Table of Contents
من هو عاصي الرحباني
هو الإبداع في واحدة من أروع تجلياته، ظلت أعماله سراجاً، وجسراً يأخذنا إلى الجمال بأبعاده الحقيقية، والى الوطن في أحلى صوره، والى القيم الإنسانية في أعمق تجلياتها، وهو واحد من اثنين شكلوا في تاريخ الموسيقى العربية ما عرف بالأخوين رحباني.
ولد عاصي وهو الشقيق الأكبر لمنصور في بلدة أنطلياس بلبنان، في 4 مايو عام 1923م بينما ولد شقيقه منصور في عام 1925م وكان والدهما هو حنا إلياس رحباني.
في عام 1937م أصدر عاصي مجلة صغيرة أسماها “الحرشاية”، كان يكتب كل موادها بخط يده، ويوقع كل مادة باسم مختلف مدعياً أن ثمة أسرة تحرير تسهم في العمل، وفي صيف عام 1938م، حقق عاصي حلماً عزيزاً كان يراوده وهو اقتناء آلة موسيقية، فالفتى الذي لم يتح له شراء آلة موسيقية من قبل، كان مولعاً بالموسيقى.
متى بدا عاصي الرحباني مسيرتة
بدأت مسيرة عاصي ومنصور الفنية، في أنطلياس حيث أقام والدهما مقهى “الفوار” وكان مولعاً بالشعر والموسيقى يحفظ قصائد عنترة، وكان الولدان يسترقان السمع إلى الوالد عندما يعزف على “البزق” كما كانت تصل إلى مسامعهما أغاني سيد درويش ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم من “فونوغراف” المقهى، وبدا عاصي مبدعاً مبتكراً منذ طفولته، ويتذكر منصور أن عاصي كان يروي له أخباراً غريبة عن أناس لا يكبرون وعن عالم تسوده العدالة ويعيش فيه الناس بمحبة وطيبة، وكان الأخوان يحلمان بمسرح يزاوج بين الكلمة والأغنية، وهو الحلم الذي تحقق في ما بعد في المسرح الغنائي الذي أطلقاه والذي كان فريداً من نوعه.
كانت انطلاقة الأخوين رحباني في نادي انطلياس، حيث قدما حفلات فولكلورية ومسرحيات غنائية، وقد أسهم تجاوب أهل أنطلياس في تشجيعهما إلى حد كبير، وتلقى عاصي ومنصور أصول وقواعد الموسيقى العربية على يد الأب بولس الأشقر، وكان عاصي يتمرّن على آلة البزق الخاصة بوالده، وفي عام 1947م دخل الإذاعة اللبنانية كعازف كمان، وبعد ذلك بدأ يقدم 16 لحناً كل شهر مثل “حكاية القرية” وغيرها.
وفي الفترة نفسها تابع دراسة الموسيقى، فتلقّن أصول قواعد الموسيقى الغربية على يد الأستاذ الفرنسي الراحل برتان، ولم يلبث منصور أن تبعه إلى الإذاعة، وبدأت أعمال الأخوين رحباني تنتشر وتأخذ طابعاً حديثاً، وكان مدير الإذاعة اللبنانية في حينها المرحوم فؤاد قاسم، يحب الأغاني القصيرة، ويرى في التكرار مللاً، وقد كان في حينها تأثير الأغنية المصرية الطويلة طاغياً على الأغاني العربية، ومن هنا انطلق عمل الأخوين رحباني بأغاني قصيرة ، وكان عاصي يعتبر أن التكرار لا يعني الطرب، فالطرب هو الإبداع أو التفرّد بحد ذاته.
متى عمل عاصي الرحباني مع فيروز
وفي عام 1950م بدأ التعاون مع السيدة فيروز التي تزوجها عاصي في صيف 1954م لتبدأ مسيرة فنية جمعت ثلاثة عمالقة وصلوا بالفن اللبناني إلى القمة جمالاً ورقياً، وكانت له في ذاكرة الناس ووجدانهم آثار يصعب قياسها .
وأصيب عاصي في عام 1982م بنزيف حاد في المخ وأجريت له عملية ناجحة وكانت مسرحية “المحطة” أول عمل مسرحي له بعد الشفاء، وتوفي في 21 يونيو 1986م عن عمر 63 يناهز عاماً.
ومن أهم الأعمال التي أبدعها الأخوين رحباني: “أيام الحصاد”، “عرس في القرية”، “موسم العز”، “البعلبكية”، “جسر القمر” ، “عودة العسكر”، “الليل والقنديل”، “بياع الخواتم”، “دواليب الهوا”، “أيام فخر الدين”، “هالة والملك”، “جبال الصوان” “يعيش يعيش”، “صح النوم” ، “ناطورة المفاتيح”، “ناس من ورق”، “المحطة”، “قصيدة حب”، “لولو”، “ميس الريم”، “منوعات”، “بترا” ، “المؤامرة مستمرة”، “الربيع السابع” .
بالإضافة إلي لوحات مسرحية ومنوعات كثيرة خلال رحلات عديدة خارج لبنان على مسارح العالم، وعدد من الأعمال السينمائية مثل “بياع الخواتم” عام 1965م، “سفرلك” عام 1966م، و”بنت الحارس” عام 1967م، ومئات الحلقات التلفزيونية والإذاعية من برامج ومسلسلات ومنوعات وتمثيليات واسكتشات موزعة في لبنان والدول العربية بأصوات عشرات المطربين والمطربات.
وفاة عاصي الرحباني
في 21 يونيو 1986 توفي عاصي الرحباني عن عمر 63 عاماً، بعد أن أمضى عدة أسابيع في غيبوبة، وقد أعلنت البلاد الحداد إكرامًا له.
دُفن عاصي في بيروت الشرقية أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، ودعت الفصائل المتحاربة في المنطقة إلى وقفٍ لإطلاق النار حتى يتسنى لجنازته أن تمر عبر نقاط التفتيش دون أية عوائق.