ملحن مصري كبير، جمع بين موهبة التلحين والغناء وكان أشهر من قدم دور المسحراتي في شهر رمضان، قدم العديد من الأغنيات بصوته، كما لحن لعمالقة الغناء في مصر والعالم العربي وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم، تجلت عبقريته في شدة بساطته وعمق مصريته والتي استمدها من المدرستين الموسيقيتين اللتين كان ينتمي إليهما ونهل من علمهما وهما مدرسة سيد درويش التعبيرية ومدرسة زكريا أحمد التطريبية.
وُلد الموسيقار الكبير سيد مكاوي في يوم 8 مايو من عام 1926م في أسرة شعبية بسيطة في حي عابدين بالقاهرة، وفى الثانية من عمره فقد بصره إلى الأبد عندما أصيب بالرمد ولم تملك الأسرة ما يكفى للذهاب به إلى طبيب العيون، وكان كف بصره عاملا أساسيا في اتجاه أسرته إلى دفعه للطريق الديني بتحفيظه القرآن الكريم.
وفي سن الشباب أنطلق سيد مكاوي ينهل من تراث الإنشاد الديني من خلال متابعته لكبار المقرئين والمنشدين آنذاك وكان يتمتع بذاكرة موسيقية جبارة، وكان في بدايته مهتما أكثر بالغناء ويسعى لأن يكون مطربا وتقدم بالفعل للإذاعة المصرية في بداية الخمسينات وتم اعتماده كمطرب بالإذاعة وكان يقوم بغناء أغاني تراث الموسيقى الشرقية من ادوار وموشحات على الهواء مباشرة في مواعيد شهرية ثابتة، ومن المفارقات أن أول أغانيه الخاصة والمسجلة بالإذاعة لم تكن من ألحانه بل كانت من الحان صديقه الفنان عبد العظيم عبد الحق وهي أغنية “محمد” أما الأغنية الثانية فكانت للملحن أحمد صدقي وهي أغنية “تونس الخضرا” وهما الأغنيتين الوحيدتين التي غناهما سيد مكاوي من الحان غيره .
وفي منتصف الخمسينات بدأت الإذاعة المصرية في التعامل مع سيد مكاوي كملحن إلى جانب كونه مطربا وبدأت في إسناد الأغاني الدينية إليه والتي قدم من خلالها للشيخ محمد الفيومي الكثير من الأغاني الدينية مثل “تعالى الله أولاك المعالي” و”آمين آمين” وكانت بدايته مع الفنان محمد قنديل في أغنية “حدوتة” للشاعر صلاح جاهين رفيق كفاحه.
وقدم سيد مكاوي بعد ذلك العديد من الألحان للإذاعة من أغاني وطنية وشعبية فقدم لمحمد عبد المطلب أغنيتي “أتوصى بيا” و”قلت لابوكي عليكي وقالي” وكذلك أغنية “كل مرة لما أواعدك” والتي غناها سيد مكاوي في الثمانينات ونالت شهره واسعة إلى أن شاء القدر أن يحظى سيد مكاوي ببداية الشهرة الطاغية من خلال لحن للمطربة شريفة فاضل وهو “مبروك عليك يا معجباني يا غالي” واللحن الأشهر لمحمد عبد المطلب وهو “أسأل مرة عليه” والذي دوى في جميع أنحاء القطر المصري.
وبدأ تهافت المطربين والمطربات على الملحن سيد مكاوي كل يسعى للحصول منه على لحن فقدم للمطربة الكبيرة ليلى مراد “حكايتنا إحنا الاثنين” وللمطربة شادية “هوى يا هوي ياللي انت طاير” و”همس الحب يا أحلى كلام” و للمطربة شهرزاد لحن “غيرك انت ما ليش” و لنجاة الصغيرة “لو بتعزني” ولصباح “أنا هنا يا ابن الحلال” ولفايزة احمد “يا نسيم الفجر صبح” وغيرهم الكثير.
واقنع سيد مكاوي المسئولين بالإذاعة بضرورة تطوير شكل المسلسلات الإذاعية بعمل مقدمات غنائية لهذه المسلسلات فكان له الفضل الأول في وضع هذه القاعدة وقدم من خلالها عشرات المقدمات الغنائية لمسلسلات شهيرة، وأسندت إليه الإذاعة تلحين عدد من حلقات المسحراتي وأشترط أن يقوم هو بغنائها، وقرر سيد مكاوي الاستغناء نهائيا عن الفرقة الموسيقية وتقديم المسحراتي بالطبلة المميزة لتلك الشخصية.
وكما كان لسيد مكاوي الفضل الأول في وضع أساس لحني خاص لتقديم المسحراتي كان له أيضا الفضل في وضع أساس لتقديم الأغاني الجماعية بالإذاعة حيث كان أول من لحن أغاني المجاميع فقدم للشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل أغنية جماعية هي “آمين آمين يا رب الناس” وقد كان لسيد مكاوي اهتمام شديد بقضايا مصر وكذلك القضايا القومية للوطن العربي وشارك في الكثير من المناسبات القومية الهامة ففي أثناء عدوان 1956م على بورسعيد قدم سيد مكاوي أغنية جماعية كانت من عيون أغاني المعركة وهي أغنية “ح نحارب” وفي حرب عام 1967م قدم سيد مكاوي عقب قصف مدرسة بحر البقر أغنية “الدرس انتهى لموا الكراريس” للفنانة شادية وعقب قصف مصنع ابوزعبل قدم أغنية جماعية هي “إحنا العمال اللي اتقتلوا” والأغنيتان للشاعر العظيم صلاح جاهين.
و في عام 1969م اجتذب المسرح الغنائي هذا الملحن الموهوب فاشترك في أوبريت القاهرة في ألف عام والذي قدم على مسرح البالون من خلال الفرقة الغنائية الاستعراضية، وقدم العديد من الأعمال المسرحية أشهرها أوبريت “الليلة الكبيرة” والتي سبق تقديمها في نهاية الخمسينات للإذاعة كصورة غنائية وحقق هذا الاوبريت نجاحا غير مسبوق ما زال مدويا حتى الآن.
ومن أشهر أعمال الفنان سيد مكاوي أيضا الرباعيات التي كتبها صديقه الشاعر الكبير صلاح جاهين وغناها المطرب علي الحجار، ومن أشهر أعماله على الإطلاق أغنية ” يا مسهرني” التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم، ولحن أغنية أخرى لام كلثوم ولكنها توفيت قبل أن تغنيها وهي أغنية “أوقاتي بتحلو” وغنتها المطربة وردة الجزائرية، وقد توفي هذا المبدع في عام 1997م عن عمر يناهز السبعون عاماً.