تنفرد حياتنا الحاضرة بالصخب والسرعة , وتموج بالاضطرابات والمشكلات التي تصادف الشباب والشيوخ على السواء , الأمر الذي يولد الضيق والتيرم بالحياة فتصبح عبئا ثقيلا على ذوي الأحاسيس المرهفة , لذلك يجب علينا أن نصطنع فلسفة أفضل لحياتنا , ونأخذ النفس بالحيلة والتنظيم العقلي , وفرض الرقابة على أفكارنا , والإقلاع عن الأفكار التي تورثنا القلق , وعلينا إلا نفكر في ما يتعبنا إلا عندما تكون الحاجة ماسة لهذا التفكير. وبقدر المستطاع , علينا أن ننصرف إلى سماع الموسيقى , او القراءة المفيدة , ولاسيما عند المساء , حتى نتمكن من الرقاد بهدوء واطمئنان , ونجدد خلايانا وننشط غددنا , ونهدئ أعصابنا .
وإذا أردنا ان نجد حلا لمشاكلنا , علينا ان نجلس , ونبدأ بالتفكير القائم على أسس البحث العلمي في نواحي المشكلة بشجاعة , ثم نسجل ما نراه في صالح هذه المشكلة , ونكتب أمامنا ما يخالفها , ثم نقارن بينهما بأمانة , ونخرج من المقارنة بما نراه ملائما للظروف المحيطة بها .
وإذا نظرنا بهدوء وإدراك إلى المسائل التي تورثنا القلق والضيق والغم , لتبين لنا أنها تافهة إذا قارناها بغيرها من عظائم الأمور , ومتاعب الحياة .
يجب أن نقابل بهدوء كل ما يصادفنا من متاعب , وان نتعود على الصبر , حتى يتناقص التوتر العصبي بصورة تدريجية . فالغضب يؤدي إلى الاندفاع , ويبدل الحياة بؤسا بعد الهناء , وشقاء بعد السعادة , فضلا عن تشنج الأعصاب , وإضعاف الصحة , وقد يهيج الغاضب فيموت بنزيف في المخ او بسكتة قلبية , لذلك , علينا أن نعتاد على كظم غيظنا , وان نستشعر الحلم , ونصرف خيالاتنا المريضة , وان نفكر بروية وتعقل , ونتساءل بهدوء ما الذي سيحدث آخر الأمر في أسوأ الأحوال , فإذا قدرنا ذلك أقنعنا أنفسنا بأن هذه النهاية لن تكون فظيعة إلى الحد الذي نتوهم .
ولنعلم أن غيرنا لديه من المتاعب ما هو أكثر منا , ولنستمد البهجة مما نملك ولو كان قليلا , وعلينا ان ننظر إلى الحياة نظرة تفاؤل , فلا نرى إلا الفرح والصحة والنجاح والأمل الباسم .
والطاقة عند الإنسان , كالحرارة تعلو وتهبط تبعا للمسئوليات التي تلقى على عاتقه. وتبعا لنظام حياته وطعامه وشرابه وراحته . لذلك يجب أن نعمل , عند الحاجة , على تجديد طاقاتنا التي هبطت , وذلك بالراحة والاسترخاء في القرية , او على شاطئ البحر , كما يجب ان نقلل من أوقات عملنا المجهد , وان نمارس الرياضة المناسبة , حتى نسترجع ما خسرناه من طاقاتنا .
ومن أعراض هبوط طاقاتنا , أن نشعر بالتهيج في أعصابنا, ونتصور أن مرؤوسينا يبطئون في تلبية أوامرنا , أو أن رؤساءنا يضطهدوننا , فيحتد مزاجنا , ونصبح سريعي التأثر , ونشعر أن سحابة من الضيق والغموض بدأت تكتنف أجواء تفكيرنا , ونجد أن سئمنا من الحياة , كل ذلك يضعف طاقتنا, ويؤدي بنا إلى الأمراض إذا استمرينا في هذه الحالة المتردية , ولكن إذا نوعنا نشاطنا , ومارسنا أي نوع من الرياضة , ثم استرحنا واسترخينا , فأن أعصابنا تقوى وتشتد , ويعود إلينا الهدوء والاتزان والحكم الصحيح على الأمور .
ان حياتنا من صنع أيدينا وأفكارنا , لذلك يجب :
1- أن نسعى للوصول إلى النجاح في كل أعمالنا .
2- أن نصنع حياة ملؤها الأمل .
3- أن نبعد الشك , والحسد , والغضب , والغيرة , والمرض , من قاموس تفكيرنا .
4- أن نقوي إرادتنا , ونطرد الأفكار الشريرة , والوساوس , والأوهام .
5- أن نتعلم كل يوم شيئا جديدا مفيدا .
6- أن نسافر ونتنزه , ونمارس الرياضة الملائمة .
7- أن نكون واقعيين إنشائيين جادين في أعمالنا .
8- أن نفعل الخير , دون أن ننتظر شكرا او أجرا .
9- أن لا نبتئس ونيأس إذا لم نحصل على كل ما نريد.
10- أن نواجه متاعبنا بشجاعة وصبر , ولا نهرب من معركة الحياة .
11- أن نتعلم الهدوء وان نستبدل صفاتنا السيئة بصفات مستحبة .
12- أن نهتم بمشكلات الآخرين , ونظهر عواطفنا نحوهم .
13- أن نفكر دوما قبل الذهاب إلى النوم فيما مر في يومنا , ونستخلص عظة وعبرة .
14- أن نفكر في الصحة , والسعادة والهناء , والقوة والنشاط .
15- أن نجلس كل يوم في مكان هادئ ونتأمل في الوجود وما فيه من مخلوقات وجمالات.
د . قيس غوش