مبدعونشخصيات فنية

شادي عبد السلام .. عاشق المومياء

مخرج سينمائي لامع، اشتهر في مصر والعالم بأسلوب متميز في الإخراج، اهتمم بشكل أساسي بالبحث عن شكل سينمائي مغاير من خلال العودة إلى أصول الفنون التشكيلية المصرية القديمة، عثر وهو يبعث الحياة في الروح المصرية القديمة على لغة جديدة مدهشة، عجيبة، وتحمل خصوصية خاصة.

ولد المخرج العبقري شادي عبد السلام في مدينة الإسكندرية في يوم 15 مارس من عام 1930م وتخرج من كلية فيكتوريا بالإسكندرية عام 1948م، ودرس فنون المسرح في لندن خلال الفترة من عام 1949م وحتى عام 1950م، والتحق بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة وتخرج منها عام 1955م، وأتاحت له تلك الفترة أن يكون تلميذا للمعماري الكبير حسن فتحي فعرف من خلاله الفنون الإسلامية.

بدأ شادي عبد السلام حياته الفنية مصمماً للديكور وعمل مساعداً للمهندس الفني رمسيس واصف عام 1957م ثم عمل مساعداً للإخراج في عدة أفلام كان أغلبها لمخرجين أجانب، وشارك شادي في الفيلم البولندي “الفرعون” من إخراج كافليرو فيتش ومن ثم نقطة البداية الحقيقية في مشواره الفني.

عمل شادي أيضا كمساعد مخرج في فيلم “وا إسلاماه” للمخرج اندرو مارتون، والفيلم الإيطالي “الحضارة” للمخرج ” روبرتو روسللين ” والفيلم الأمريكي “كليوباترا” للمخرج جوزيف مانكوفيتش، وقدم للسينما المصرية عدداً من الأفلام القصيرة الهامة ومنها فيلمه الرائع “الفلاح الفصيح” عام 1970م وهو مأخوذ عن إحدى البرديات الفرعونية القديمة والمعروفة باسم “شكوى الفلاح الفصيح”، وقد فاز الفيلم بجائزة “السيدالك” في فينسيا في نفس العام.

وأخرج شادي عبد السلام أيضا أفلام “جيوش الشمس” عام 1974م  وفيلم” كرسي توت عنخ آمون الذهبي” وفيلم “الأهرامات” و”ما قبلها” عام 1984م، وفيلم عن “رع رمسيس الثاني” عام 1986م، وترك شادي عبد السلام بصمته على ديكور وملابس الأفلام التي شارك فيها والتي كان أهمها الفيلم التاريخي الكبير “الناصر صلاح الدين”.

وظل شادي عبد السلام يبحث عن التاريخ الغائب وعن الهوية وعن الجذور وقد أحب التاريخ الفرعوني وأراد أن يوظفه من أجل بعث الهمة في روح الشعب المصري، وأراد أيضا أن يستخلص منه دروساً تفيد الأجيال القادمة من خلال تعميق فكرة الانتماء لديهم وربطهم بماضيهم وحضارتهم وجذورهم.

ومن ثم كان  فيلمه الكبير “المومياء” عام 1968 ـ 1969، وهو الفيلم الذي تفخر به السينما العربية وحصل على العديد من الجوائز عن هذا العمل، ومشروعه الكبير الثاني – والذي لم يرى النور حتى الآن – وهو فيلم “مأساة البيت الكبير” أو كما عرف باسم “إخناتون” نسبة إلى الشخصية المحورية فيه شخصية إخناتون  وقد ظل يعيد في كتابته عشر سنوات، وأثناءها قام بإعداد تصميمات وديكورات الفيلم بالإضافة إلى الأزياء والإكسسوارات الخاصة بالفيلم، وقد قدمت له عدة عروض لإنتاج الفيلم ولكنه رفضها جميعا حيث كان يرفض المنطق التجاري من أساسه، وسعى إلى أن تقوم وزارة الثقافة بإنتاج الفيلم الذي يتطلب تكلفة إنتاجية عالية لكن جهوده باءت بالفشل.

عمل شادي عبد السلام مديراً لمركز الأفلام التجريبية بوزارة الثقافة في عام 1970، وفي الفترة مابين عامي 1974م و 1980م قام بإخراج أربعة أفلام تسجيلية قصيرة، بدأها مباشرة بعد استلامه لرئاسة مركز الفيلم التجريبي التابع لهيئة السينما، وهي “آفاق 1974” وهو نموذج لأوجه النشاط الثقافي المختلف في مصر، وفيلم “جيوش الشمس 1976” ويتناول العبور وحرب أكتوبر 1973م، ثم فيلم عن إحدى القرى الصغيرة التي تقع بالقرب من معبد “أدفو” الفرعوني في أسوان. كذلك قام بعمل فيلم مدته ثلاث دقائق ونصف عن ترميم واجهة بنك مصر.

وفي أكتوبر من عام 1986م توفي هذا الفنان العبقري قبل أن يتم أحلامه للسينما والفن والتي بدأها برائعته”المومياء” الفيلم الذي نال إعجاب العالم كله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى