ابتكارات جديدهالمجلة

حاذق قاضي.. الابتكار حين تتوافر بيئته المحفزة…

بقلم: د. مجدي سعيد

حينما يتمتع الطفل بعقل “حاذق” ويتوافر له بيئة محفزة على التفكير في المشكلات وحلولها، فإن طزاجة عقله وذكاءه يدفعانه في اتجاه أفكار جديدة مبتكرة، ومن شأن تشجيعه واحتضان فكرته من كل اتجاه دون مبالغة أو نفخ في أبواق الوهم أن يساعده على تطويرها شيئا فشيئا، حتى تتنزل على أرض الواقع.
الطفل الهندي حاذق قاضي البالغ من العمر 12 عاما، وهو طالب في الصف السابع في مدرسة دولية بمدينة بونى الهندية Indus International School Pune، وقد كان محظوظا بتوافر هذه البيئة المحفزة له سواء في المدرسة أو البيت، فكان تصميمه لسفينة صغيرة تحمل اسم إرفيس ERVIS بهدف المساهمة في تنظيف البحار والمحيطات من الملوثات البلاستيكية. 

تأثير التلوث البلاستيكي

يحكي “حاذق” القصة قائلا: بدأ الأمر عندما طلب منه وباقي التلاميذ إعداد حديث لنادي TED-Ed حول موضوعات قريب من قلوبهم.

في ذلك الوقت، كان قد شاهد بعض الأفلام الوثائقية عن تأثير التلوث البلاستيكي على الحياة البحرية، وكان مزعجا له أن يرى التأثيرات السلبية لذلك التلوث، ومن ثم بدأ في إجراء المزيد من البحث حوله وبدأ يفكر في ما يريد القيام به لمعالجة المشكلة. وكجزء من بحثه، رأى أيضًا من بين أمور أخرى أحد أحاديث TED حول كيفية التعامل مع مشكلة البلاستيك في المحيطات، وظن أنه يمكنه أن يقوم بإنشاء سفينة يمكن أن تعكس الضرر الذي فعله البشر. ومن هنا جاءته فكرة ERVIS، ومن ثم بدأ العمل عليها في وقتٍ ما أواخر عام 2016 وبحلول عام 2017، انتهى من إعداد النسخة الحالية من تصميم السفينة، كانت المسودة الأولى أساسية للغاية، ولكن بعد ذلك عمل بمساعدة بعض العلماء والمصممين لإنشاء تصميم عملي أكثر وبحلول يونيو 2017، أصبح تصميم السفينة جاهزا. وفي حديثه في TEDxGateway الذي نظم يوم 2 ديسمبر 2018 في مومباي تحدث عن انتهاء النموذج الأولي لسفينة ERVIS، والذي يمكنه امتصاص البلاستيك من سطح المحيط، وتنظيف المحيطات بطريقة مستدامة ومسؤولة.

دور المدرسة والمنزل

وحول دور المدرسة والمنزل في دعمه يقول “حاذق”: لقد كانت المدرسة داعمة للغاية لمبادرتي وشددت دوما على التعليم الشامل بما في ذلك مثل هذه الأنشطة لجميع الأطفال. وأنا أشعر بامتياز للدراسة في هذه المؤسسة، وقد أدى نجاح الحديث في نادي TED Ed إلى المزيد من الأنشطة اللامنهجية وأدى إلى ازدهار أنشطة النادي داخل المدرسة بشكل بارز. وعندما كان برنامجي الأول “ERVIS” مشروعًا كان يجب أن أقوم به في المدرسة كانت والدتي داعمة للغاية لي عندما قمت بعمل أول نموذج أولي، وهي من ساعدني على القيام به. لقد كان والداي دائما فخورون بي حول كيفية تطبيق عملي الفكري على مشكلة شعرت بشغف تجاهها. وعندما أفكر في الأمر، كنت صغيرا في العاشرة من العمر أفكر في صناعة سفينة لتنظيف المحيطات، يبدو الأمر عظيماً ولكنه صعب، ويفترض أن يكون حقيقة قابلة للاستمرار لمساعدة كوكبنا. وحتى عطلة نهاية الأسبوع الخاصة بحديثي في TED-ED عندما جاء الناس من نيويورك إلى مدرستي ليخبرونا أنهم اختاروا مشروعي ليتم الحديث عنه، هناك حقيقة تراجعت عن الاعتقاد بأنه لا يوجد شخص ما باستثناء والدي يعتقد أن طفلا في الحادية عشرة عاما يمكن أن يحدث فرقا إلى العالم.
هناك ثلاثية محفزة وداعمة إذا تتكون من مدرسة دولية، ومنزل داعم، ومنظومة TED وجناحها التعليمي في المدارس ممثلا في نوادي TED Ed كل ذلك كانوا كالروافع التي زرعت ثقة حاذق في نفسه، ودفعته قدما خطوة خطوة، ولا زالت أمامه خطوات، ربما ينجح في اجتيازها بدعم ومساعدة الآخرين لتحويل الفكرة إلى حقيقة. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى