجة قصر النظر وخاصة مع الكلمات الإنجليزية، فقد كانت تخلط بين عدة أحرف، وترتدي نظارات طبية منذ الصغر”.

غادر زوجها الأردن قبل سنوات طويلة (إلى إحدى الدول الأوروبية)، وتركها مع أبنائها وهم أطفال، ولكنها تمكنت من تربيتهم أحسن تربية، وزوّجت بناتها، وهي الآن جدّة.

حلمت (ثروة) بأن تستكمل دراستها، إلا أنها تمكنت من النجاح في الثانوية العامة، وتعمل حاليًا مأمورة مقسم في أمانة العاصمة عمان منذ عام 2004.

لم يُخبرها كل الأطباء الذين راجعتهم بأنها ستفقد نعمة البصر، ولكنها جربت هذه النعمة والحمد لله على فقدها – على حد قولها.

بعد زواج بناتها كانت تضطر للبقاء وحدها في المنزل في ظل غياب ابنها بالعمل، فانتقلت للعيش مع والدتها التي تبلغ 78 عامًا، بطلب من أشقائها.

كانت ثروة تضطر للانتظار مع والدتها حتى يجد أشقّاؤها وشقيقاتها الوقت لإحضار الطعام لهما، وفي بعض الأوقات كانتا تعتمدان على المطاعم، ونظراً لظروف عمل إخوتها، كان الطعام يتأخر بالوصول أحيانًا، وهو ما كان ينعكس سلبًا على مواقيت تناول والدتها المسنّة لأدويتها في ظل معاناتها مع الأمراض المزمنة.

وحرصًا منها على المحافظة على صحة والدتها وتناولها الدواء في مواعيده، قررت ثروة إعداد وجبات الطعام بنفسها، وهنا حضر التساؤل: كيف تقوم بذلك وهي كفيفة!

لكن عزيمتها كانت أصلب من تلك الصعاب، واجتهدت في سبيل تحقيق ذلك إلى أن نالت ما تطمح به، بل وتحوّلت إلى حالة نادرة، وطاهية تجيد عملها دون أن ترى ما تعدّه، إلا أن الإحساس بأهمية ما تقوم به خدمةً لوالدتها، ذلّل كل العقبات.

الاعتماد على الحواس

تعتمد (ثروة) على حواسي الأخرى.. السمع عند الغلي مثل الشوربات، والرائحة أو التذوق للنضج، واللمس للتقشير والتقطيع.

قامت بوضع علامات على علب مستحضرات الطعام وفق ملمس خاص، إضافة إلى أنها تشتمّ رائحتها للتأكد منها، ومن خلال ذلك تطهو بعض الأطباق التي يصعب على المبصرات تحضيرها، مثل المنسف والمقلوبة والكبسة والمندي والصواني والكفتة والكبة (أطباق شعبية متعارف عليها لدى الأردنيين)، وغيرها من الأطباق الأخرى العربية الأخرى.

ورغم حالتها الصحية التي تفاقمت صعوبتها بعد إصابتها بسرطان الغدة الدرقية عام 2008، إلا أنها أكدت وبكل تفاخر وثقة بالنفس قائلةً: “لا أعتقد أن ما أقوم به يستطيع غيري بمثل حالتي فعله، ولم أسمع عن ذلك من قبل”.

تقول (ثروة) لوكالة الأناضول: “لقيت ولمست تشجيعًا كبيرًا ممن حولي، وبدأت نشر ما أقوم بإعداده من أطباق على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وأدعو الله أن يشفي كل مريض، فكما يُقال: لا يؤلم الجرح إلا من به الألم”.

لديها صفحة خاصة على موقع فيس بوك، تعرض فيها إنتاجها، ولكنها تحلم أن تتمكن من إنشاء مطبخ خاص يلقى إقبالاً من الجميع، ليتذوقوا ما تصنعه الكفيفة.

زر الذهاب إلى الأعلى