“عبد الله بن عودة”.. مالك إبل نخبة “الهايلات”.. رحلة عشق.. تجارة وعلم الإبل بالنسبة له حالة من العشق.. يرى ان الإبل رافد في غاية الأهمية لاقتصاد المملكة.. السيرة النبوية حفزته للاهتمام بعالم الإبل.. يشجع على ضرورة وجود جوازات سفر خاصة للإبل.. ويرغب في تنظيم مهرجانات عالمية للإبل برعاية سعودية.. حصل خلال 48 ساعة على 20 مليون ريال سعودي.. صفقات 2020 وصلت لـ 60 مليون ريال.. طموحه الانتقال بالإبل من البداوة إلى الحداثة.
بدأ (عبد الله بن عودة), مالك إبل نخبة الهايلات، حياته العملية طيارًا مدنيًا يحلق بين عواصم العالم، إلى أن حطَّت به الرحال فغادر الطيران وتوجه للاهتمام بالإبل “سفينة الصحراء”، حتى غدت شغفه الأول ومحور حياته، وتحول بها ومن خلالها إلى كيان اقتصادي يحقق الأرباح. عبد الله بن عودة رجل أعمال، ناشط اجتماعي، طيار متقاعد، يحمل الجنسية السعودية، لديه استثمارات في الأعمال التجارية والتمويل، يقضي اليوم معظم وقته في تربية ورعاية الإبل، وجرى تعيينه في منصب سفير المسؤولية الاجتماعية بنادي الهجن، تقديرًا لجهوده. كما تولى منصب حامل كرسي بن عودة لأبحاث الإبل في جامعة الملك فيصل.
يبلغ من العمر نحو 50 عامًا، ولد في الخبر ويقيم حاليًّا في مدينة جدة، روى تجربته الحياتية والعملية لمجلة الرجل السعودية
وقد خص مجلة “الرجل” بهذا الحوار ليروي تجربته ويكشف عن طموحاته، وآرائه في حماية واستثمار وتطوير ثروة بلاده من الإبل.
Table of Contents
دراسة الطيران
قبل احترافه لتجارة الإبل، درس بن عودة الطيران، في أكاديمية الأمير سلطان للعلوم العسكرية وكان من أوائل من درسوا علوم الطيران بالخارج، ثم درس الإدارة وتدرب بشركات خطوط لوفتهانزا الألمانية وبوينج وغيرها، كان يحرص على حيازة شهادات متعددة مهنيًّا وفنيًّا، خلال أكثر من 20 عامًا.
ويعرف عن نفسه بالقول “أنا مواطن سعودي خدمت وطني أكثر من 20 عامًا طيارًا، بعدها تقاعدت واتجهت عام 2016 إلى تجارة الإبل، شاركت في تأسيس جمعية ملاك الأبل وأصبحت من رواد هذه التجارة المربحة على كل المستويات، وأحاول تحويل هذا المجال إلى صناعة كبيرة والاستثمار فيه، وكنت أول من سجَّل الإبل تسجيلاً تجاريًّا، كما أعمل في تجارة العقارات” .
تشجيع الأسرة
نوه بن عودة أثناء حديثه لمجلة الرجل, بالأثر الإيجابي لأسرته على حياته وتشجيعهم وتحفيزهم الدائم على الاجتهاد والعمل ويخص بالذكر والده ووالدته -رحمة الله عليهما- ويضيف “وكذلك إخواني وأخواتي أثروا في تخطيطي لحياتي فقررت دراسة الطيران وعملت طيارًا” .
وعن تحوله للاهتمام بالإبل يكشف بن عودة أنه تأثر منذ طفولته بالقصص النبوية الشريفة ويضيف “أتذكر ناقة النبي صالح وقصصها وهي آية من آيات الله عز وجل في علاقة الإنسان بالإبل، فالإبل بالنسبة لي حالة من العشق المستمر” .
ويضيف “أصبحت الآن تجارة واستثمارًا ومهنة، وصناعة أحاول تطويرها، إذ تغيّر الوضع في المملكة بالنسبة لقطاع الإبل الذي يلقى دعمًا غير محدود من الدولة فبات أحد روافد الاقتصاد الوطني، وفق رؤية المملكة 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد، وهذه الصناعة الأصيلة تحمي التراث والثقافة العربية والمجتمعية، نحن نعتز بهويتنا وتراثنا بشدة ونحاول أن نحولها إلى استثمار مربح بإذن الله”.
نادي الإبل
أسس عبدالله بن عودة جمعية ملاك الإبل في المملكة، ويشغل منصب سفير المسؤولية الاجتماعية بنادي الإبل، بقرار من رئيس مجلس إدارة النادي الشيخ فهد بن حثلين، تقديرًا لجهوده في تطوير هذه المهنة، يقول: “أعرب عن امتناني للجهات الرسمية على الثقة والمسؤولية الكبيرة”.
ويشرح بن عودة أنه يعمل على تقديم العون لأصحاب الإبل والمهتمين بسلالاتها، لافتًا إلى أن النادي له نشاطات عديدة، مثل إقامة مهرجان الملك عبد العزيز، مؤكدًا “أهمية صناعة المهرجانات وتنميتها بشكل كبير ومتطور وتنمية بيئة الإبل بحيث تؤسس لصناعة حقيقية في جميع المجالات الحيوية”.
حماسة وتأمين..
يعرب بن عودة عن حماسه للتأمين على الإبل، ويراها خطوة ضرورية ومهمة، ويضيف: “نحن كملاك للإبل لدينا مصروفات عديدة والتأمين يخدم قطاعًا عريضًا خاصة الأنواع النادرة وذات الجودة العالية، فقد تعرض البعض لخسائر فادحة لفقدانها نتيجة وقوع حادث أو إصابة مرضية أو غيرها ما يؤثر على الملاك بصورة كبيرة. التأمين يحفظها من الضياع وجاء في وقته ليحمي ثروة لا تقدر بثمن في وقتنا الحالي”.
وينوه بشكل خاص إلى إطلاق أول وثيقة تأمين لنقل الإبل في المملكة، وتشمل مختلف أنواع الإبل”.
طموحه العالمية
يطمح بن عودة للوصول بتربية الإبل إلى العالمية، ويضيف: “طموحي الاحترافية والتقدم من مرحلة البداوة إلى إنشاء منظومة للتجارة الاستثمارية، بداية من الاهتمام بالمزارع والنشأة والمعيشة من المهد، لمنتهى التطوير والتكنولوجيا الحديثة والعناية المستمرة بتنظيم عمليات البيع والشراء والاهتمام بوضع تصنيف علمي معترفًا به عالميًّا.
وكذلك إقامة المهرجانات والفعاليات المختلفة ودعمها للوصول للجيل الرابع من صناعة الإبل بشكل متطور”.
كما يعرب عن طموحه تنظيم مهرجانات الإبل على مستوى عالمي برعاية سعودية، داعيًا “لأن يكون للإبل جوازات للسفر يجري تأمينها منعًا للأخطار، وبما يحقق الفائدة المرجوة منها بعالم الاستثمار، فهي عنصر مهم لاحتفال المملكة بذكرى التأسيس”.
“لعل أغرب وأنجح الصفقات في حياتي”، يروي بن عودة لمجلة الرجل: “عندما أعطيت منافسي عبد الله الدبوس الإذن باستئجار الإبل الخاصة بي لمدة 48 ساعة، مقابل 20 مليون ريال سعودي، ليتمكن من استخدامها في سباق “شداد”.
فاجأني حماس الشاب الذي لم يتجاوز العقد الثاني من عمره، ومدى جرأته عندما قدم لي شيكًا مفتوحًا، وحثني على تدوينه بقوله (لا أتوقع من رجل بذكائك أن يرفض عرضي)”.
ويكمل: “وافقت على عرضه بعد صلاة الاستخارة. وقد أثار هذا الاتفاق الجدل بين متابعي سباق الإبل بسبب ضخامة المبلغ الذي دفع في الشيك، دون رجوع، وقد استحق الأمر هذه الصفقة بسبب فوز دبوس في المباراة، وقد حلف اليمين أنه سيدفع، وفي ذلك اليوم لم أنم طوال الليل”.
ويقول إن هناك العديد من الصفقات مع بداية 2020 وصلت لـ 60 مليون ريال، وأكثر من ذلك، فقد جرى تحطيم هذا المبلغ في عام 2021 من خلال شراء نصف الكمية بضعف ثمنها، ويضيف: “هذه الأرقام يمكن تحطيمها في أي وقت، لذلك فإن هذه التجارة تعد رافدًا مهمًّا من روافد بناء الاقتصاد الوطني، وهذا ساعد على زيادة أسعار لحوم الإبل، خلال الفترة الماضية لإنتاج سلالات ومنتجات ألبان الإبل عالية الجودة”.
ويوضح أن ظاهرة الاستئجار جديدة في منافسات الإبل، وتُبنى على مجموعة من الشروط والآليات، أبرزها أن يكون المستأجر مسجّلاً ومشاركًا في مهرجان الإبل، وأن تتم قبل وقت محدد من السباق أمام لجنة التحكيم النهائية.
ومع ذلك يدعو إلى المزيد من الحيطة في تنظيم مثل هذه العمليات بين المؤجر والمستأجر، تجنبًا لوقوع حالات من النصب والاحتيال، ويضيف “أنا لا أرى أي شيء في هذه العمليات طالما أنها تحدث داخل نطاق الشرعية، وفي العلن ووفق ضوابط متعارف عليها”.
منصات إلكترونية ..
يرى بن عودة أن الاهتمام بالإبل تعاظم من خلال إطلاق أربع منصات إلكترونية جرى تدشينها خلال الفترة الماضية، ومنها منصة “أمّنها” المختصة في تقديم خدمة تأمين الإبل، وهي الأولى من نوعها في العالم”.
