المجلةابتكارات جديده

طواحين هوائية لا تدور.. تكنولوجيا مبتكرة لتحويل طاقة الرياح إلى كهرباء

يعود تاريخ الطواحين الهوائية إلى القرن السابع الميلادي، حيث اخترع الفرس طواحين ذات شفرات مستطيلة (من 6 إلى 12 شفرة) تحول طاقة الرياح إلى حركة دائرية، استثمر الفرس هذا النظام لطحن الحبوب ولضخ المياه من الأنهار إلى الخزانات.

أخيراً, وبعد ازدياد الطلب على الكهرباء وازدياد خطر الغازات الدفيئة على الطبيعة وعلى صحة الإنسان, ازداد الاهتمام بالطاقة المتجددة كالشمس والماء والرياح، ويُستخدم اليوم نظام الطواحين الهوائية لتحويل طاقة الرياح إلى كهرباء، والنظام الشائع هو الطواحين ذات ثلاث شفرات، حيث تثبت الشفرات على محور متحرك يتصل بعلبة مسنَّنات وتضرب الرياح الشفرات فينتج عن هذا الاصطدام قوتان: قوة في اتجاه المحور وقوة أخرى متعامدة عليه (بزاوية 90 درجة)، يلعب تصميم الشفرات دوراً مهماً في تخفيف القوة الأولى (غير النافعة) وتكبير القوة الأخرى، يدور المحور تحت تأثير القوة الثانية فتدور المسنَّنات المتصلة بمولد الكهرباء وهكذا تتحول طاقة الرياح إلى طاقة كهربائية.

 

 

ينتشر هذا النظام بشكل واسع في أرجاء العالم، وكما أن لكل نظام سلبيات، فإن سلبيات هذا النظام هي كفاءته المنخفضة, ونقصد بالكفاءة (Performance) هنا خارج قسمة طاقة الكهرباء الناتجة على طاقة الرياح، وهذه الكفاءة المنخفضة ناتجة عن ما يسمى بحد بيتز (Betz limit) إذ وجد هذا الفيزيائي الألماني سنة 1919 أن كفاءة الطواحين لن تتعدى مطلقاً (59.3%) في تدفق مفتوح (open flow) وذلك حتى لو كان مجموع الفقد (سواء أكان ناتجاً عن احتكاك أم عن حرارة أو أي شيء آخر) مساوياً الصفر، ولو أضفنا الطاقة التي لا بد من فقدها فإن الكفاءة سوف تنخفض إلى ما دون (45%) في أحسن الأحوال، ومن ثم كان لا بد من إيجاد نظام آخر يعمل بكفاءة أعلى.

 

 

يعمل النظام الجديد كما تعمل السفن القديمة، حيث تضرب الرياح الشراع فتتحرك السفينة، ويتكون النظام الجديد من ثلاثة نظم مترابطة: نظام هوائي، ونظام هيدروليكي، ونظام ميكانيكي، يتكون النظام الهوائي من مُستقبل على شكل صحن تضربه الرياح فيتحرك نحو الخلف تماماً كما يفعل شراع السفينة، يتصل هذا الصحن بنظام هيدروليكي يتكون من ثلاثة مكابس تُضغط في الاتجاهين  (double acting cylinders) فيتحول ضغط الهواء على الصحن إلى ضغط زيت في المكابس، تُثبت المكابس من جهة بقاعدة ثابتة وتتعلق بظهر الصحن من الجهة الاخرى، ويتصل النظام الهيدروليكي بنظام ميكانيكي يتكون من محرك يحول ضغط الزيت في المكابس إلى حركة دائرية في المحرك ومن ثم تتحول إلى كهرباء بواسطة مولد كهربائي، ومن أجل تأمين استمرار الحركة؛ تم وضع دولاب مجهز بشفرات صغيرة تحركها الرياح خلف الصحن على مستوى قاعدة المكابس، يُثبت الذراع من أحد الطرفين بالدولاب أما الطرف الآخر فينزلق على الصحن، يكون طول الذراع مصمماً حيث يكون قادراً على إعادة أحد المكابس إلى وضعية الراحة (لا ضغط) عندما يكون باتجاهه، وعندما يدور الدولاب يدور معه الذراع وينزلق على طرف الصحن ويعيد مكبساً آخر إلى وضعية الراحة، بينما يكون المكبس الأول قد عاد إلى وضعية الضغط بفعل ضغط الهواء على الصحن.

جرت محاولة خجلى لتنفيذ هذا النظام في كلية الهندسة بالجامعة اللبنانية سنة 2013 ووصلت الكفاءة النظرية إلى (80%) ولكن لم يُكتب لها الاستمرار وذلك لشَحِّ الموارد، ويجري حالياً العمل على تطوير هذا النظام في مختبر واحد في العالم- على حد علمنا- في تونس، يتميز هذا النظام بالإضافة إلى كفاءته العالية بتكلفته المنخفضة ومن الممكن أن يحتل مكاناً مميزاً مُستقبلاً بين أنظمة الطاقة المتجددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى