عبد الرحمن الكواكبي (1854 – 1902 م) علامة سوري .. عاش 59 عاما دون أن يطمح إلى مال أو جاه ولكنه قنع بعلمه وشجاعته ويقظة ضميره .. ولد في حلب بسوريا لعائلة ذات شأن كبير في حلب، والده هو احمد بهائي بن محمد بن مسعود الكواكبي، والدته السيده عفيفة بنت مسعود ال نقيب وهي ابنة مفتي انطاكية في سوريا .
Table of Contents
الكواكبي ودراسة الشريعة
درس الكواكبي الشريعة والأدب وعلوم الطبيعة والرياضة في المدرسة الكواكبية التي تتبع نهج الشريعة في علومها، وكان يشرف عليها ويدرّس فيها والده مع نفر من كبار العلماء في حلب .
كما انه لم يكتفِ بالمعلومات المدرسية، فقد اتسعت آفاقه أيضا بالاطلاع على كنوز المكتبة الكواكبية التي تحتوي مخطوطات قديمة وحديثة، ومطبوعات أول عهد الطباعة في العالم ، فاستطاع أن يطلع على علوم السياسة والمجتمع والتاريخ والفلسفة وغيرها من العلوم .
الكواكبي وبداية العمل الصحفي
بدأ الكواكبي حياته بالكتابة إلى الصحافة وعين محررا في جريدة الفرات التي كانت تصدر في حلب، وعرف الكواكبي بمقالاته التي تفضح فساد الولاة .
أصدر الكواكبي صحيفة “الشهباء” (عام 1877) وهي أول صحيفة تصدر باللغة العربية وقد صدرت في حلب وسجلها بأسم صديقه كي يفوز بموافقة السلطة العثمانية ايامها وبموافقة والي حلب، لم تستمر هذه الصحيفة طويلا، إذ لم تستطع السلطة تحمل جرأته في النقد، فالحكومة كما يقول الكواكبي نفسه “تخاف من القلم خوفها من النار”. بعد أن أحس أن السلطة تقف في وجه طموحاته،
انصرف إلى العمل بعيدا عنها، فاتخذ مكتبا للمحاماة في حي (الفرافرة) – (إحدى أحياء مدينة حلب) قريبا من بيته، كان يستقبل فيه الجميع من سائر الفئات ويساعدهم ويحصل حقوق المتظلمين عند المراجع العليا ويسعى إلى مساعدتهم، وقد كان يؤدي عمله في معظم الأحيان دون أي مقابل مادي، حتى اشتهر في جميع انحاء حلب بلقب (أبي الضعفاء).
مناصب الكواكبي
تقلد عبدالرحمن الكواكبي عدة مناصب في ولاية حلب فبعد ان عين عضوا فخريا في لجنتى المعارف والمالية ، عين مديرا رسميا لمطبعة الولاية، رئيسا فخريا للجنة الاشغال العامة في حلب وحقق في عهده الكثير من المشاريع الهامه التى افاد بها حلب والمناطق التابعة لها وفي 1892 عين رئيسا لبلدية حلب .
استمر الكواكبي بالكتابة ضد السلطة التي كانت في نظره تمثل الاستبداد ، وعندما لم يستطع تحمل ما وصل اليه الامر من مضايقات من السلطة العثمانية في حلب التي كانت موجوده انذاك، سافر الكواكبي إلى الهند والصين وسواحل شرق اسيا وسواحل افريقيا وإلى مصر حيث لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان عبد الحميد، وذاع صيتة في مصر وتتلمذ على يدية الكثيرون وكان واحدا من أشهر العلماء .
طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
ولقد عالج مسألة الاستبداد والحكم المطلق في كتابه “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد“، و حاول أن يتخيل جامعة إسلامية قائمة على أسس حديثة تشبه إلى حد بعيد المنظمات الإقليمية الحالية وذلك من خلال مؤتمر يبحث حال المسلمين و دينهم، فكان كتابه الثاني “أم القرى”.. وقد عرف منها كتب “صحائف قريش، العظمة لله، أمراض المسلمين والأدوية الشافية لها؟ أحسن ما كان في أسباب العمران وماذا أصابنا ؟ و كيف السلامة ؟”.
ما زال ميراث الكواكبي يحظى بالاهتمام من خلال حساسيته لموضوع الديمقراطية وهجومه الفكري على مفهوم السلطة المطلقة. وهو في بحثه عن طليعة تقود الأمة بالفكر و بالحكمة و العلم و المعرفة بعيداً عن كل أشكال التشويش و المداهنة يتوجه إلينا قائلاً : “ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس و يرفعون الالتباس و يفكرون بحزم و يعملون بعزم و لا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون”.
وقد قتل مسموماً مساء الخميس 6ربيع الأول 1320هـ /14 يونيو سنة 1902 م على أيدي عملاء السلطان عبد الحميد الذين سرقوا ما احتواه منزله في القاهرة من كتب و مخطوطات كان يحضر لنشرها وقد دفن بمقابر باب الوزير بالقاهرة ولا يزال ضريحه هناك وقد كتب على قبره قول شاعر النيل حافظ إبراهيم :
هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى
هنا خير مظلوم هنا خير كاتب
قفوا واقرأوا أم الكتاب وسلموا عليه
فهذا القبر قبر الكواكبي ..
محمد سيد بركة