وتعمل هذه المنصات على تدوين بيانات ومعلومات خاصة بالإبل بشتى الأنواع، وهذا يؤسس لقاعدة كبيرة من المعلومات، تشمل قاعدة بيانات ضخمة تجمع عن الإبل بالرابط الوراثي “دي إن إيه” (DNA) لـ11 فصيلة، الذي يُعد إحدى الخصائص الحيوية التي تميز الكائنات الحية عن بعضها وإثبات ونفي صلة النسب فيما بينها.
وتستهدف في مرحلتها الأولى الإبل التي تكتسب صفة “مزاين”، على أن تشمل المرحلة الثانية جميع الإبل في السعودية.
ويرى أن هذه الجهود بإشراف نادي الإبل ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث “ستؤدي بلا شك إلى نقاوة السلالات ومعرفة ماهيتها وأصولها وقيمتها الشرائية مع حصر كل الأنواع العربية أو الأجنبية.
وهذا وفق مفهوم علمي يتبع حقوق الملكية الفكرية ويحمي السلالات النادرة من الانقراض والضياع”.
يرى بن عودة أن الاقتصاد السعودي سيكون بإذن الله من أقوى الاقتصادات على مستوى العالم، وفق رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بتحقيق التحول الرقمي للاقتصاد السعودي ومعادلة الاستثمار، ويضيف “نحن نسابق الزمن في شتى المجالات الصناعية والتجارية وبالفعل تتغير المملكة للأفضل دائمًا، وستتحقق بإذن الله رؤية 2030 في وقت قياسي”.
ويوضح “نحن نعيش حاليًّا أزهى عصور المملكة تقدمًا وتطورًا بفضل الله، ثم دور خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين وإتاحة الفرصة أمام الجميع للعمل والإنتاج، مع حرية تداول المعلومات والبيانات والتجارة الحرة والمقننة وسهولة الاستثمار، فهناك ثورة اقتصادية شاملة تشهدها أسواق المملكة، وهذا يساعد رجل الأعمال على تحقيق الثروة والنجاح في ظل هذه النهضة الشاملة” .
مثابرة وجرأة
وطريق النجاح بحسب بن عودة هو العمل ثم العمل، ويضيف “أنا لا أتوقف عن العمل مهما حدث، وأرى أن الشخص الناجح يمتلك مجموعة من الصفات، مثل الإصرار، العزيمة، النزاهة، التحدي، الشجاعة، الاجتهاد، والمثابرة” ويرى أن هذه الصفات تساعده على الوصول إلى مرتبة الصدارة.
وعما يراه من فروقات تميز الجيل الجديد بالمملكة يقول: “أعتقد أن الفرق يكمن في أن الجيل الحالي أكثر تعلمًا وأكثر جرأة في استخدام التكنولوجيا، ولكن يجب أن يتم توجيهه بطريقة صحيحة مع المحافظة على أخلاقنا، ومبادئنا وأصولنا الشرقية والعربية والإسلامية”.
محبة الأسرة
يكشف بن عودة أن حياته الأسرية تقوم على المحبة المتبادلة، ويضيف “أتواصل مع أسرتي على مدار 24 ساعة وبشكل دائم، ونجتمع معًا باستمرار ونتبادل الأحاديث والآراء، وأحاول تحقيق توازن أسرتي ووقت عملي، وأقضي وقتًا كافيًا مع أسرتي حتى نشعر جميعًا بالأمان والمحبة”.
ويرى أن الحضور في المناسبات العائلية يدل على اهتمام الإنسان بالأسرة الصغيرة، وهذا ما يظهر الحب الحقيقي لهم من خلال التقدير، وتخصيص الوقت لهم، بحضور العطلات والليالي العائلية وهذه الأشياء مهمة.
ستكون هذه العلاقات أكثر أهمية عندما تضرب الحياة بقعًا صعبة لأي من أفراد العائلة”.
وعن اهتماماته يكشف أن هوايته المفضلة هي ركوب الدراجات النارية، ويضيف: أنا أعشقها كثيرًا وأتحين الفرصة دائمًا لممارستها باستمرار، ولذلك فقد قمت بتأسيس نادٍ خاص بهذه الرياضة بالمملكة، وأوجدت رابطة بينه وبين جمعية ملا الإبل الذي شاركت أيضًا في تأسيسه، وأحاول الاستفادة من هذه الرياضة للترويج لتجارة الإبل”.
نصائح للشباب
وعن نصيحة يتوجه بها لمربي الإبل الجدد، يقول “توكل على الله، وادخل المجال بقلب ثابت ويقين لا يلين، فإن لم تدخل فلن تستطيع الدخول بعد ذلك، فالعالم يتغير بسرعة، وقطاع الإبل من القطاعات المدعومة من الدولة، ويجب استثمار ذلك، والاستفادة منه في حياتك العملية” .
وفي كلمة أخيرة يقول: “كنت أتمنى أن أكون في مرحلة الشباب لمواكبة التطور والمشاركة في بناء الدولة الحديثة، التي يجري بناؤها الآن، كما أشكركم على الاستضافة، وأتمنى أن أكون ضيفًا مفيدًا للقراء، وأن أكون قد قدمت معلومات وبيانات مفيدة عن الإبل”.